9 أبريل، 2024 4:10 ص
Search
Close this search box.

ذكريات شهيد

Facebook
Twitter
LinkedIn

وجدت نفسي هنا وحدي معي مجموعة، من الاصدقاء الذين كانوا معي في المعركة، كانت اقل ما اقول عنها الجحيم! نفذ كل ما لدينا من ذخيرة، كان القناص ينتظر رؤوسنا في كل لحظة نريد ان نسترق فيها النظرلرؤية المساعدات القادمة، ونحن خلف ساتر صغير، نعم لقد حوصرنا انا ومجموعتي، كنا عشرة اصغرنا بعمر العشرين واكبرنا بعمر السابعة والعشرين، كانت المجموعة اغلبها ممن لديهم عوائل، كنت انا متزوج لدي طفلان صغيران، فعندما استشعرنا بقرب الموت منا، انتهى كل شي في نفوسنا، نعم اننا ميتون لا محالة.
بدا كل شاب فينا بسرد ذكرياته مع عائلته، ولما حان دوري في سرد ذكرياتي بدات باولادي فطفلي الاكبر ذات ثلاث سنوات والثاني كان عمره سنتان فقلت يا الله انهما مزروعان في قلبي، تذكرت كيف كنت العب معهما، ذهبت بتفكير بعيد كيف سيكبران، سيدخلان المدرسة، مرت الكثير من الحوادث بمخيلتي، فقلت من سيتكفل بهما فاجابني احد الاصدقاء الله سيتكفل بكل شئ، فنحن هنا جئنا بسبب عقيدتنا، فلا تقلق! فاجبته لقد اتيت بسبب ضنك المعيشة! فانهم لم يبقوا لنا شئ نعتاش منه وسدوا الطرق علينا فكنا محاصرين في معيشتنا كما نحن محاصرين من الدواعش الانذال الان.
مرالوقت وكنا نتحدث فجاءت سيرة الامهات فقلت لهم ان لدي لؤلؤة مكنونة، لقد اذيتها كثيرا بمقدمي لهذا المكان ومرضت بسببي، لا ادري كيف سيكون وقع خبر موتي على مسامعها، يا الله ما فعلت بنفسي وعائلتي، بدات الدقائق تعادل الكثير من الساعات! وهي تمر ببطئ ونحن نرثي احدنا الاخر كان اكثر ما يؤلمني الصور التي كنت احملها في جيبي، كلما انظر اليها وضحكات اولادي فيها، اشعربسيوف تقطع قلبي فصور احبائي امي ..زوجتي ..اولادي .. اخوتي يا ربي ما فعلت انا بنفسي وبهم!
اصبحت الصورة مسرعة جداً .. الزمن كان يتغير كل دقيقة .. وكل شيء يتغير ..حتى ملامحنا انا ومجموعة الجنود الذين معي تغيرت في لحظات فاصبحت ملامح وجوهنا الشابة تشبه ملامح رجل طاعن في السن .. وفي زحمة الحركة والصورة المشوشة ..واذا بدوي سيارات ثقيلة وكانها همرات الدواعش نعم انها تقترب بشكل كبير منا، فبدانا نتشهد وقلنا في انفسنا انها لحظاتنا الاخيرة والدموع تملئ عيوننا، نعم لقد انتهينا وفي نفس الوقت نقول كلشئ بامر الله! ثم فتح ضوء من خلف الساتر قوي حيث كان الظلام حالك واذا بضوء مصباح في وجوهنا وكان يحمله شخص لم نستطع تمييز شكله فقال، (الله يكويهم) فعرفنا انه عراقي فوقفنا جميعنا والدموع في عيوننا فقلت له يا الله.. الحمد لله ..بدانا تارة نضحك وتارة نبكي وقلنا (طلعونا من هذا الجحيم الله يرضى عليكم) وعندما اصبح الفجر كنا نائمين في سامراء وفطرنا في مضيف الامام الهادي ورجعنا بعدها الى بيوتنا وسردت جميع ما حدث لنا الى زوجتي واولادي وكانت امي تنظر لي بقلب مجروح فقالت لي: هل ستذهب مرة اخرى ؟ فنظرت اليها وقلت لها يا امي انها المعيشة واذا الله كاتب لي عمر فسيكون ما يريده الله.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب