ذكريات الايام الخوالي :
استاذي البيت ( الملك ) يعني الارض و الاساس و السقف ..!
عام 1977 وبالتنسيق بين وزارتي الاسكان والتعمير و الثقافة والاعلام اعلن عن مشروع بناء عمارتين سكنيتين لمنتسبي الوزراة الثانية وفي ضوء هذا تم تعميم كتاب على مؤسسات الثقافة والاعلام لاطلاع منتسبيهم لمن يرغب في تمليك شقة سكنية مقابل دفع اولا 3 دنانير رسم تنظيم معاملة ‘ كنت في تلك الفترة سكرتير تحرير صحيفة ( هاوكاري )فارسلت الادارة لي نسخة من الكتاب لتعميمه على منتسبي الصحيفة ليسجل من يرغب اسمه ‘ كلفت (عم محمد) المنتسب بعنوان ( فراش – معين )(1) بايصال التعميم الى المنتسبين واعادتة ‘ بعد فترة اعاد لي التعميم و سألني عنة وعن محتواه و تعميمه وهل يشمله هو ايضا ؟ قلت له ولماذا لا ؟ انت منتسب رسمي ‘وانت ساكن ايجار انشاء الله تصبح صاحب ملك واذا ترغب سجل اسمك ‘اقتنع و وقع وطلبت منه اعادة الكتاب الى الادارة …!
أعتقد مر يومين او ثلاثة والحقيقة لااتذكر كم من المنتسبين من مؤسستنا وقع بالموافقة على الكتاب ‘ جأني عم محمد وسألني : المساحة المخصصة لنا في العمارة والتي تصبح ملكنا ‘ بيت ؟ اجبته طبعا تكون ملككم ولكن ليس البيت بل الشقة ..! شعرت بعدم وضوح جوابي عنده ‘ فقمت و اخذت بيده وخرجنا من غرفتي الى صالة الاستقبال ضمن الشقة التي فبها مكتبي وهناك قلت له : سيكون ملكك مثل هذه البناية ‘ هنا صالة و هنا غرفتين للنوم ‘ وامامك مرافق و المطبخ ‘ بشكل من الاشكال فهمت من ردة فعلة انه لو لم يعجبه الشرح او لم يفهمه …! ووجه لي سؤال غريب : استاذ اين ارض البيت الذي يكون ملكي ؟ اجبته راسا : هو المكان الذي نحن واقفين علية …!! ‘ قال لي استاذ هذه ليست ارضي هي سقف شقة التي تحتنا …!! وسطح ملكي ملكيته لشقة التي فوقنا لانه سقف شقته ..!!
استغربت من تفسيره لملكية الشقة و اعتبرته ايضا ان شرحه صحيح لمعنى امتلاك الشقة ‘ وسؤاله مشروع عندما قال : أريد أعرف في الشقة التي ستكون ملكي اي مساحة على الارض تكون ملكي ؟ نظرت بتمعن لوجه عم محمد رايت ينظر يمينا وشمالا باحثا عن الجواب وعندما شعر انني انظر اليه بدهشه ‘تنفس بعمق و وصف اصدق وصف للملك ( بناء .. بيت يأوي هو واسرته ) وقال :
-سيدي ( البيت ) يعني الارض و تثبيت الاساس و حياطين وسطح تسطتيع ان يصعد صاحبه على سطحها وتنظر الى السماء بحرية ‘ أما هذه الشقة فقط تصلح ان تأويني كما كنت مؤجر بابي مغلق واكل فيها وانام كما يحصل في الفنادق .. ياملك يا استاذ فوقك سقف غيرك و سطح ايضا سقف لاخر ….‘ سكت برهه وسألني : استاذ ماكو مانع اطلب من الادارة شطب اسمي و ثلاث دنانير ما اريده حلال عليهم ….!!
رجعت لغرفتي و اتصلت بالادارة طالبا منهم اذا لم يرسلوا بعد الكتاب الى الاسكان حذف اسم عم محمد واعادة 3 دنانير الرسم له .
اتذكر هذه الحكايه وتفاصيلها كلما اسمع ( المسؤولين الكبار ) لكثير من الدول ذات السيادة في هذه المنطقة ( تعبانه كلش ..!! ) يتحدثون عن التمسك بالسيادة وعدم السماح لاي كائن من كان يتدخل في شؤونهم ويمس سيادتهم ارضا ودولة و شعبا و حدود و ….ألخ بل ان بعضهم يهدد بقطع يد اي جهه خارجية اذا تدخل في شؤونها الداخليه والعالم يرى ان اكثر من جهة خارجية تكره شعبه ويسرق ثروات ارضة وفقط ينسحب من ارضهم لايدوم وجودهم و سيادتهم يوما واحدا .وهم واثقون لهم كل شيء عدا السيادة والمنتشر على ارضهم فقط الفساد …!!! ووضعهم هذا حقيقة بحيث حتى مواطنيهم يشعرون بالغربة ولاحول لهم ولا قوة واقعين تحت ظاهرة امر الاختيارين اما السكوت القاتل او الهروب الى اي زاوية في العالم لايبقى لوطنهم غير استذكارات مره …. وأنا لله وانا اليه راجعون ‘ و اتذكر دائما اخر وصف لعم محمد لمعنى ( الملك – البيت ) بمعنى السيادة :
سيدي الملك ( البيت ) يعني الارض و الاساس المبني عليه حياطين البيت و له سطح انت صاحبه وتصعد اليها لتنظر بحرية الى سماء الوطن …
أخر الكلام :
لا تجدي السلطة دون هيبة، ولا الهيبة دون البُعد./ شارل ديغول
………………………………………………………
معلومه : لان كلمة (فراش) كانت ضمن كلمات أو عناوين او مهن ‘ تعتبر من كلمات او اسماء دونية او قليلة الاحترام في العلاقات الاجتماعية ‘ ولان الدولة في تلك الحقبة تخطو خطوات تنظيم عناوين منتسبيها كدليل على اهتمامها بتاثير نفسي اجتماعيا وانسانيا ‘صدر قرار ملزم بتغير هذا العنوان الوظيفي ( فراش ) الى عنوان ( معين ) وكطرافة وضمن ذكريات تلك الايام اروي للقراء هذا الحدث :
( كان احد منتسبي مؤسستنا قبل القرار عنوانه فراش ‘ وبعد القرار اصبح عنوانه معين ‘احد الزملاء تكلم معه بخشونه ‘ فانفجر هو ايضا بوجه الزميل قائلا له : لاتصيح علية انا مومثل الاول فراش ‘ حالي حالك منتسب بعنوان معين …..!!!