23 ديسمبر، 2024 5:43 ص

ذكرى مأساة الملجأ رقم 25 وعيد – النفتالين – في بلاد ما بين النارين !

ذكرى مأساة الملجأ رقم 25 وعيد – النفتالين – في بلاد ما بين النارين !

من المفارقات العجيبة أن يحتفل العراقيون سنويا بـ”عيد الحب”بعد يوم واحد فقط من الصمت شبه المطبق وعلى الصعد كافة إزاء الذكرى السنوية الأليمة لـ”هيروشيما بغداد” أو “مأساة الملجأ رقم 25” الشهيرة بمجزرة ملجأ العامرية،والتي لم ترفع بشأنها أية دعوى قضائية حقيقية وفاعلة ضمن السياقات المعروفة في المحاكم الدولية بحق مرتكبيها لملاحقتهم قضائيا على حد علمي حتى كتابة السطور،ولمن لايعرف الملجأ رقم 25 أقول إنه ملجأ يقع في حي العامرية بكرخ بغداد،وكان مجهزا ضد الضربات الكيميائية والبايولوجية ومحصنا ضد الإشعاعات النووية، قصف هذا الملجأ أثناء حرب الخليج الثانية وبداخله مئات المدنيين العزل من أبناء المنطقة في إحدى الغارات الأميركية في جريمة ضد الإنسانية لن تسقط بالتقادم بتأريخ 13 / شباط / 1991 وذلك بطائرتين حربيتين من طراز أف/ 117 نايت هوك،تحملان قنابل ثقيلة موجهة ومخصصة لتدمير الملاجئ الحصينة ما أسفر عن استشهاد أكثر من 400 مدني عراقي أغلبهم من النساء والأطفال وكلهم من المدنيين العزل بعد أن تحصنوا داخل الملجأ لتفادي القصف الاميركي الهمجي على بغداد وقد أحرق الأخضر واليابس منذ ذلك الحين والى يومنا المعاش هذا !
اقول وبعد صمت القبور إزاء الجريمة البشعة اياها واذا بمخلوق شارك ليلة أمس ونهار اليوم في دكة عشائرية بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في صراع محموم بين بعض العشائر العراقية على مزارع المخدرات وعائداتها المليارية ومن ثم اشترى دبا أحمر للاحتفال بعيد الحب العالمي …واذا بمخلوق آخر أطلق عشرات العيارات النارية من مسدسه غير المرخص بما يعرف بالسلاح المنفلت والمؤدلج والموازي في عراضة عشائرية جرى العرف الفاسد أن يطلق فيها المشاركون من الرصاص الكثيف والمخيف ما يكفي لتحرير فلسطين من براثن الكيان الصهيوني المسخ غير آبه بالرعب الذي يسببه لأبناء المنطقة وفيهم كبار السن والمرضى والمقعدين، ولا بسقوطها على رؤوس الأبرياء فتقتلهم أو تصيبهم بجروح خطيرة وبعاهات مستديمة ثم اشترى قلبا أحمر بمناسبة عيد الحب…وشَى كذبا بجاره المسكين البريء ولفق له تهمة كيدية بصفته -مخبر سرسري – وقبض الثمن ثم خرج ليشتري قالب كيك على شكل قلب مصنوع من الكاكاو بمناسبة عيد الحب .. علق ابنه الاصغر بالمروحة وأخذ يضربه ويركله بعنف – وين ما يوجعك -تحت تأثير المسكرات ثم أخذ ينظم قصائد في العشق والمحبة بمناسبة عيد الحب …سرق دراجة صديقه العزيز خلسة تحت جنج الظلام وبتأثير المخدرات وهو يرتدي النظارة السوداء والكليتة والكمامة ويسلط الليزر على كاميرات المراقبة حتى لاتكشفه ومن ثم انبرى ليحتفي بعيد الحب ، داعيا للحفاظ على أواصر المحبة والاخوة والصداقة بمناسبة عيد الحب ..عق أمه وأباه ثم خرج ليتنزه مع أصدقائه بمناسبة عيد الحب .. طلق زوجته المسكينة التي عاشت معه دهرا بحلوه ومره ثم خرج كالحمل الوديع ليتسكع بمناسبة عيد الحب ويبحث عن إمراة أخرى تمهيدا لطلاقها في الفالنتاين المقبل…سب وشتم ،طعن وقذف ، إغتاب ونم ،حرض وظلم ثم سهر الليل بطوله يراسل بنات الناس ويغدق عليهن َّ تهانيه الحارة عبر الأنترنت بمناسبة عيد الحب ..حطم وكسر ، عبث ودمر ، ثم خرج هادئا ليحتفل بعيد الحب ويوزع الابتسامات والورود الحمراء ذات يمين وشمال بمناسبة عيد الحب ..إختلس واستهتر، خطف وهجر ، خاصم وفَجَر ، عاهد وغدر ، ثم تحول الى شبه ملاك فوق رأسه هالات القديسيين وعلى حين غرة في ليلة عيد الحب ..انه عيد بغض وكره وحقد بإمتياز، وليس عيد حب بالمرة في بلاد ما بين “النارين” …!
كنت أتصبب عرقا لفظاعة ما أرى ولهول ما أسمع من أحقاد طائفية ونزاعات عشائرية وعنف أسري ومواجهات سياسية وصراعات قومية شبه يومية على مواقع التواصل الاجتماعية بين مختلف المكونات والأعراق تغذيها دول اقليمية قريبة ومجاورة ، وأخرى بعيدة لئيمة ومناورة ، وإذا بالتهاني والتبريكات تنهال على هاتفي المحمول اضافة الى حسابي على الفيس فضلا عن الياهو والجي ميل والتليغرام وتويتر بمناسبة عيد الحب -النفتالين -عفوا ”الفالنتاين” .
الحقيقة لقد تأملت طويلا في رقعة جغرافية تمتد من المحيط الى الخليج لاتكاد تجد للحب الأخوي والانساني والرحماني فيها مكانا مناسبا ومقاما مرموقا بينما نحن أمة الحب الحقيقي لا الحب النفتاليني المزيف ..أمة الحب الملائكي الذي قال فيه الباري عز وجل في محكم التنزل :”قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ “…حب رحماني لا غرائزي ولا عبثي ولا فوضوي،قال فيه رسول الحق وحبيب الخلق صلى الله عليه وسلم “لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم”، ولن تجد حبا عفيفا طاهرا بعيدا عن الانانية والفردانية والعنصرية بين الشعوب والحكومات والدول الشرق اوسطية الا لماما، ولا أدل على ذلك من حجم الاحقاد وكم الكراهية وتسونامي التحريض المتواصل بينها الى حد الاقتتال الدامي والمقاطعة والحصار واباحة الاستعانة بالغزاة والمستدمرين ضد بعضها بعضا وعلى مدار الساعة،بما تحول بمجمله الى مادة دسمة تبث عبر الفضائيات ومواقع التواصل ومنصات الاتصال وسط دخان حروب وبراميل دمار متفجرة تكاد لاتتوقف ولأسباب شتى يأتي في مقدمتها بعدنا عن الدين ولهاثنا خلف ايدولوجيات -الوحل والطين – ،رقعة تعاني من “عقدة الخواجة “التي وصفها النبي الاكرم صلى الله عليه وسلم بقوله :” لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ” قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى ؟ ،قالَ” فَمَنْ” ، فعقدة الخواجة تلك تتمثل بمحاولة تقليدنا واستنساخنا لشرور الغرب تقليدا أعمى لا مكان فيه للعقل ولا للمنطق ولا للضمير ، تقليد لا فسحة فيه للحكماء والعقلاء، حتى انهم لو تعروا في الشوارع لقلدناهم من فورنا وتعرينا امثالهم، ولو انهم تسافدوا في الطرقات كالبهائم لتسافدنا مثلهم ، ولو انهم احتفلوا بعيد مخترع لا أصل له ولا فصل حتى في كتبهم المقدسة وفي شريعتهم ولو كانت جذوره وثنية بحتة لقلدناهم واحتفلنا معهم وعلى نحو ما يصنعون، لقد صرنا تماما كالامعات مع الفارق لأن من صفات الامعات”انهم يحسنون اذا أحسن الناس،ويسيؤون اذا اساؤوأ”الا اننا فقنا الامعات انحطاطا وتبعية وصرنا ذيولا للذيول،واذنابا للاذناب وبتنا الا ما رحم ربك” نسيء اذا ما اساؤوا،الا انهم اذا احسنوا خالفناهم فأسأنا وعن إحسانهم أعرضنا” أو كما يقول المثل البغدادي (تريد أرنب أخذ ارنب ، تريد غزال أخذ ارنب ) نحن لانقلد الغرب بثقافته ولا بعلومه ولا بصناعاته ولا بزراعته ولابجامعاته ولاببنائه ولابإعماره ولابجده ولا بمثابرته مطلقا، نحن نقلد مساوئه وآثامه وفجوره وانحطاطه فحسب حذو النعل بالنعل ،ففي جزء من هذه الرقعة الجغرافية كالعراق مثلا وكما أكدت ذلك منظمة اليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هناك طفل واحد من بين كل أربعة أطفال يعيش في حالة فقر، بينما يحتاج أربعة ملايين طفل منهم للمساعدة العاجلة، وأن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية بلغ 8.7 مليون شخص” بينما ترى عشرات الالوف من العراقيين – الذين يتنابزون يوميا من منطلقات طائفية مقيتة عبر دوامة من أحقاد زرعوها فينا وأصَّلوا لها بيننا على غير سبق مثال لضمان تفرقنا وتشرذمنا وإحترابنا تمهيدا لانقسامنا وتقسيمنا ،وقد اعدوا عدتهم لإهدار اموالهم على الدببة والقلوب الحمراء والزينة والكيك والحلويات والعصائر والهدايا واطلاق الالعاب النارية بمناسبة الحب وعيده المزعوم – وووولك هذا ياحب اللي جاي تقول عليه ..ووولك انت عارف قبلا معنى الحب ايه ؟!- في اميركا ينفق كل واحد من المحتفلين بعيد الحب هناك ما بين 160 $- الى 280 $ للشخص الواحد ،اما قيمة شراء الحيوانات الاليفة في هذا العيد البليد فتصل الى 886 مليون دولار ،بينما تصل قيمة شراء المصوغات والحلي والمجوهرات الى 3.9 مليار دولار!، ولايختلف الحال كثيرا في عموم اوربا فهل هذا عيد يستحق التقليد أيها العبيد ؟!
هذا العيد – النفتاليني الجنساني – ببساطة كان قد إخترع أسطورته بعض الكهان والنساك ممن أرادوا تغليف الأعياد الرومانية بمسحة نصرانية كي لايصبح وجودهم ثقيلا بين الوثنيين الرومان فقاموا بإبتداع مجموعة من الأعياد في ذات التوقيتات القديمة ووفق الروزنامة التي كان الوثنيون يحتفلون بها تماما ، واخترعوا لها قصصا رومانسية ذات بعد “تيوصوفي ” نحو التي يعرفها الناس اليوم بشأن الفالنتاين والهالوين وغيرها من الاعياد والمناسبات وكلها ﻻ أساس لها من الصحة ، والحقيقة أن عيد الحب هو عيد وثني لمايسمى بآلهة الحب – كيوبيد –ابن آلهة الجمال فينوس على حد زعمهم ، والذي يحمل سهما لايصيب به قلبا إلا وأوقعه في الحب كما في الأساطير الرومانية القديمة ..هذا العيد الوهمي الذي يشجعه التجار منذ عقود لحصد أرباح خيالية من بيع الدببة والقلوب والورود الحمراء وبعض الإكسسوارات والحلويات وإقامة الحفلات والمهرجانات الخاصة والعامة بالمناسبة بما يوازي 18.2 مليار دولار فقط في الولايات المتحدة ، العيد الذي تستشري فيه كل أنواع الموبقات والرذائل والجرائم الجنسية بدءا بالتحرش الجنسي والمخدرات والخمور وانتهاء بالاغتصاب حتى أن ثلة من الشباب اﻷميركي اخترعوا عيدا في اليوم الذي يليه 15 شباط أطلقوا عليه ” عيد العزوبية ” إحتجاجا على ما يجري في عيد – النفتالين – وهذا الإسم الذي أفضل إطلاقه عليه ، من تبذير وإسراف وإرتفاع في معدلات الكآبة والانتحار لاسيما بين أولئك الذين لايجدون الحب وﻻ الحبيب في ذلك اليوم ، مع ارتفاع نسب الطلاق الى ارقام خيالية بعد أيام منه كما تشير الاحصاءات اﻷخيرة اليه ” زوج يكتشف عن طريق الصدفة بان زوجته قد ارسلت رسائل حب الى رجل آخر بمناسبة عيد الحب = طلاق …زوجة اكتشفت ان زوجها الذي – قشرمها بدب ووردتين حمراوين بالمناسبة قد بعث بعشرين دبا وعدة طاقات من الزهور الحمر مع توزيع القلوب عبر حساباته الى العديد من النساء الاجنبيات بإعتباره دون جوان وكازانوفا المنطقة = طلقني والى اهلي الان الان وليس غدا مع شنطة الهدوم بإنتظار مؤخر الصداق ..رجعني !!”.
في هذا اليوم ينتقل من عدوى اﻷمراض الجنسية حول العالم ما يفوق بقية اﻷيام بعشرات المرات بحسب الاحصاءات الطبية ” بدءا بالايدز وليس انتهاءا بالسفلس والسيلان ” ناهيك عن الحمل غير الشرعي والاجهاض والخيانات الزوجية والتحرش والاغتصاب وانتهاك الحرمات وهتك الاعراض وتعاطي المخدرات وإحتساء الخمور بكل أنواعها والحوادث المرورية تحت تأثير المسكرات وغيرها الكثير !
نعم لقد قالها الحبيب الطبيب الذي لاينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى، صلى الله عليه وسلم : ” لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها ، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا”، وقوله صلى الله عليه وسلم في تكملة الحديث ” ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا” .
وهذا – النفتالين – أو عيد الحب كما يسمونه تعود اسطورته بحسب المتعارف عليه الى العام 269 بعد الميلاد ,وتحديدا الى القس فالنتاين الذي كان يعيش في مدينة روما الواقعة تحت حكم الامبراطور الروماني كلاوديس الثاني وإذ كانت الوثنية سائدة عند الرومان آنذاك فيما كان القس المذكور يدعو الى النصرانية ما تسبب بإعدامه .
الا ان رواية أخرى تزعم، أن ” الإمبراطور أكتشف أن العزاب أشد صبراً وثباتا في الحرب من المتزوجين فأصدر أمراً يمنع بموجبه عقد أي قرآن ، غير أن القسيس فالنتاين عارض هذا الأمر واستمر بعقد الزيجات في كنيسته سراً حتى اكتشف أمره فأمر الامبراطور بإعتقاله و إعدامه
وفي السجن تعرف فالنتاين على إبنة لأحد حراس السجن وكانت كفيفة فطلب منه أبوها أن يشفيها بدعائه فشفيت ووقع في غرامها ، وقبل أن يعدم في 14 شباط أرسل لها بطاقة مكتوباً عليها (من المخلص فالنتاين) وهكذا أصبح هذا اليوم من كل عام مناسبة له ،حقا ما قالته ثومة “هل الرأى الحب سكارى -وحيارى- مثلنا؟الجواب مؤكد لا !
الحب الحقيقي هو أن تحب للناس ما تحبه لنفسك ، أن تبر بأبويك ، ان تحترم زوجتك وتكرمها ،أن تحنو على أطفالك وتحسن تربيتهم وتعليمهم ، أن تغيث الملهوف ، أن تطعم الجائع ،أن تسقي الظمآن ،أن تكسي العريان ، أن تأوي المشرد ، ان تنصر المظلوم ،ان تقرض المحتاج قرضة حسنة لا تجر نفعا ،أن تعود المرضى ،أن تسعى على الأرامل ،ان تكفل الأيتام ،أن تخفض جناحك للكبير ،أن تعطف على الصغير ،أن يأمن جارك شرك وبوائقك ،أن تكف لسانك إلا عن طيب الكلام ،أن يسع الحب قلبك حتى لا يبقى فيه مساحة ولو ضئيلة لبغض أحد من الناس لأن احدهم إن لم يكن أخ لك في الدين فأنه ولاريب نظير لك في الخلق (إفتهمت خالو ..لو أعيد؟ ) هذه هي الحقيقة الدامغة التي يجهلها الكثير وبخلاف مايشاع عن عيد الحب كما يفعل الكثير من الروزخونيين حين ادمنوا اختراع اساطير لا وجود لها الا في مخيلتهم المريضة انطلاقا من قاعدة فحواها ” يجوز الكذب للحق لنصرته، ويجوز البهتان على الباطل لخذلانه “حتى صار بعضهم عبارة عن كذاب اشر يشتري بكذبه ذمم الخلق ويضحك على عقول البسطاء ولايقول الحق الا لماما بما جعله مسخرة مواقع التواصل،وهكذا تنحدر الاخلاقيات وتطيش العقول وتنهار المثل وتتلاشى القيم عندما تضيع البوصلة وتصيرالوسائل ميكافيلية بحتة يجوز فيها كل ما لايجوز شرعا وعرفا وقانونا للوصول الى الغاية المرجوة بزعمهم ، وأية غاية نبيلة تلك التي تتحق بسيل جارف من الاساطير والاكاذيب!
وشتان ما بين حبنا الرباني وحبهم الشيطاني ..حبنا الرحماني وحبهم الجنساني ، ففي الحب الرحماني قال تعالى : “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” ، وجاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لاظل الا ظله ” ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه” ، وفيه ايضا وبعد الحب الرحماني مباشرة تحذير من حبهم الشيطاني ” ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال، فقال: إني أخاف الله” .
وفي حبنا الرحماني قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ” ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار”، وفيه قال تعالى كما جاء في الحديث القدسي : “المتحابُّونَ في جلالِي لهمْ مَنابِرُ من نورٍ ، يَغبطُهمُ النَّبيُّونَ والشهداءُ” ، وقال تعالى فيه ايضا في حديث قدسي آخر ” وَجَبَتْ محبتي للمُتَحابِّينَ فِيَّ، والمتجالسين فِيَّ، والمتزاورين فِيَّ، والمتباذِلين فِيَّ” ، وفيه قال النبي الاكرم صلى الله عليه وسلم ” إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي” ، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” إذا أحب الرجل أخاه، فليخبره أنه يحبه” فهذا هو حبنا النبيل الذي لامصالح فيه ولا انانيات ولا غرائزيات المبني على الاخوة والتعاضد والالفة ومد يد العون والتعاون والتراحم بين ابناء المجتمع كله في السراء واالضراء لا حقد ولاضغائن ولا نفاق ولا شحناء .
ولله در الامام الشافعي الذي لخص لنا بأبيات من الشعر الوعظي “الذي نفتقد اليه اليوم كليا وادعو من هذا المكان الى اعادة احيائه وبعنوان عريض – قصائد ودواوين وعظية لأحياء الفضائل ومواجهة الرذائل ” -حقيقة الحب النبيل :
تعصي الإله وأنت تظهر حبه … هذا محال في القياس بديـع
لو كان حبك صادقا لأطعتـه … إن المحب لمن يحب مطيـع
اللهم ارزقنا حبك ،وحب من أحبك ،وحب من يحبك ، وحب كل سبيل وعمل وقول وفعل يقربنا الى حبك ،واجعل حبك احب الينا من الماء البارد على الظمآ..ولاتجعل اللهم في قلوبنا غلا للذين امنوا ، اللهم لاتجعل للمؤمنين في أعناقنا ظلامة واجعلهم شفعاءنا يوم القيامة يوم الحسرة والندامة . اودعناكم اغاتي.