22 نوفمبر، 2024 2:14 م
Search
Close this search box.

ذكرى فاجعة الغزو الامريكي

ذكرى فاجعة الغزو الامريكي

الوطنيون الأحرار يلقحون أزهار الوطن الناضرة، والعملاء والخونة يلقحون أشواك الوطن السامة.
تمرٌ على العراق ذكرى مؤلمة، وفادجعة وطنية دمرت البلد وخربت مؤسساته وفتكت بشعبة، وهذه الذكرى بقدر ما أنعكست على بلاء الوطن بالنسبة للعراقيين الشرفاء والوطنيين الأصلاء، كانت في الوقت نفسه فرصة للسعادة والإعتناء للخونة والعملاء الذي تحولوا من أجراء يقاتلون ضد جيشهم الباسل الى وزراء وزعماء، ومن اولاء شوارع الى أصحاب ثراء، ومن اولاد زنا الى شرفاء، وهذه الحالة فريدة من نوعها، ولم تحصل حتى في البلدان المتخلفة.
استذكر مشاهدة فيلم وثائقي كيف قام الغزاة الأمريكان خلال غزو افغانستان بفتح المستودعات والمخازن أمام الشعب الأفغاني لسرقته، لكن الشعب الأفغاني كان يرفض ذلك، بل كانوا يقفلوا ابواب المخازن ويحرسوها، لكن مع الأسف في العراق دخل الرعاع والهمج وسرقوا المؤسسات الحكومية والشركات والبنوك والمصارف، وبيوت الرئاسة والمتاحف والمستشفيات والمخازن وبيوت المسؤولين. سرق الشعب الحكومة، فقررت الحكومة منذ عام 2003 سرقة الشعب، وردت الصاع له بصاعين بل عشرة.
وهناك من عملاء ايران من فكك المعامل وسرق الأسلحة الثقيلة والعجلات وهربها الى نظام الملالي.
وكان للمرجعيات الشيعية دورا مهما في دفع أتباعها الى سرقة المال العام على أساس انه مجهول المصدر، والإستفادة من السحت الحرام من خلال تخميسه، ضاربين بشرع الله عرض الحائط. العملاء والخونة والمجرمين واللصوص والمتعاونين مع قوات الإحتلال والمراجع الشيعية هم من إستفادوا من الإحتلال الغاسم، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها.
لا نبالغ إذا قلنا بأن الشعب العراقي في ظل الظروف اليومية القاسية التي يعيش فيها وفشل حكومات الإحتلال المتتالية وإخفاقات مجلس النواب (النوام) العراقي في تنفيذ العهود التي قطعوها على أنفسهم وأقسموا على تنفيذها، والشعارات التي طرحوها خلال توليهم مسؤولياتهم الرسمية قد ولد نوع من أزمة الثقة بينهم وبين الشعب العراقي، بل ومع الله تعالى فقد أحنثوا بيمنهم، ونسخة القرآن الكريم الموجودة في مجلس النواب لابد من الإحتفاظ بها في متحف، لأنها أكثر نسخة في العالم تعرضت للحنث باليمين.
اشك أن الشعب العراقي يتحمل جزءًا كبيرا من المسؤولية في الوضع الذي وصل اليه من خلال الولاء المطلق والإنقياد للمرجعيات السياسية والدينية إنقياداً أعمى دون تبصر وتعقل، ومن خلال دعمه لنظام المحاصصة الطائفية وإنسياقه لقبول حالة الأحتلال والتعاون معه تحت يافطات رفع الحيف عن الشيعة والأكراد وترويج قيم الديمقراطية المعلبة التي أثبتت فشلها الذريع. والوعود المعسولة بتوزيع الثروات عليهم كغنائم وليس كثروة وطنية لكل مواطن الحق فيها، وقد كشفت الظروف أن الولاءات طائفية وليست وطنية تتسم بهامشيتها وسطحيتها وآنيتها ، فهي أشبه بالبراكين الثائرة من حيث إندفاعها الأولي ولكنها لن تلبث طويلاً و تهمد وتخبو وترجع الى الهدوء والسكينة، فالتأريخ يحدثنا عن الولاءات الشعبية السريعة التي خرجت عن إطرها الطبيعية لتتحول الى تيارات معاكسة أو تتشتت في إتجاهات متباينة، قد تشكل خطورة الى حد ما إذا كانت الأتجاهات متعارضة بشكل حاد يهدد بدفع البلاد الى حافة الأنهيار، بمعنى أن الدروس المستقاة من التأريخ تتطلب من الشعوب أن تأخذ بعين الإعتبار التغييرات الكبرى والأنعطافات التأريخية فوتضعها في سياقها الصحيح مع إستمرار الترقب والحذر قبل أن تقدم ولائاتها المطلقة لآية جهة كانت وتحت أية مسميات.
عندما نتوخى الحقيقة أمام مشاكل العراق فأنه يسعنا القول أنها مشكلة إحتلال بغيض بأبشع صوره، ومشكلة حكومة طائفية بوزارات هزيلة ومجلس نواب يعبر عن مصالحه أكثر مما يعبر عن الشعب الذي تجاهله بنسبة 80% ولم ينتخبه، إذا كان الشعب مصدر السلطات كما يقول الدستور، فإن محلس النواب يمثل 20% من الشعب العراقي، وليس من حقهم ان يسموا أنفسهم ممثلي عن الشعب، بل ممثلين لمن إنتخبهم فقط.
انها مشكلة شعب مخدر بكل قواه السياسية والأجتماعية والثقافية، ومشكلة وطن فاشل ومنهار بكل أعتباراته السياسية والجغرافية والتأريخية والأقتصادية، ومشكلة مؤامرات ومخططات خارجية ليس لها حدود، ومشكلة ميليشيات ولائية ذات أجندات غير وطنية، ومشكلة فرق موت واغتيال تمتهن تجارة القتل والنهب والأختطاف لا يردعها وازع ديني أو أخلاقي أو وطني، ومشكلة دستور مهجن ومدجن بمواد ونصوص شاذة صاغها اليهودي نوح فريدمان وفقاً لتوجيهات المندوب السامي بول بريمر وبوحي مرجعية النجف، ومشكلة فدرالية طوائف واهية ليس لها أية مقومات على الأرض، ومشكلة مصالح حزبية ضيقة ومتناحرة، وإنتماءات طائفية متصارعة، ومشكلة مراجع دينية وسياسية غريبة ومغتربة أنحرفت عن مسار الأسلام لتثبت دعائم الطائفية ونشر الحقد والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد، ومشكلة أرهاب دولي زُرعت بذوره من قبل المحتل وأنضجته حراث العمالة، وحصدت ثماره المرجعيات الدينية، ومشكلة بناء ديمقراطي متهالك أقيم على أعمدة واهية بدون سند تأريخي أو إجتماعي أو سياسي ملائم، ومشكلة بطالة وفقر وتزوير وجهل وأمية ونقص خدمات رئيسية، ماء وكهرباء وبيئة ونفط رغم أن العراق يطفو على بحيرة من النفط والغاز، إنها مشكلة شيعة غرست في عقول العراقيين فكرة الأكثرية الضائعة والتي أنتهكت حقوقها منذ 1400 عام، كما توهت سابقا أرجعنا المحتل الى سقيفة بمي ساعدة التي دخلها أجدادنا منذ 1450 عام، فعلا التأريخ يثعيد نفسه، لكن بشكل أكثر قسوة وضراوة.
مشكلة العراق عربية وكردية وسريانية و أيزيدية وصائبية وكلدانية وآشورية وتركمانية، مشكلة طلاب مدارس طينية أبتدائية وأساتذة جامعات غير معترف بها، ومنهاج متخلفة، انها مشكلة عمال وموظفين وطيارين وضباط كبار وصحفيين تغتالهم أيادي مبهمة في وضح النهار وعلى مرأى من اجهزة الدولة ونسمى الطرف الثالث والجميع تعرف حقيقتهم؟ إنها مشكلة كفاءات علمية مستهدفة من أشباح نهارية وليست ليلية لتفريغ العراق من كبار علمائه ومفكريه؟ إنها مشكلة إجتثاث البعث وملاحقة عناصر النظام التي تؤرق الخونة بعض النظر عن وطنيتهم وكفائتهم، أنها مشكلة فساد إداري إستشرى في جبال العراق واهواره وصحاريه وسهولة وهضابه؟ إنها مشكلة أصحاب سوابق يرتدون الزي الرسمي بأرفع مستوياته ويمارسون نشاطات السرقة والقتل والخطف بلا رادع، وبضمير فاطس، أنها مشكلة دول جوار تنظر الى العراق نظرة الذئب الجائع الى فريسته، وحدود سائبة بلا مراقب، وتدخلات سافرة في الشؤون الداخلية للبلد، وعجز حكومي غير مبرر! انها مشكلة تهجير قسري داخلي وخارجي يُجير لحسابات خارجية. إنها مشكلة مافيات وعصابات إجرامية وميليشيات ولائية، وهي مشكلة إعتقالات وسجون علنية وسرية تمارس فيها أبشع أوسائل التعذيب لإنتزاع إعترافات غير حقيقية؟ أنها مشاكلة المخبر السري ذلك الشبح المطلق الصلاحية الذي ينتقم من الناس عبر المساومة أو الإنتقام، تصوروا رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي كان مخبرا سريا!
مشاكل جسيمة لا حدود لها، ولا تنفعع معها تصريحات أوتخريجات سياسية أو دينية أو وعود وعهود؟ ولاتنفع معها خطط أمنية ولا طوارئ ولا حظر تجوال، ولا مشاريع مصالحة وطنية؟ لاتنفع معها إجتماعات أو مؤتمرات أو قمم عربية واسلامية أو أقليمية أو أجنبية او دولية؟ أنها مشكلة أخلاق وإنتماء وكرامة ووطنية وهوية وضمير؟ إنها مشكلة وطن مستباح وشعب مغيب بأفيون المراجع الدينية.
هذا هو وضع العراق الحالي، فهو مهدد ككيان ودولة وشعب وأرض وحضارة وتأريخ وهوية في ظل حكم زمرة من العملاء والخونة، ولا مناص انه لا يمكن أن ينهض العراق من كبوته بوجود زمرة الشياطين الحاكمة التي تمتلك المال والسلاح والضمير الميت، لذا لابد من ثورة يكون أول شعاراتها لا سلمية، بل شلع قلع لجميع الأحزاب الحاكمة، أية قوة لا تزعزعها إلا قوة أكبر منها، هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعيها الأحرار، ويعملوا بموجبها,

أحدث المقالات