19 ديسمبر، 2024 2:18 ص

ذكرى أنفال البارزانيين..ورأس الكوردي المطلوب

ذكرى أنفال البارزانيين..ورأس الكوردي المطلوب

نستذكر كل عام في 31تموز، الذكرى الأليمة لجرائم الأنفال التي مورست ضد البارزانيين الآمنين من قبل حكومة البعث القمعية التي حاولت تسييس الإسلام وأسلمة السياسة من خلال إستغلال مفردة الأنفال. المفردة التي ذكرت في القرآن الكريم مرتين، ووظفت ضدنا لمآرب سيئة عشرات المرات، وحرب لإبادة أكثر من (182) ألف إنسان كوردي.

تلك الجريمة الكبيرة وما جاءت معها من ويلات ومآسي وتدمير، لم تحرك ضمائر (الإخوة) في الدين، والشركاء في الوطن، والساسة وأئمة الإسلام في العالم ودول الجوار ليقولوا كلاماً يشير الى عدم جواز قتل النفس البريئة، وكذلك الحال بالنسبة لمنظمات حقوق الإنسان والجامعة العربية والإتحاد الإسلامي والأمم المتحدة. ولم يخرج أحد من وعاظ السلاطين وفقهاء الحاكم الذين نسوا وتناسوا الحكمة والموعظة الحسنة من دائرة الصمت، أما ضباط الجيش الذي كان يسمى زوراً وبهتاناً بالعراقي، فلم يترددوا في توجيه السلاح ضدنا، بل كانوا يتفننون في تنفيذ مهامهم الاجرامية، ويبرعون في التدمير المقرون بالكراهية والممزوج بالتدني الأخلاقي وفي شحذ الهمم لصالح صدام وحزبه.

بعد تحرير العراق، إستبشرنا خيراً وتوقعنا نهاية المعاناة، وكانت هناك علاقات جيدة بين أربيل وبغداد وإنسجام وتفاهم بين السياسيين، واجتماعات دورية لتخطي العقد ومواجهة التحديات التي تواجه العملية السياسية وبناء الدولة، ومناقشات لجميع القضايا قبل إتخاذ القرارات وتنفيذ الإجراءات، وكاد أن نقتنع بأننا شركاء حقيقيين في الوطن. ولكن .. عندما إشتد ساعد الشركاء في بغداد إنفرط عقد اللقاءات، وتحول الإنسجام الى خصام والتفاهم الى تنافر وإختلاف، وأراد بعضهم أن يوظفه علنياً لصالح أجندته ومشروعه المذهبي والقومي، وتحولت الفضائيات والمنابر الإعلامية الى ساحات لتوجيه الإتهامات ضدنا وممارسة الضغوط علينا. وفي الخفاء تم نشر ثقافة المعاداة لكل ما هو كوردي وكوردستاني، والتخطيط في العمق لتسيير الأمور بإتجاه الإطاحة بكل الآمال الكوردستانية، وتم تجاهل طلبات الإقليم الدستورية والقانونية، ومارسوا الضغوطات من أجل تضييق الخناق على الكورد وتركيعهم للإملاءات المزاجية والإنسياق مع مشاريعهم. وعندما وصلت العلاقة بين اربيل وبغداد الى الطريق المسدود، أردنا إنهاء الواقع المر والقلق والإنزعاج ومنع تكرار جرائم الأنفال التي لاتغتفر، والحيلولة دون إقامة المزيد من المآتم، ومنع إشعال الحرائق ونزف الدماء، وفض الشراكة القسرية بيننا بالحوار والتراضي، فلجأنا نحو الإستفتاء الشعبي في أيلول الماضي.

ولأن علة الحكام في العراق واحدة فى الأصل، وهي عدم إعتمادهم على المنطق والعقل والواقع والاستدلال والتجربة، وعجزهم عن التحليل والقيام بأداء المسؤوليات المنهجية، وتنكرهم لكل الحقائق الموضوعية، ولأنهم يحفظون الكثير من العبارات المجحفة بحقنا ويرددونها في كل مناسبة، ويعتبروننا أسباباً لكل المشكلات والمصائب التي نزلت وتنزل على رؤوس العراقيين، حاولوا تشويه صورتنا ووصفونا بالمتمرد والخائن والانفصالي والإسرائيلي، وبات رأس الكوردي مطلوباً في غالبية الحسابات السياسية.

فرضوا علينا الحصار الإقتصادي والسياسي، وإستقووا بدول الجوار، وشنوا علينا الحرب بجيشهم وحشدهم وأسلحتهم الحديثة والقديمة مستعينين بقوات أجنبية. وما فعلوه في كركوك وخوماتو لايختلف عما فعله جيش صدام في كوردستان، وبفعلتهم المشينة تلك، أثبتوا لنا أن الخلف في بغداد يقلد السلف، ويؤمن بأن ما حدث فى الماضي من كوارث وويلات ومآسٍ ومظالم، لابد أن يتكرر فى الحاضر والمستقبل.

اليوم، وبعد مضي خمس وثلاثين سنة على تلك الجريمة، وأكثر من ثمانية أشهر على الجرائم التي نفذت في كركوك وخورماتو، مازال الكوردستانيون ينتظرون تنقية الأجواء المشحونة بالتوتر وإنعدام الثقة ورفع المعاناة عن كواهلهم بالحوار والتشاور البناء ورسم رؤية مستقبلية واضحة تحدد معالم المستقبل، ويريدون المشاركة في حكومة بغداد بشرط قيامها على أسس التوافق والشراكة والتوازن. 

أحدث المقالات

أحدث المقالات