طبقا لدراسة علمية نشرتها مؤخرا شبكة “غود نت” البريطانية عن ترتيب دول العالم الاكثر ذكاء فان المواطن العراقي تصدر قائمة البلدان العربية بمتوسط 78 درجة وهو ما جعلنا نحتل المرتبة الاولى عربيا والحادية والعشرين عالميا. الدراسة وضعت معايير لقياس الذكاء وحصلت دول عربية واجنبية على الترتيب الذي تستحقه بموجب تلك المقاييس ومن يريد المزيد عليه مراجعة الموقع الالكتروني للشبكة. من حقنا كعراقيين ان نفرح لمثل هذه الاخبار التي تاتي وسط ركام مما هو مؤسف ومؤلم ومحرق ومخز ومنفر. مصدر الفرح لايعود الى اكتشاف جديد لان هناك من سبق هذه المؤسسة بعشرات القرون في تاكيد هذه الحقيقة. فالخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض) قال عن العراق انه “جمجمة العرب”. كما ان حكاما وسلاطين وعبر مختلف حقب التاريخ “داخوا” في كيفية التعامل مع ذكاء العراقيين “سبع دوخات” لانهم ـ العراقيين ـ ذوو فطنة ونظر ثاقب كما يقول الجاحظ وقد تابع ذلك من بعده مؤرخون وعلماء اجتماع كابن خلدون وغيره.
اذن لماذا نفرح طالما اننا اذكياء من “قالوا بلى”؟ هناك اسباب عديدة تقف خلف هذا الفرح المفاجئ. اول الاسباب اننا ولاول مرة نجد انفسنا نتصدر قائمة بـ “برأسها خير” بعد ان تصدرنا قوائم الفساد طبقا لمنظمة الشفافية الدولية وانتهاك حقوق الانسان طبقا لهيومان رايتش ووتج واحتل جواز سفرنا قائمة الجواز الأسوأ في العالم. ثانيها وثالثها وتاسعها وعاشرها ان الدراسة اعترفت كعراقيين ولم تدخل مبدا المحاصصة الطائفية والعرقية الذي حشرتنا فيه طبقتنا السياسية حفظها الله ورعاها.
ولكن هل ما يجري على ارض الواقع مطابق لما نتحلى به من ذكاء وما نمتلكه من ثروات؟ اليس النفط الذي نعوم على بحار منه في كل انحاء العالم نعمة بينما اصبح عندنا نقمة؟. والامر نفسه ينطبق على الذكاء. اليست ابداعات العراقيين وعلى مختلف المستويات تبهر العالم ولكنها في بلدنا مثل مغنية الحي لاتطرب؟ ماذا انتفع العراق من العراقية زها حديد مثلا؟. فحديد عراقية في العالم فقط ولكنها لو ارادت ان تقدم خدمة لبلدها في مجال عملها وهو التصميم فان ابداعها العلمي سيكون اخر الشروط المطلوب توفرها منها. فبالاضافة الى المستمسكات الاربعة التي لامثيل لها في العالم اجمع فان المحاصصة العرقية والطائفية في حال تم ترشيح زها حديد لاي موقع هي من تسبق الذكاء او العبقرية التصميمية التي تتمتع بها. فزها حديد لو صممت كل احياء وشوارع وساحات وازقات وجزرات وعشوائيات بغداد واطرافها بمن في ذلك خطوط زبلن والخنساء والقدس بنفس كفاءة وبذاخة برج دبي والاستاد الاولمبي في لندن فانها لن تحصل على منصب امين بغداد لسبب بسيط جدا ولكنه صادم ومدمر لان المناصب عندنا ليست من حصة العباقرة والاذكياء او في اقل التقادير وعلى “كولتهم” التكنوقراط بل هو من حصة القوميات والطوائف والاعراق الممثلة باحزاب .. وشلون احزاب هي!!. ومعيار هذه الاحزاب للمناصب ليس الذكاء او الكفاءة بل .. الخدمة الجهادية.