عند النظر للأوضاع في إيران وبعد مرور 41 عاما على تأسيس نظام ولاية الفقيه، فإنه يجد نفسه أمام أمور وقضايا متباينة، خصوصا ما يتعلق بالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب الايراني والتي قد وصلت الى أدنى المستويات ولم يعد بإمكان النظام أن يخفي او يقوم بترقيع المظاهر السلبية المختلفة التي بدأت تطفو على السطح وصارت واضحة للعيان.
هذا النظام الذي كان يعد ويمني الشعب الايراني بأوضاع اقتصادية ومعيشية أفضل بكثير من تلك التي كان يحظى بها في العهد الملكي، صار الشعب اليوم يتندر ويسخر من تلك الوعود ولم يعد يجد هذا النظام بأفضل من سلفه، وليس ذلك بغريب على هذا الشعب الذي بات يعيش أغلبية منه بإعتراف مسٶولين إيرانيين تحت خط الفقر بل والانكى من ذلك أن هناك بضعة ملايين من الجياع في إيران من الذين لا يجدون كفافهم اليومي بحسب إعتراف رسمي آخر الى جانب إعتراف أخطر من أنه 10 ملايين أسرة إيرانية لاتجد ماتسد بها أودها، وصار الفقر ظاهرة ملموسة تفرض نفسها كأمرا واقعا على المشهد اليومي للحياة في معظم أرجاء إيران، بل وإن الامر قد وصل الى حد أن يعيش أبناء الشعب الايراني في حفر تحت الارض کما نشرت صحيفة همشهري الحکومية الايرانية ذالك مٶخرا وأثار سخطا وغضبا عارما في مخلف أوساط الشعب الايراني، وفي الوقت الذي يهيمن فيه إنكماش إقتصادي غير عادي جميع الاسواق الايرانية، فإنه قد بلغ عدد العاطلين عن العمل رقما قياسيا وكل ذلك يتزامن مع إحتجاجات شعبية متصاعدة والاوضاع التي تزداد وخامة بسبب من أزمة وباء کورونا.
التمزق الاسري وإرتفاع نسبة الطلاق بوتائر غير مسبوقة وتزايد نسبة أطفال الشوارع وتزايد نسبة الشابات العانسات والشباب العزاب وتراجع معدلات الزواج طبقا لذلك، يقابله أيضا إرتفاع غير عادي في معدلات الجريمة والمظاهر السلبية الاخرى، وطبقا للإحصائيات الحكومية في إيران، فإن عدد مدمني المخدرات في إيران يصل الى أكثر من مليوني شخص، غير ان إحصائيات مراكز الابحاث والدراسات المحايدة تشير الى وجود أرقام أكبر من ذلك الرقم بكثير، وقد جاء الهبوط الاستثنائي لأسعار النفط بسبب أزة کورونا ليسدد ما يمكن تشبيهه بلطمة قوية وليست مجرد صفعة توجه للإقتصاد الايراني المنهك والمترنح أساسا مع ملاحظة إن النظام يبيع نفطه أساسا بطرق ملتوية بسبب الحظر المفروض عليه، وان الاوضاع الاقتصادية في إيران قد وصلت اليوم الى درجة يمكن فيها القول ميئوس منها في ظل الاوضاع التي تزداد سوءا والعزلة المتزايدة للنظام.
كل هذه الامور تأتي متزامنة مع تزايد وتوسع التدخلات الايرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وإرتفاع وتائرها الى الحد الذي صارت قوات الحرس الثوري الايرانية تشارك علنا في الحروب والمواجهات الدائرة في بلدان المنطقة وصار مشهد مقتل او أسر أعداد من تلك القوات وقادتها مشهدا شبه مألوفا مع ملاحظة ان الكراهية لهذه القوات وللدور الايراني برمته يتصاعد يوما بعد يوم في الشارعين العربي والاسلامي، كما انها تأتي أيضا بعد الانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي الذي لا يزال مشكوكا في أمره من حيث عدم إلتزام النظام به وسعيە للإلتفاف عليه ومواصلة نشاطاته سرا وبعيدا عن الاضواء كما هو عهده دائما لأن هذا النظام يعلم جيدا بأن تخليه عن برنامجه النووي وإستسلامه للشروط والمطالب الدولية والاميركية بشكل خاص، يعني إعلانا رسميا له بإستهانته بمقدرات ومعيشة الشعب الايراني طوال الاعوام الماضية، وهذه هي الحقيقة التي وصلت لذروتها عندما أعلن المرشد الاعلى للنظام خامنئي عن رفضه تغطية نفقات كورونا من الثروة والأصول المتراكمة لدى مراكز النهب الخاضعة لسيطرته!