تحدثنا فى المقال السابق عن تبرئة الغرب للإسلام من مذابح التنظيمات الإسلامية والتى لا تنتمى للإسلام إلا إسماً، ويتفقون فى ذلك مع غالبية المسلمين التى تعتقد أن الإسلامى دين وسطى معتدل لا يقبل القتل والذبح، ويعتبرون ممارسات داعش وبقية تنظيمات أنصار الله هى بدعة إسلامية يقوم بها أنصار الشيطان، لتشويه سماحة الإسلام لكن المشكلة المستمرة منذ ظهور الجماعات الإسلامية فى مصر فى عهد عبد الناصر وتحالفه مع الإخوان المسلمين وإدخالهم فى السياسة، مروراً بالجماعات الجهادية والسلفية حتى يومنا هذا تعاظمت المشاكل وأزداد القتل وذبح الكفار والمسلمين على الطريقة الإسلامية.
على هذه القواعد المتناقضة لم تستطيع أى مؤسسة إسلامية أو سياسية إيجاد الحل أو الحوار مع تلك التنظيمات الإسلامية لإنهاء صراعها وإرهابها، والرجوع إلى حياة البشر الطبيعية بل إزداد هجومهم على المسلمين والأكراد والغربيين والأمريكان، مما أخرج إلى النور التحالف العالمى لمكافحة الإرهاب والذى لن يستطيع إنهاء وحل مشكلة الإرهاب، لكن لو رجعنا إلى رجال داعش وأخواتهم سنجد جميع الطرق مسدودة أمامنا للحوار السلمى معهم، على سبيل المثال: أى الآيات سيصدقها رجال داعش: هل سيتبعون ما قالته وزيرة بريطانية كافرة تذكرهم بأن الإسلام دين سلام وليس عنف بقولها للآية القرآنية” لا إكراه فى الدين”؟ أم يصدقون الآية القرآنية (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)؟
هل قادة التنظيمات الإسلامية يصدقون علماء الأزهر بنبذ العنف والتطرف وأن الإسلام دين الوسطية والسلام؟ أم يصدقون قول القرآن: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم)؟ هل رجال الإرهاب سيصدقون إلههم أم سيصدقون أقوال البشر؟ وما نراه على أرض الواقع يعطينا الجواب.
أنقل هنا ما جاءت به المواقع الإخبارية وقاله مقاتل فلسطينى داعشى فى فيديو على مواقع الأنترنت، وهى مقولة جاءت على لسان سيف الله المسلول خالد بن الوليد فى معركة اليرموك الذى قال: نحن قوم نحب شرب الدماء وأنه بلغنا أنه لا دم أطيب من دم الروم”، أمام هذه الحرب الإعلامية والعسكرية الإرهابية التى تدمر شعب سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها من البلاد التى هناك قوى إقليمية تريد إحداث الفوضى لفرض سيطرتها على الأنظمة السياسية القائمة بفضل مساندتها للتنظيمات الإرهابية، كيف تستطيع المؤسسات السياسية والإسلامية الخروج من هذا المأزق والكابوس الإرهابى الذى يحمل أسم الإسلام؟
رجال وعلماء الإسلام ودعاتهم ومشايخهم يقولون أن التنظيمات الإسلامية خارجة على الإسلامى الوسطى، بينما رجال التنظيمات الإسلامية والأقرباء منهم الغيورين على إسلامهم مؤمنون بكل ممارسات وأفكار وعقائد داعش، كل طائفة من هؤلاء يقول أنه يتكلم بالحق ويسير على طريق الحق وكل طائفة لديها تأويلاتها الدينية للنصوص التى يسيرون عليها سواء للقتل أو للسلام والتسامح، مع كل هذا أقول أن المسلمون يملكون القدرة على التفكير وإعمال عقولهم فى كتبهم الموروثة التى كتبت لعصورها الماضية، وعليه يجب إعادة النظر فيها لتتطابق مع عصرنا والتقدم المعرفى الذى لم يوجد فى أى عصر مضى، وأن يعملوا على توضيح عقائد الإسلام التى يجب ان يسير عليها كل مسلم فى عصرنا الحالى.
على سبيل المثال: الديانة اليهودية بها نصوص كثيرة تحض وتأمر بقتل الرجال والنساء والشيوخ والأطفال أى مذابح أكثر من داعش، والمسيحية النصارى قام الصليببن بحملاتهم الصليبية للأستيلاء على القدس لكنهم فشلوا وأرتكبوا مذابح أيضاً فى القدس والأندلس، اليهودية والمسيحية والإسلام أرتكبوا مذابح وعمليات إبادة ومجازر تقشعر لها الأبدان، لكن قبل ظهور المسيحية أكتشف اليهود أن نصوص التوارة التى تأمر بالقتل والذبح هى نصوص تاريخية همجية خاضعة للعصر التى قيلت فيه، لهذا أهملوها ولم يعملوا بها منذ ذلك الحين، وجاءت المسيحية وصحابة المسيح لم ينفذوا وصايا القتل التى قد يعتبرها البعض كذلك، ورغم الإضهادات التى أوقعت الملايين من المسيحيين قتلى
فضلوا عدم محاربة الأعداء والموت على عقيدتهم، ورغم قيام الصليببن بحروبهم الإستعمارية وسيطرة الكنيسة على الحكم فى العالم الغربى، إلا أن العالم المسيحى وصل إلى درجة النضج بقيادة الفلاسفة والمفكرين الذين قادوا ثورة التنوير، وفصلوا وأبعدوا سيطرة رجال الدين والكنيسة عن حكم الدولة، ومنذ ذلك الحين بدأت أوربا وغيرها من البلاد تعطى حرية الدين والعبادة لكن حكم الوطن يمارسه رجال سياسيين وأقتصاديين من أهل الأختصاص، ومن يومها بدأت النهضة الحقيقية وعصر الأنوار فى أوربا والذى يتمتع العالم بآثاره العلمية والتكنولوجية.
هذا يدفعنا للقول مثلما فعل اليهود والمسيحيين وتركوا نصوص القتل والذبح لأنها نصوص تاريخية من أساطير الأولين، يجب على المسلمين والنخبة الثقافية أن يتمثلوا بالسابقين من الأديان حتى يسير العالم نحو السلام والأمن، أم أن هناك آلهة تطلب من تابعيها الموت وآلهة أخرى تطلب من تابعيها الحياة؟
إذا كانت داعش على حق فى عقائدها فلماذا لا ينضم إليها بقية المسلمين ليضعوا نهاية لتلك التناقضات اليومية ويحاربوا العالم أجمع؟ أو يتحد جميع من يشهدون بوسطية وإعتدال وسماحة الإسلام ويقفون صفاً واحداً لمحاربة تلك الجماعات الداعشية الإرهابية؟ من يقول أنهم على باطل ومن يقول أنهم على حق، أتركوا النفاق والتقية جانباً وأعلنوا كلمة الحق التى سيدخلكم بها إلهكم الجنة أو سيدخلكم بها نار جهنمّ!!!!