19 ديسمبر، 2024 1:19 ص

ذباب الفساد يحوم حول فيصل وقاسم !

ذباب الفساد يحوم حول فيصل وقاسم !

يتفاقم الجدل حول الرابع عشر من تموز بين موالي” الثورة” واعداء
” الانقلاب”
على خلفية تجاهل برلمان التحاصص الحدث الذي هز المنطقة والعالم فجر الرابع عشر من تموز وحذفه من روزنامة المناسبات والأعياد الوطنية العراقية وسط نقاش عقيم لا ينتهي حول العلم والنشيد واليوم الوطني للعراق.

كما في الأعوام السابقة تمر الذكرى 66 لتموز و مواقع التواصل تحفل بالشتائم والأقاويل والاراء الخاصة غير القائمة على دراسة او تحليل ولا تستند ألى الوثائق رغم ان الانقلاب العسكري الذي تحول في غضون ساعات وقبل انجلاء الفجر الى ثورة شعبية عارمة سالت فيها الدماء وتهاوى العرش ورموزه تحت هدير آلاف المتظاهرين، خرجوا عفويا ام بايعاز من الحزب الشيوعي والاحزاب المتآلفة الاخرى في ما كان يعرف( جبهة الاتحاد الوطني).

يعكس الانقسام بين الاجيال العراقية المتعاقبة حول تسمية الرابع عشر من تموز والموقف من ” العهد البايد” و
” جمهورية الزعيم” طبيعة الاستقطابات الحادة في المجتمع العراقي، وانعدام ثقافة الرأي الاخر حتى لدى النخب المتعلمة وتلك التي تزين القابها بحرف الدال وقد تكاثروا مثل الفطر بعد جمهورية التحاصص والاحتلالات.

بل ان بعضا من حملة الدال هاجموني بشدة لاني نقلت عن نجل الزعيم السوفيتي نيكيتا خروشوف أستاذ السياسة الدولية سيرغي(1938-2020) وصفه الرابع عشر من تموز بالانقلاب في معرض حديثه عن دعم والده لحركة الضباط بعد ساعات من اطاحتهم العرش.

ومع حرصي على تضمينها بين قوسين؛ الا ان بعضا من ( الدال) حضرني من موقعه وفعلوا حسنا اذ جنبوني خطوة لا احبذها!

منذ سنوات وعلى خلفية تفشي فساد لم يسبق له مثيل على وجه البسيطة في العراق، برزت كتابات على مواقع التواصل لأسماء غير معروفة في الاوساط العلمية والأكاديمية تتحدث عن اموال وعقارات الأسرة الملكية الذبيحة فجر الرابع عشر من تموز. لا تستند الى مصادر بغض النظر عن درجة صدقيتها.

هكذا ودفعة واحدة يتضح ان الهاشميين من فيصل الأول الى الشاب الغر فيصل الثاني كانوا يملكون ملايين الهكتارات وأموالهم لا تحصى.

على المقلب الآخر اخذ أعداء ( الانقلاب) يفتشون عن عقارات وأموال فضائية للزعيم قاسم في مسعى واضح لتسويد سمعته ونزاهته.
الملفت ان الحملة ازداد سعارها هذا العام وعشية الذكرى 66 لثورة تموز بالتساوق مع إسقاط الحدث الاضخم في تاريخ العراق من روزنامة المناسبات والأعياد الوطنية.
الذباب الالكتروني يتناغم مع قوى التحاصص الرافضة لثورة تحالف ضدها الاقطاع والحوزة بالفتاوى الشهيرة لمحسن الحكيم من قبيل :
“لا تجوز الصلاة في أرض مغتصبة”
لحرمان الفلاحين من الاراضي الموزعة عليهم بموجب الاصلاح الزراعي.
او
( الشيوعيه كفر والحاد)
وغيرها من فتاوى المرجعية المناهضة لكل الخطوات التقدمية بعد الرابع عشر من تموز.
اشير الى انني ذّكّرت عبد العزيز الحكيم نجل المرجع محسن الحكيم بفتوى والده وكيف انه يصلي في بيت طارق عزيز الذي اغتصبه من أسرة المسؤول في النظام السابق.
كان ذاك اثناء أول زيارة قام بها وفد مجلس الحكم الى موسكو مطلع العام 2004 برئاسة عبد العزيز وعضوية جلال طالباني وزمرة من اعضاء المجلس وجميعهم استولت على ما يسمى قصور صدام وكلها عائدة للدولة ولم يَعثر على مستند واحد يدعي ملكية لصدام واسرته.
حينها استشاط عبد العزيز الحكيم غضبا من الملاحظة وعجز عن الدفاع عن لصوصيته خاصة وان مسكن طارق عزيز الشبيه بآلاف المساكن للاسر العراقية المتوسطة، بناه الصحفي طارق عزيز على قطعة أرض وزعتها نقابة الصحفيين على الاعضاء. باسعار رمزية.

وقد حصلت على مثلها لكني هجرت العراق هربا من بطش نظام طارق عزيز ولا أعرف مصير الأرض ولا تحت اي سقف او سماء تقع اليوم.

لا اتنطع لدور المؤرخ والباحث ، لكن مهنتي الصحفية قادتني في مناسبات مختلفة الى فتح ملفات تموز باستضافة باحثين و مؤرخين وصحفيين استقصائيين يميطون اللثام عن الوثائق والبرقيات والتقارير السرية لسفارات دول القرار الدولي في الرابع عشر من تموز 1958وما تلاه وكذلك الثامن من شباط 1963 وما اعقبه.

في العام 2005 صدرت عن دار الحكمة في بغداد الطبعة الجديدة من عشر مجلدات ( تأريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري ) تأليف واعداد وتنقيح نخبة من الأساتذة الباحثين المعروفين .
الباحث والمؤرخ الدكتور محمد مظفر الأدهمي، تفضل مشكورا وبعث استنساخا لصفحات من الجزء الأول للمجلد يتضمن في الصفحات 179-183 تقريرا عن مصادرة أموال الأسرة المالكة وتبلغ وفق تقرير اللجنة المنبثقة عن حكومة تموز
‎177566 دونما
علما بان غالبيتها اراض بور ورثتها الأسرة الهاشمية في العراق عن ما يعرف بالأراضي السنية التابعة للسلطان العثماني.
وفي التقرير معلومات تستحق التأمل فيما يخص الأموال المنقولة والذهب والمجوهرات والودائع في بنك ببريطانيا .

فقد استند تقرير اللجنة الى أقوال موظفين في السفارة العراقية بلندن او في البنك العراقي ولم تظهر وثائق ومستندات تعزز المعلومات الشفهية.

وورد في التقرير ايضا ان بيت نوري السعيد مشيد على قطعة ارض تعود ملكيتها لزوجته نعيمة العسكري ولذلك فإنها لم تخضع لقرار حكومة الثورة بالمصادرة.
و يشدد التقرير انه لا توجد لنوري السعيد اية عقارات او دور سكن او أراض عدا منطقة مساحتها 100 دونم تقع في لواء الرمادي اشتراها ليستفيد منها في بيع الرمل والحصو إلى الشركات التي تقوم بتعبيد الطرق . وقد حصل عليها عن طريق المزاد العلني في مناقصة رست عليه بأعلى سعر وكان خارج الحكم في تلك الفترة وسجلت باسم نوري السعيد عن طريق محاميه.
يذكر ان دار نوري السعيد نهبت وتدمرت وصارت بعد الرابع عشر من تموز مزارا للجماهير المستمتعة بالقضاء على الباشا وسحله وتقطيع أوصاله ورميه للكلاب السائبة.
اليوم تحولت تلك الكلاب إلى ذباب إلكتروني ينهش ماضي وحاضر العراق و يعيد كتابة تاريخه ويشوه كل محطاته ويخدم اللصوص والمليشيات وينتقم من شخصياته بأثر رجعي تعويضا عن نقص اخلاقي ومعرفي.

أحدث المقالات

أحدث المقالات