23 ديسمبر، 2024 2:06 ص

ذاكرتي عن ليلة الجهاد الكفائي- 9

ذاكرتي عن ليلة الجهاد الكفائي- 9

الشهيد علي حسن النداوي
المكان-قرية عين الجحش- غرب الموصل
الزمان- سنة 2014

الفرقة الاولى للتدخل السريع
التابعة للدفاع

بعد ان اُعلن عن انكسار اغلب القوات الامنية المرابطة في مناطق غرب العراق، بعد دخول عناصر التنظيم الارهابي لعدة مناطق مفصلية، وتمركزه في ثلاث مدن رئيسية وسيطرته على كافة الاقضية والنواحي.. لم يبقى امام هذا التنظيم سوى قرى نائية في عمق الصحراء الغربية من مدينة الموصل، اذ لا يوجد فيها سوى اعداد قليلة جدا من الجنود التابعين الى القوات الامنية العراقية، سوى كانت تابعة الى وزارة الدفاع او الداخلية.

تتوارد الاخبار على القنوات الاخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي التي ازدحمت بنقل التفاصيل الدقيقة عن كيفية دخول هذا التنظيم الارهابي الى تلك المناطق. انسحاب وتقهقر ومقاومة وهروب لقادة الفرق الامنية وضباطها..
قرية عين الجحش التي لم يدخلها التنظيم الارهابي الى الان، كان فيها “سبعة” جنود تابعين الى الجيش العراقي، بآمرة الشهيد ( علي حسن النداوي) ، كان عليٌ شديد القلق والحذر في آن واحد، كان يعلم ان الكثرة تغلب الشجاعة احيانا، لكنه فضل ان يكون ثابت الموقف حتى ينال الشهادة دفاعا عن العراق وارض العراق.
اخوتي لم يبقى سوانا في هذه المنطقة النائية، وجميع الطرق مسيطر عليها من قبل عناصر التنظيم، لم يبقى لنا الا ان ندافع بكل بسالة وكل رجولة ضد هؤلاء الفاسقين( اخوتي خلونه نموت موتة شرف) ، ثبت الجميع هناك مع اقتراب عناصر التنظيم، استمر القتال لساعات طويلة، طرز فيه هؤلاء الثلة اروع صور البطولة والصمود.
النار من كل جانب، تكاثر الارهابيون عليهم واقتربوا اكثر، قرر الشهيد “علي” في لحظة شجاعة ان يخاطب اخوته المقاتلين ويآمرهم بالانسحاب وبقاءه هو لوحده كي يشاغل الارهابيون، وكأني به يقول..
(هذا الليل قد غشيكم فأتخذوه جملا) انتم في حلة من امرتي..!
رفض الجميع ذلك، الا انه اصر، اذ لا وقت للنقاش والمطاولة في الحديث الذي سيكون ختامه الموت الحتمي..!
اعطوني ذخيرتكم كي تكفني لمشاغلة الاعداء وانتم انسحبوا احبتي.. وفعلا ظل وحيدا يشاغل الاعداء بما لديه من سلاح وذخيرة شرف وشجاعة،،
كانت صور طفلته الوحيدة وزوجته وامه وابيه تمر على مخيلته بسرعة الرصاص المدوي الذي يكاد يخرق مسامعه حين يمر بالقرب منه.. اقترب منه الاعداء كثيرا.. استرجع بقوله..( انا لله وانا اليه راجعون ) مد يده الى جيب قميصه، استخرج جواله على منصة الاسماء.. بمن سيتصل في لحظاته الاخيرة هذه؟؟ تحير كثيرا..! كان شديد الشغف لسماع صوت امه، قد يسعفه صوتها ودموعها لو دعت ربها له، وقد ينكسر لو سمع صوت زوجته وصغيرته فيقل ثباته وتضعف عزيمته، ضغط على رقم ابيه، رن الهاتف، لحظات جاءه الرد.. هله بويه گواك الله يا بويه شلونك..
الحمد لله بويه اني بخير، انت شلونك وشلون امي وبنيتي وامها..
بويه كلهم بخير بالنه يمك..!
بويه ياهو يمك؟؟
محد يبعد ابوك گول خيرك؟؟
بويه هذا اخر اتصال مني وياك، اريدك ادير بالك على امي ومرتي وعلي بنيتي ذوله امانه يمك، اني وحدي والارهابيين محاصريني من كل جانب وهسه صاروا قريبين مني كلش..!
عمت عيني عليك يابويه وحيدتك تموت غريب.. بويه لا تطي روحك الهم وانت قرباني عد الحسين ع وفاطمة، وخر الاب مغشيا عليه.. والابن اصيب بعدة جراحات وهو يقاوم حتى نال الشهادة..!