18 ديسمبر، 2024 11:25 م

ذاكرة بصرة/ حياة بلا ثمرة..

ذاكرة بصرة/ حياة بلا ثمرة..

سوق المغايز… يمتد من سوق الخضارة الى شط العشار.. في بدايته سوق الذهب (الصياغ) .. ثم محلات الملابس والاحذية. وفي الستينات،  فيه مكتبات كثيرة.. وصيدلية واحدة فقط، لا اكثر..
 وكان في جهة اليسار، محلات البهارات.. لذلك كان يسمى بسوق الهنود.. لانهم تميزوا بخلطة (الكاري) الشهيرة..
في السبعينات تم تسفير الاجانب، فاشترى سعدون اشهر محلات الهنود، وكان الزبائن ياتوا من بغداد والمحافظات لشراء البهارات، بكميات كبيرة (صوغة)، استنادا على السمعة القديمة لهذه المحلات الهندية.
الا ان الخلطة تبدلت، فقام سعدون بخلط طحين التمن مع صبغ (لوزينة).. وقليل من الفلفل (دراز) والكركم، لتكون الكلفة اقل من الربع. واستمر بهذا الغش الخطير، والبيع الكثير..
وقد حقق ارباحا خيالية..
وبالرغم من الوارد الضخم، سعدون لم يتزوج، ولم يساعد اخته الارملة. التي عانت الفقر وهي تربي ولديها جاسم وحمزة…
اللذان ورثا تركة خالهما سعدون، بعد ان توفى بمرض التدرن الرئوي…
ولم يتاخرا الورثة في توزيع التركة.
اخبرني الشيخ علي انهم اتصلوا به، وذهب لتقسيم الاموال والعقارات والأراضي ، وكانت عشرات المليارات…
فسالهما : هذا كل ما يملك المرحوم خالكم سعدون؟
قالا: لا… هذا اقل من نصف ما تركه…
ثم اشار احدهما الى الجدار ..وقال:
خلف هذا الجدار مغارة، فيها الدولارات..
غدا نهدم الجدار بحضورك..
قلت لهم (يعني الشيخ):
حسنا، انا اذهب الى بيتي الان..
هل يمكن ان تستاجرا لي (تاكسي) يوصلني… بثواب المرحوم..
قالا: لا
لا يستحق الثواب..
لكن سوف نوصلك يا شيخنا الى بيتك احتراما لك..
🔘 هذه ثمرة حياة سعدون، اموال ذهبت الى حيث لا يحب، ولم يخطط لذلك.. بل هي شجر بلا ثمر..
🔘 كان بخيلا حتى على نفسه.. لانه قد عشق المال، بل صار عبدا له..
🔘 كان لا يرتوي بما يملك من المال، وكانه ظمآن يشرب من البحر…
بينما، اذكر هنا، قول لرجل حكيم،.. كان جالسا في كوخه، وعنده جرة (للماء).. قال:
اذا كان في هذه الجرة ماء… لن اشغل بالي بطلب المزيد..
وهذه ليست مثاليات، او سفسطة.. بل كان الرجل معافى من مرض خطير، هو الطمع او حب المال…
وباء ينتشر كالنار في الهشيم…
 ينهي رئة الانسان المعنوية.. فلا يستطيع شم المعنويات، ولا تنفس القيم… فيموت بالتدرن المعنوي.. اقصد موتا معنويا..
هذه القصة ليست وهمية… وللحديث بقية..