من يزرع الريح يحصد العاصفة. مثل صيني له معنى حقيقي وعميق. ان الوقوف مع الاستبداد والديكتاتورية والفساد، لا يعني الامان. بل ان اتخاذ موقف الحياد ليس امنا. وقيمة الانسان بمواقفه الرافضة للظلم والمطالبة بالعدالة الاجتماعية. وتلك نجاة في الدنيا والاخرة.
🔘 ثانوية المربد
بعد ان انهى نادر دراسته الابتدائية، دخل ثانوية المربد في خضارة العشار. عام 1974 صدرت تعليمات بتوسيع الانتماء الى حزب السلطة الفاشي، وخاصة في اوساط الشباب. واستفاد الحزب من دعم الاجهزة الامنية في الضغط على الطلبة.
اتحاد الطلبة الحكومي، اعتمد على عدد من الطلاب الاغبياء والمشاغبين في تنفيذ المخطط الهدام. حينها، كان جماعة الاتحاد يتحكمون في المدارس والثانويات. ويتجاوزون على التدريسين والمستقلين، برعاية من السلطة الحاكمة. ويرأس هؤلاء المرتزقة احد الطلبة المشاغبين اسمه خالد.
دفع خالد باب الصف، وقال للمدرس بنبرة بوليسية:
نريد نادر في غرفة الاتحاد.
وقع قلب نادر في الارض من شدة الخوف. وبصعوبة تمكن من الوقوف، وشعر بقدمية يرتجفان. ومزقته نظرات الطلبة وابتساماتهم الصفراء. وتم اقتياده الى غرفة الاتحاد.
🔘 الاتحاد الوطني
▪️رئيس الاتحاد: ليش ما تصير بعثي؟
▪️ نادر: ……
▪️نحن ثانوية مغلقة، ليس فيها مستقلين. اذا ما تنتمي نطردك من الثانوية..
▪️نادر: ……
لم يتمكن نادر من الرد.
وفي اليوم التالي دخل مدير المدرسة الى الصف وقال:
تم سرقة عدد من الدفاتر والكتب في هذا الصف. ولان رفاقنا الحزبيين لا يسرقون. فان السارق هو مستقل عن الحزب. فمن منكم مستقل؟
فاشار الطلاب الى نادر. فطرده المدير من الصف.
🔘 الرعاية الخفية
رجع بطلنا الى البيت ولم ينام ليلته. بل انتابته نوبة بكاء هزت جسده النحيف.
وفي اليوم التالي ذهب الى الثانوية. وكانت المعجزة، تم نسيان الامر تماما من قبل الادارة والاتحاد، ولم يتعرض له احد، دون ان يعرف نادر السبب.
مضت الايام. وانهى دراسته بتفوق. وكان الطالب الوحيد الذي تخرج بمعدل يؤهله للقبول في الكلية. وتم تسويق بقية الطلبة جميعا، الى جبهات القتال، لانهم لم يحصلوا على معدل للقبول في المعاهد او الكليات.
🔘 حصاد الريح
وقبل ان يلتحق الطلبة بالجبهة، مروا على نادر يطلبون منه ان يسمح لهم بزيارته في الكلية. فسالهم عن رئيس الاتحاد خالد. قال احدهم:
خالد استشهد اخيه الغالي عليه، في الجبهة، وتاثر كثيرا، وصدرت منه كلمات ضد الرئيس. وتم اعدامه.
رمق نادر السماء وتذكر المثل الصيني:
من يزرع الريح يحصد العاصفة.
بالرغم من التعديلات الطفيفة، تبقى هذه حادثة حقيقية من الذاكرة البصرية. وللحديث بقية.