الشاعر الفلسطيني نمر سعدي، في ديوانه “وقت لأنسنة الذئب”، الصادرة عن دار “النسيم للطباعة والنشر”، بالقاهرة، يأبى إلا أن يهدي قصائده إلى الهباء، هذه الكلمة الشعرية ذات المعاني المتعددة والتي لا بدّ أن ترتبط بفوضى الوجود، وقد لا تعني شيئا.
في هذه الأضمومة نجد إحساسات وجودية للشاعر، واستباقات استشرافية عبر “عصور الشعر العربي حديثه وقديمه”. نمر سعدي شاعر فلسطيني، يقيم في قريته “بسمة طبعون” الواقعة شرق مدينة حيفا، وهي قرية جليلية معروفة بجمال موقعها، ومناظرها الطبيعية الخلابة، وتأثيرها الساحر على نفس الشاعر القلقة، لكنها مرهفة الإحساس، والنازعة أبدا إلى الحرية والجمال الكوني، مما يبقي نوافذه مفتوحة على العالم القريب والبعيد في آن.
عندما يتحدّث عن سيرة الكتابة، يؤكد أن نصف موهبته يرجع إلى الجمال الطبيعي الذي يتصف به شمال فلسطين، بجباله وسهوله وتضاريسه المكونة لجزء من طبيعة بلاد الشام، يتميّز بغناه وصفاء هوائه وروعته. كل أشعاره تستند إلى هذا الإرث الجمالي الطبيعي الهائل، الذي ورثته النفس وتمتعت به وتغنت بحسنه.
في قصيدة “عباد الشمس” تتجه لغته المنتفضة من البحيرة بجرس غنائي. بالرغم من كثافتها كشعر به تكسير زمني ينمّ عن معمارية خاصة في اتجاهه مرورا بديك الجن والمتأثرين به طبعا، وبلوركا.
“عباد الشمس”، قصيدة بنفس عاشق ورؤية حداثوية يحاول فيها الشاعر أن يشرح بعض همومه العاطفية. لغته تتجه نحو التكامل الموسيقي اللفظي وهو حريص جدّا في الكتابة الشعرية على خلق هذا التوافق الموسيقي في النص.
في الديوان هناك انزياحات تحيل إلى العالم الواقعي ربما هي مأخوذة من طبيعة الحياة التي عاشها الشاعر والتي لم تكن حريرية بالمعنى العميق، هنا شعر يميل بمجمله إلى معالجة القضايا الإنسانية بصورة رمزية ومجازية.
عرس حزيران ربما يرمز إلى احتفاء ما، بهذا الشهر الذي يحمل في أنفاسه رائحة العشق لأنه في نظر الشاعر بوابة الصيف الذهبية الجميلة. الذئب يرمز في الأدبيات القديمة والمعاصرة إلى حالة الجوع الأبدي، أو عشق ما، لا ينتهي ولا ينفد.