23 ديسمبر، 2024 9:06 ص

ذاتية القص وأغتراب المسرود

ذاتية القص وأغتراب المسرود

قراءة في أقاصيص (الأقبية السرية)لعلي حسين عبيد
في بعض الكتابات القصصية يقوم بعض من القصاصين بتحويل ملامح السرد أو السارد الى صورة تبدلات صيغية من شأنها جعل

المسرود المنقول ومهام المخيالية السردية الى أطار يتصف وحدود

تقديمات تسجل الى طرف صيغة (ذاتية القص) حيث يقوم القاص من خلال هذا بسرد وصنع الأحداث المسرودة وفق نوعية خطابية

تقترب من خلاصات التشخيص الذاتي ، وهذا القاص وعند عملية نقله لوقائع النص ، يبدو كما لو كان يقوم بأنجاز محيط حدثي مباشر

وعلى لسان صوت القاص نفسه وليس على لسان الراوي أو أحد شخوص تلك القصص. من خلال أقاصيص مجموعة ( الأقبية السرية ) للقاص علي حسين عبيد ،نلاحظ بأن الخطاب المسرود يتنقل عبر جهات ( المؤلف / الراوي / الشخوص / ذاتية المخاطب/

بنية الغائب ) وأحيانا نجده عبارة عن نداءات فنتازية شديدة الأبهام وهي تجول داخل أجواء محاولة الأمساك بفضاءات حلمية الشاهد

والأفعال المرتبطة بذاتية القص ، لهذا فأننا وإزاء قصة (طفل الحروب ) نرى مدى أرتباط صيغة الحدث المسرود بمديات وقائع حلمية وشخصية تأتي للقارىء أستباقا مع مسرودأنتقالية مفبركة ،

وأحيانا نجد بنية القص خالية تماما من أي وعي متصور( أبني يمد جسمه الى جانبي والبيت يهتز مع كل أنفجار جديد تناسيت ما حدث لأبني في قلب المدينة وحاولت ان أشطب شكل ذلك الحيوان المفترس من ذاكرتي . ص 29 )

ان المسرودهنا يبدوأشبه بما لو كان عبارة عن عرض بصيغة (الأقوال الجاهزة ) ولدرجة أمسى كل من يقرأ هذه الفقرات يشعر بمدى أضطراب شخوص وأحداث النص ، وهذه الصيغة في عرض

المسرود لربما تذكرنا بعملية تداخل الخطابات في القصة الستينية ، يوم كانت طريقة القص ، عبارة عن جملة واسعة من التبدلات المحكية مع مجرى واسع من الأساليب الأخرى الفنية ، وهذا الحال يطرح نفسه في قصة (أنا ) هذه القصة التي أضحت لنا مستقات من خلاصات تيارات التحاليل النفسانية وقيم أساليب الصورة الفنية المعاكسة ، والتي قد جعل منها علي حسين عبيد مرآة ذروية في خطاب الأنا المركزية ( فتحت الباب بهدوء وقبضتي ترفع السلاح الى مستوى بصري ومن غير أي حوار أوكلمات سأطلق رصاصتي على رأس الرجل الطويل لكن لم أرى أحدا أمام بصري وحين أدرت رأسي شمالا رأيت الرجل الطويل يجلس القرفصاء ويتكيء بظهره على سياج البيت وبهدوء عميق نظرت اليه لقد كان الرجل أنا . ص24 ) هذه الطريقة التقانية في تواري محورية السارد ، لربما هي ليست بالجديدة لاسيما وانها أمست متبعة ومنذ أيام عوالم نصوص القاص الأمريكي ( ادغار الن بو ) ونصوص المبدع الكبير ( وليم فوكنر ) وبعض من نصوص المبدع (تورو غنيف ) حيث نجد عادة شخصية الراوي تبدو متحققة داخل طابع صيغي من الأنشطار والتعدد البؤروي ، وهذا التداخل هو وليد أسلوب مايسمى ب( المنقول غير المباشر )كما في الوقت نفسه تبقى معينات مثل هذا الأسلوب الذي أتبعه القاص في قصة (أنا ) تبدو كما لو أنها أفعال راوي ذات صلة مباشرة بحركة الشخصية أو بحركة شاهد نفسي له كل الصلة والعمق داخل مجرى ألأحداث ،أما ما وجدنا عليه الأمرفي قصة ( فم التنين ) فالخطاب السردي في هذه القصة يبدو منقولا نوعا ما ، في كون أطار نسيج الحدث المحكي بات يربط الخطاب المسرود بجهة ( خطاب ألأقوال ) وهذا ألأمر قد جعل قارىء هذا النص يشعر كما لو أنه يعيش داخل مناخ وطقوس فضاءات كابوسية وفنتازية ،يملأها صوت ( الراوي / الشاهد ) وأحيانا نلمس صوت ضمير القاص نفسه ، ولدرجة باتت أحداث

القصة أقرب الى الديالوج منها الى المونولوج لاسيما عندما يتعمق لدينا الأنطباع بحلمية وتلاشي زمن الأحداث الوقائعية المشخصة ، والتي راح منها علي حسين عبيد يكثر من أستخدامها طيلة زمن قصصه ، الأ أننا ما قد قراناه في نص ( النصف الضائع ) لا أعتقد بأنه يمت الى عالم القصة القصيرة بشيء ما ، بل كل ما قد عثرنا عليه لا يمثل سوى مسرود شاذ ليس له من رأس ما أو قدمين حتى ،

فأنا لاأدري ؟ ما جنس هذا المكتوب هناك ؟ والذي يذكرنا كثيرا بروح الخواطر وعبارات صيغ الأهداءات في أعياد الميلاد وفي مناسبات أحتفالات الأشقاء السنوي ، وعلى هذا فأنا سوف لا أتوقف عند ذكر هذا الشواذ النصوصي الأ لغرض الأنتقاد والتنزيل ، وفي قصة ( الرجل الأصم ) نلاحظ ونعيش أحداث مقاطع حكائية مسلية، الأ أنها في الوقت نفسه تكشف على ان من كتبها لربما لا يتحلى بروح الموهبة القصصية والتقانه في ممارسة كتابة القصة القصيرة ( أنه الرجل الذي أبحث عنه حتى أصبحت على مبعدة أمتار منه فرأيت الأطمئنان قد حل عليه ولم يعد خائفا من شيء ما وضعت يدي على زناد المسدس وقررت ان أباغته من غير تمهيد لكنه بدأ لي بوجه طفولي بريء مطمئن .ص17 ) أما باقي أقاصيص المجموعة فأنها تقع على نفس الأشتغال من الأحداث والأفكار الى حد التطابق أحيانا ، فهناك مثلا حضور طاغي الى شخصية الزوجة بجانب حضور أجواء الحرب وشخصية الأب الذي هو دائما نهبا لمشاعر الأضطهاد والخوف وتقادم عجلة القلق على مصيره الشخصي ومصير أفراد عائلته .وبناء على كل هذا هكذا وجدنا مجموعة أقاصيص ( الأقبية السرية ) للقاص علي حسين عبيد مجرد لافتات كابوسية وعائلية وحروبية منقولة على أكف و سواعد المسرود الذاتي وملامح القص الذاتي البسيط والذي يذكرنا بهواة الرسوم التحضيرية والعاب الطفولة ، حيث يحدث فيها العالم وحركة الأشياء ضمن خشبة مسرح صوت الكاتب ، دون دخول ثمة إيقاع فني من شأنه جعل خاصية المحكي تتطلب أضاءة الحدث و الشخصية بنوع خاص من خطاب المسرود الموضوعي والفني الجاد ،بل أننا وفضلا عن ما قلناه ، وجدنا أقاصيص المجموعة

تتوضح لدينا جميعا من على شريط أنهيار القوائم القولية و أنحلال الأسباب السببية و انفكاك شرائط الزمن هكذا ودون رابط ما أو دلالات حضورية ما . وفي الختام أقول شخصيا الى القاص علي حسين عبيد معاتبا . حضرة الأستاذ الفاضل لعل في أسمك الثقافي والصحفي ما يحرك فينا دوما رمزا نخبويا جميلا ومتماسكا وذلك بناء على ما قد سلخته ردحا من الزمن في كتابة المقال الثقافي و القصة القصيرة والعامود الصحفي من على صفحات صحافتنا العراقية ، الأان ما قد قرأناه لك اليوم في مختارات أقاصيص

(الأقبية السرية ) قد جعلنا مع الأسف نعيد النظر في جميع حساباتنا الثقافية اليك وفي ما يتعلق وماهية أسمك ومشوارك النخبوي لاسيما وان ما هو موجود في هذه الأقاصيص ما تستطيع كتابته حتى ( ربات البيوت ؟) والطلاب في المدارس ، ولربما حتى العاشقات في كراريسهن السرية ؟ فيا كاتبنا الجميل ؟ أتمنى لو أنك قبل دفع هذه الأقاصيص الى محطة الطبع ، كنت تفكر ولو قليلا بكيفية الحفاظ على أسمك وصيتك الذي أضحى ومع تجربة هذه الأقاصيص الى أقبية خراب وأغتراب سردي ، ومن أجل التلخيص أكثر نقول ،

ان عوالم أقاصيص (الأقبية السرية ) جاءتنا نصوص بذاتية القاص وبنوعية خطابية تأتي بدرجة عالية عن محيط حدثي منفصل وحدود معينات الأفعال المحكية المرتبطة بذاتية المعروض المباشر ، وعلى هذا فأن مجموعة (الأقبية السرية ) باتت مجرد تلوينات مخيالية تسجل لصالح ذاتية القص الذاتي و ليس الى خطاب موضوعية النص القصصي الجاد والجديد .