نظم قسم مركز المعلومات ودعم إتخاذ القرار بدار الحكمة ندوة فكرية ، يوم الأحد السابع من ايار 2023 ، ناقشت موضوعا في غاية الأهمية ، كان عنوانها : / السياسة الإعلامية في المؤسسات العسكرية والأمنية العراقية.. التحديات والفرص المتاحة / ، حضرتها نخب عسكرية وأمنية وإعلامية من مختلف المؤسسات الأمنية والإعلامية ، وكان رئيس الجلسة أ.د صلاح حمزة عبد ومقررتها السيدة لمياء عبد الهادي ، أغنى فيها المشاركون مفهوم السياسة الإعلامية الخاصة بالمؤسسات الأمنية والعسكرية ، وكانت النقاشات على مستوى عال من الحرفية والمسؤولية العالية في الطرح وتحديد المفاهيم.
وكان أ.د أكرم فرج الربيعي الأستاذ بجامعة المستقبل وله العديد من المؤلفات الإعلامية ، أول المحاضرين في تلك الندوة الفكرية المهمة، حيث أشار فيها الى أن السياسة الإعلامية هي ” مجموعة المباديء والخطوط العريضة التي تستند اليها أية مؤسسة إعلامية في خطابها الإعلامي وفي مضامين توجهاتها والجمهور الذي تعبر عنه”، مشيرا الى أن مفهوم السياسة الإعلامية للدولة يختلف عن مفهوم السياسة الاعلامية لكل جهة صحفية او أمنية تمارس العمل الإعلامي أو الإعلام في مجالات الأمن.. فالدولة هي من ترسم الخطط العريضة للتوجهات الإعلامية ، وهي غير مكتوبة أصلا، في حين أن سياسة أية جهة إعلامية هي من إختصاصها هي ، دون أن تخرج عن السياقات التي حددتها الخطوط العريضة والعامة للدولة وتبقى ملتزمة بها.
وأوضح الدكتور أكرم الربيعي بأن السياسة الإعلامية تهتم بحركة الدول في شؤونها السياسية والاقتصادية والامنية ، وبخاصة أثناء الحروب والصراعات ، مشيرا الى أن كثيرا من المعارك يكون فيها الانتصار للإعلام وليس للإمكانات العسكرية ، لافتا الى ان “السياسة الاعلامية هي مجموعة من المبادئ والاسس والخطوط العريضة التي تستند اليها أي مؤسسة في خطابها الاعلامي وهي جزء لا يتجزأ من الاعلام”.
كما ذكر الباحث إن الاعلامي لا يتحرك بدون سياسة والسياسة لا تتحرك بدون اعلام وإن السياسية الاعلامية توضح اهداف المؤسسة ومبادئها وتحديد التوصيفات الدقيقة لها ، وتستند الى أطر ودساتير خاصة .
ومن جهتها فان السياسة التحريرية ، كما يشير الدكتور أكرم الربيعي لها خصوصيتها ، وأية جهة صحفية لها إسلوبها ونوع الخطاب الذي تود توجيهه للجمهور ، ومع هذا فإن تلك السياسات يتم رسم خطوطها أحيانا ، في دولة تتبع “نظام التعددية السياسية” ، بما يتفق مع أهداف أحزابها وقواها السياسية، دون أن تخرج عن الخط العام كما أوضحنا.
واشار الدكتور أكرم الربيعي في الورقة التي قدمها في الندوة الفكرية الى أهمية أن تعتمد السياسة التحريرية على ما أسماه بـ ” الدليل الإسلوبي ” ، حتى لايكون هناك تناقض بين المضمون والمادة التي يراد تحريرها، لكن في المؤسسات العسكرية والأمنية يكون الأمر أكثر صعوبة وأكثر تعقيدا ، لأن الأمن يخص كل مصالح الناس وحركتهم، فأي خلل يؤثر على الأمن سوف يؤثر بالمقابل على حياة الناس بشكل مباشر، والمنفذ للسياسة الإعلامية في الأجهزة الأمنية مقيد ، ويكون هامش الحرية له ربما 50 % أو أقل بكثير، ولن يكون بمقدوره أن تكون المساحة مفتوحة أمامه الا بنسب قليلة، لكي لاتسبب مشكلة لرجل الامن .. فالمؤسسة العسكرية تراعي ظروف القتال والمعارك ، والجمهور المتلقي للمعلومة في حيرة من أمره ، ورجل الأمن هو الآخر في حيرة من أمره ، في كيفية تلبيته لرغبات الجمهور ، لأنه ليس بمقدوره أن يعطي كل المعلومات بسبب ظروف الأمن والقتال.. أي أن المؤسسات العسكرية والأمنية مقيدة ، وليست مرنة كالمؤسسات الإعلامية ذات الطبيعة المدنية.
وركز الدكتور أكرم الربيعي في نهاية محاضرته على تحديد ماهية “الإشباع المعرفي” الذي يود الجمهور المتلقي أن يحصل عليه ..فـ “الإشباع المعرفي” من وجهة نظره هو ” تلبية حاجات الانسان الى المعلومات في القضايا التي يحتاجها او تمس صميم حياته اليومية “.
وكان أساتذة ومختصون وخبراء إعلام وأمن آخرين قد أدلوا بدلوهم في موضوعة الإعلام العسكري والأمني، مشيرين الى أنهم لايرون وجودا فعليا للتوجهات الإعلامية لوزارة الدفاع ، في وقت أشار خبراء عسكريون آخرون الى أن وزارة الدفاع تبقى مقيدة بموضوع الإستراتيجية العسكرية والسوقية ، ويصعب عليها اعتماد نظام إعلامي منفتح ، كما هو الحال ببقية المؤسسات الأمنية الأخرى.