لأول مرة في تاريخ العراق
ما جرى أمام منزل المفكر العراقي الأستاذ غالب الشابندر لم يكن حدثًا عابرًا، بل هو جرس إنذار خطير يكشف حجم الانحراف عن القانون وسقوط هيبة الدولة. فبغضّ النظر عن طبيعة التهمة التي وجّهها الشابندر إلى رئيس مجلس الوزراء، لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بممارسات تسيء إلى السلطة أو تهدد النسيج الاجتماعي للبلاد.
نحن نكنّ كل التقدير والاحترام لعشيرة السودان، تلك العشيرة العريقة ذات التاريخ المشرّف في التضحيات والمواقف الوطنية. ولكن الامر الخطير هو ما تضمنه الفيديو من تصريحات صريحة بأن التحرك جرى بتعليمات من رئيس الوزراء والنائب محمد الصيهود، حتى وإن قيل “دون عنف أو إطلاق نار”. فإذا كان هذا الادعاء صحيحًا، فإننا أمام اعتراف خطير بأن السلطة التنفيذية نفسها باتت تستخدم أساليب الفوضى والابتزاز بدلًا من أدوات الدولة والقانون.
إنّ مسؤولية رئيس الوزراء، بصفته الرجل الأول في السلطة التنفيذية، هي صيانة القانون وحماية النظام العام. وأي سلوك أو موقف يُخالف هذه المهام الأساسية يُقوِّض هيبة الدولة ويُضعف ثقة المواطنين بقياداتهم. العراق اليوم أحوج ما يكون إلى ترسيخ مفهوم المواطنة، وصون التعددية الفكرية، وحماية حرية الرأي والمعتقد بعيدًا عن أي مظاهر للفوضى أو محاولات للضغط على الأفراد بسبب مواقف سياسية أو شخصية.
إنّ العراق لا يُبنى بالدگات ولا بالاستعراضات العشائرية، بل يبنى بالعدل وباحترام حرية الفكر وبحماية كرامة الإنسان. ما وقع هو طعنة جديدة في جسد الوطن، وإشارة واضحة على أن مستقبل البلاد مهدد إذا استمر العبث بالقانون.
لهذا نقولها بوضوح: المطلوب وقفة حاسمة، لا مجاملات ولا تبريرات. الدولة يجب أن تعود إلى مؤسساتها، والقانون يجب أن يُطبّق على الجميع بلا استثناء، وإلا فإن العراق سينزلق نحو فوضى لا تُبقي ولا تذر.