18 نوفمبر، 2024 3:20 ص
Search
Close this search box.

دَعْوَةٌ إِلى الدُّعَاةِ… تَذْكِيْرٌ بِمَنْهَجِ الدَّعوَةِ وَ مَسْؤوْلِيَّةِ الدُّعَاة/2

دَعْوَةٌ إِلى الدُّعَاةِ… تَذْكِيْرٌ بِمَنْهَجِ الدَّعوَةِ وَ مَسْؤوْلِيَّةِ الدُّعَاة/2

أُكرِّرُ التَّنويهَ الذي ذكرتُهُ في الحَلَقَةِ الأُوْلى مِنْ هَذا المَقَال:
(الى كلِّ الدُّعاةِ المُخلصينَ، الّذينَ لَمْ تُغرِهِمّْ الدُّنيا، إِنّْ أَقبَلَتْ عَليّهم. و لَمّْ يَتخلَّوا عن مبادئِهم، إِنّْ أَدبَرَتْ عَنْهُم. هؤلاءِ الدُّعاةِ المبدَئيّين، الّذين عِندَهُمْ الدُّنيا، فُسَحةٌ منَ العُمْر، يَستثمِرونَ فيها كُلَّ الفُرَصِ المشروعَةِ، لتَقديْمِ عَطَاءِ الخَيّْرِ للآخرين. الى هذا النَّمطِ الرِّساليّْ أُوجِّهُ خِطابي هَذا. و اللهُ تَعالى وليُّ التَّوفيق.).

أَبدأ الحَلَقَةَ الثانيَةَ مِن المقَالِ، بتَذكيرٍ مُلَخَّصٍ بنقاطِ موضُوعِ الحَلَقَةِ الأُولى منه، كما يلي:

* بعدَ الاحتلالِ البريطانيّ للعراقِ في 6/11/1914، قامَتْ المرجعيَّةُ الدينيَّةُ في المدُنِ الشِيعيَّةِ المقدَّسةِ، تُعاونُها نُخبَةٌ من الطبقَةِ الواعيَةِ، في المجتمعِ العراقيّ. فأَسهمَ هذا التَّعاونِ، بتأسيسِ عدَّةِ مُنظماتٍ و أَحزابٍ إِسلاميَّةٍ، لتوجيهِ أَنظارِ الرأي العامِّ العراقيّ، نحو الخطرِ المُحدِقِ بالعراق. فأَعلنت المرجعيَّةُ الدينيَّةُ الشيعيَّةُ، الجهادَ لمقاومةِ القوّاتِ البريطانيَّةِ المحتلَّة.

* ظلَّتْ الأُمورُ متوتِّرَةٌ بشدَّةٍ، بين الثُوَّارِ و الانكليز، فانطلقتْ ثوّرةٌ شعبيَّةٌ عارمةٌ، في 30 حزيران من عام 1920.

* و لأَجلِ إِتمامِ البريطانيينَ لمشْروعِهم الاستِعماريّ، استَقدَموا الأَميرَ فيّْصَلَ بنِ الحسيّن، و نصَّبوهُ مَلِكاً على العراق في 23 آب من عام 1921. كما وضَعوا مقاليدَ مسؤوليَّةِ البلادِ، بيَدِ مَجموعةٍ من السِياسييّن، المرتبطين بالمشروعِ البريطاني.

* كانتْ رغبةُ الانكليزِ في تلك الفترةِ، وضعَ العراقِ تحتَ الانتدابِ البريطانيّ، و ربطِهِ بعدَّةِ مُعاهداتٍ استعماريّة.

* بتاريخ 5/11/ 1922، أَفتى مراجِعُ الشّيعَةِ، بحرمةِ المشاركةِ في الانتخاباتِ الخاصَّةِ بالمجلسِ التأسيسيّ (الجمعيّة الوطنيّة)، التي أَعدَّها الانكليزُ لإِضفاءِ الشَرعيَّهِ، على وجودهم في العراق.

* قامَ الملكُ فيّْصلُ الأَوَّلُ، بابعادِ مراجعِ الدِّين الشيعَةِ، الّذين وقفوا بعنادٍ ضِدَّ مُخطَّطاتِ الاستعمارِ الانكليزيّ، الى خارج العراق. و لمّْ يُسمَح لهم بالعودَةِ إِليه، إِلاّ بعدَ أَنّْ أَخَذَ مِنهُم، الملكُ فيّْصَلُّ الأوَّلُ، تَعهُداتٍ، بعدَمِ تدخُّلِهم في الشّؤون السِياسيَّة. (انتّهى مُلخَّصُ الحَلَقَةِ الأُوْلى).

لقدّْ مرَّ العملُ السياسيّ الإِسلاميّ الشِيعيّ، في فترَةِ تَجميْدٍ قاتِلَةٍ، امتدَّتْ قُرابةَ الثلاثينَ سَنَة. لكنّْ هذا العملَ بدَأَ يُعيدُ نشاطَهُ، في مُنتصَفِ الأَربعيّنيَّاتِ منَ القَرنِ العِشرينَ، حتّى انتهى المَخاضُ، بولادَةِ حزّبِ الدَّعوةِ الإِسلاميَّةِ في عام 1957.

لَمّْ يكنْ حزبُ الدَّعوةِ الإِسلاميَّةِ، مجرَّدَ رقْمٍ أُضيفَ الى عدَدِ الأَحزاب العراقيّة، بلّْ كانَ نَقلَهً نوعيَّةً، في تأسيسِ العمَلِ الحَركيّ الإِسلاميّ الوَطني العراقي. فأَفكارُ الدَّعوةِ، تنطلقُ من صميمِ العقيدَةِ الإِسلاميّةِ الصحيحة. و من المعلومِ أَنَّ الإِسلامَ، يُشكِّلُ هويَّةَ غالبيَّةَ المجتمعِ العِراقي، فكانَ لهذا الحزبِ حُضوراً جماهيريّاً واسعاً.

هناكَ نُقطتانِ ميّزتْ حزّبَ الدَّعوةِ الإِسلاميّةِ، عن غيرهِ منَ الأَحزابِ الأُخرى هُما:

1. تلازَمَ وجودُ حزّبَ الدّعوةِ الإِسلاميَّةِ ، بوجودِ مرجعيَّةٍ دينيَّةٍ، ذاتِ مِصداقيَّةٍ و مَوّْثوقيَّةٍ عاليَةٍ، يَستمدُّ منها الحزّبُ الشرعيّةَ في قراراتِهِ، و مواقِفِهِ السِياسيّةِ، تِجاهَ مُختلَفِ القَضايا الّتي تُواجهَه.

2. آمنَ حزّبُ الدّعوةِ الإِسلاميّةِ، بمبدأ تَراكُمِ الاصلاحاتِ، و هذهِ المُهمَّةُ، هي نَفسُ المهمَّةِ التّي نَهضَ بها الأَنبياءُ و الرُّسُلُ، على مَرِّ تاريخِ جهادهِم الاصلاحي. فاصلاحُ المجتمعِ هو الهدفُ المركزيّ، الذي يَسعى الحزّبُ لتَحقيقِه. و البدايةَ تنطلِقُ، من اصلاحِ الفردِ، و الأُسرةِ و المدرسةِ و الجامعةِ، و هكذا صعوداً حتى الوصول، الى اصلاح المجتمعِ كلّه.

هاتانِ النُّقطتانِ، جعلتَا حزّبَ الدّعوةِ الإِسلاميّةِ، نَموذَجاً فريداً بين الأَحزابِ الأُخرى، الموجودةِ على السَّاحةِ العراقيّة. الّتي كانَ هدفُها المركزيّ، الوصولَ الى السُلطةِ أَوَّلاً، و من ثَمَّ إِحداثِ التغييّرِ في المجتمع، بشَرطِ أَنْ يُوظَفَ هذا التغييّرُ، لخدمَةِ الحزّبِ، و أنْ يَصُبَّ في صالحهِ، و تجربة حُكمِ البَعثِ خيّرُ شاهدٍ على ذلك.

كما أَنَّ حزّبَ الدَّعوةِ الإِسلاميّة. لم يكنْ وليدَ أَزماتٍ سياسيةٍ فقطّ، و إِنّما كانَ نِتاجَ فلسفةٍ اصلاحيَّةٍ شاملةٍ، مدعومَةٍ برأي فقهيّ ناضجٍ، يَتطلَّعُ الى الحداثةِ و مواكبةِ كلِّ التَّغيرات، التي تَحصلُ في المجتمع. و تَعَايَشَ الحزبُ، مع صميمِ الحالةِ الفكريَّةِ و الثقافيّةِ، لعمومِ المجتمع. و سَعى لإِحداثِ التَّغييراتِ الايجابيَّةِ فيه، بعدَ تشخيصِ نُقاطِ الضَّعفِ السَلبيَّة.

إِنَّ الدراسَةَ التاريخيَّةَ المُقارَنَةَ، بيّنَ مراحلِ العملِ السياسيّ الإِسلاميّ الشِيعيّ العراقيّ، منذُ عامِ 1914 لغايةِ عامِ 1957، و التي انتَجتْ

مُتطلباتِ تأسيسِ حزّبِ الدَّعوةِ الإِسلاميّة. و بيّنَ الفترةِ الثّانيةِ التي غُيَبَ فيها العملُ السياسيّ الإِسلاميّ الشيعيّ، و التي امتدَّتْ من عامِ 1975 حتى عامِ 2003. تُقدِّمُ لنا صورَةً تتشابَهُ في تكويناتِها، كمقاطعَ تاريخيَّةٍ من الصِّراع السِياسيّ، الّذي مرَّ به العراق، منذُ عامِ 1914حتّى وقتنا الحاضر، و كأَنَّ المُشكلةَ الاجتماعيَّةَ، تتحرَّكُ على محيطِ دائرةٍ واحدة.

و يُمكنُ حَصرُ التَّشابُهِ، بينَ هذهِ التطوّراتِ التاريخيّةِ السياسيّةِ، و مقارنَتها مع الوَضعِ الحاضرِ، للوصولِ الى تحليلٍ علميّ، تستنِدُ نتائجُهُ على التجاربِ الواقعيّةِ، التي تُحدِّدُ لنا معالِمَ عمليةٍ استنباطيَّةِ، تكشفُ لنا نُقاطَ الضَّعفِ و القوّةِ، في التجربَةِ السِياسيَّة الخاضعَةِ للبَحث. و فيما يلي نقاطُ التّشابةِ بيّنَ الأَدوار السِياسيَّةِ، التي تناوبتْ على الشَّعبِ العراقيّ، للفترتيّْنِ المذكورتيّْنِ أَعلاه:

1. الاحتلالُ البريطانيُّ للعراقِ في عامِ 1914م.

*. يُقَابلُهُ الاحتلالُ الأَمريكيُّ للعراقِ، في عامِ 2003م.

2. وجودُ كمٍّ كبيرٍ من الأَحزابِ غيرِ الفَاعلةِ، التي ظهرتْ في الاعوامِ التي أَعقبَتْ، تنصيبَ فيّْصل الأَوَّل ملكاً على العراق، في عام 1921م.

*. و الأَمرُ كانَ كذلك، بعدَ عامِ 2003.

3. بعد حَضّرِ حكومَةِ الملكِ فيّصل الأوّلِ، العَمَل الاسلاميّ الشيعيّ، مرَّتْ فترةُ ثلاثةَ عُقودٍ تقريباً، توقفَ فيها العملُ التَّنظيميّ السياسيّ الاسلاميّ الشيعيّ.

*. نفس الحالة تكررت في زمن البعثييّن، حيث مَنعَ نظامُ البعّْثِ الصدَّامي، جميعَ التَّنظيماتِ الحزبيَّةِ منَ العملِ السِياسيّ، (ما عدا التَّنظيماتِ التي دخلتْ معهُ كجبهات).

و كان المنعُ مُشَدَّداً جداً، على تَنظيمِ حزّبِ الدَّعوةِ الإِسلاميّة. فانْحَسَرَ نشاطُ العملِ الحزبيّ الإِسلاميّ الشِيعيّ، مرَّةً ثانيَةً، منذُ عامِ 1975 حتى عامِ 2003. الأمرُ الذي تَركَ بصماتَهُ السلبيَّة بشكلٍ واضحٍ، على النُّضجِ السِياسيّ و الفِكريّ و الثَّقافيّ، لعمومِ الجماهيرِ الشَّعبية، ذاتِ التَّوجُهاتِ الإِسلاميَّةِ، و حتى الجماهيرَ ذاتِ التّوجهاتِ غيّرِ الإِسلاميَّةِ أَيضاً .

4. لمّْ يكُنْ في فترةِ حَظرِ النَّشاطِ السِياسيّ الشيعيّ، في العهدِ الملَكيّ، وجودُ رأْي عامٍّ موَحَّدٍّ، يجتمعُ عليه غالبيّةُ العراقييّن، يتّصفُ بتقديمِ المصلَحَةِ العّامَةِ، على المصَالِحِ الأُخرى. فانصرفَ المجتمعُ عن التَّفكيْرِ، بالانخِراطِ في العَمَلِ الكِفَاحيّ الإِسلاميّ ضدَّ السُلطَةِ، الأَمرُ الّذي أَعطَى للتَّوجُهاتِ اليَساريَّةِ، مساحةً أَكبرَ من العملِ في السّاحةِ العراقيَّةِ، اثناءَ تلكَ الفترة.

*. و الآنْ نَلمسُ بوضوحٍ، تَشتُّتَ الرأيَ العامِّ العراقي، و انفراطِ عَقدِ إِجماعهِ، حتّى و لو على قضيّةٍ مركزيّةٍ واحدة. كما أَنَّ ضَعفَ أَداءِ التَّجربَةِ السِياسيَةِ الإِسلاميَّةِ في العراق، و عجّزها عن تقديمِ النَّتائجِ الملومسَةِ، الّتي كان يطمحُ اليها الشَعبُ العراقي. أَدَّتْ الى عُزوفٍ، جماهيريّ واسعٍ، عن العملِ السياسيّ الإِسلاميّ.

5. في أَعوامِ الاحتلالِ و الانتدابِ البريطانييّنِ، كانَ الصّراعُ في حَلَبةِ العملِ السِياسيّ، لغَرَضِ الفَوّزِ بالسُلطةِ، مِن حصَّةِ اشخاصٍ موالينَ للانكليز. الأَمرُ الّذي أَدّى الى انقسامِ المُجتمعِ، فاصبحتْ غالبيَّتُهُ (وهم من الطائفة الشِيعيّة)، مُهمَّشَةً بشَكلٍ كبيرٍ، لأَسبابٍ أَرادَها الانكليزُ، انتقاماً من هذه الطّائفةِ، لمواقفها ضدَّهُ.

لقدّ وصفت الـ(مِسْ بَيْلّْ)، حالةَ التَّهميشِ المقصودَةِ للطّائفةِ الشِيعيَّةِ، في الفَترةِ التي عاصَرتها بقَولها: (أمّا أَنا شخصياً فأَبتهجُ و أَفرحُ، أَنّْ أَرى هؤلاءِ الشِيعَةَ الأَغرابِ، يَقَعونَ في مأَزقٍ حَرِجٍ، فإِنَّهم أَصّْعَبُ النَّاسِ مِراسَاً و عِنَاداً في البلاد.). (انتهى)(د. عبد الله النفيسي/ دور الشيعة في تطوّر العراق السياسي/ص 256). فالـ(مِسْ بَيْلّْ)، تشَكّكُ بانتماءِ الشِيعَةِ للعراقِ، و تتجاهَلُ تاريخَهم، فتصفَهم (بالأَغراب)!!.

*. و الان تبنَّتْ أَمريكا مشروعَ الارهابِ الموجَّهِ، ضدَّ الطَّائفَةِ الشِيعيَّةِ بشكلٍ خاصٍّ، و الشَّعبِ العراقي بشكلٍ عامّ، و بدَعم سُعودي وخليجيّ متواصل. و كأَنَّ هذه السياسةَ، تُذكّرُنا بسياسَةِ البريطانيين، و موقِفِ الـ(مِسْ بَيْلّْ) في (إِبعادِ الأَغراب).

6. بريطانيا احتلَّتْ العراقَ، لتوّسيعِ سُوقِها الاقتصاديّ، عن طريقِ زيادَةِ رُقعَةِ مُستمعراتِها و تنَوّعها.

*. الموضوعُ نفسُهُ كرَّرتهُ أَمريكا، عندَ احتلالِها للعِراق. لتَجني الأَموالَ الطَّائلةَ في زمنٍ، لا تَجِدُ فيه من تَتصارعُ معه، لتحريكِ عجلةِ اقتصادِها الصناعيّ العسكريّ، الّذي يعتمدُ بصورةٍ اساسيَّةٍ على أَسواقِ الحُروب. كما أَنَّ الأَجواءَ الدُّوليَةَ، الّتي تَرسِمُ و تُحدِّدُ توازناتِ القِوَى في العالم، سَمَحتْ لأَمريكا أَنّْ تَتبنّى صناعةَ الارهابِ، في العراقِ و سوريا، و دولٍ أُخرى في المنطقةِ، كمشاريعٍ استثماريَّةٍ، تعودُ على أَمريكا، و شُركائها الغربييّْنَ بملياراتِ الدّولارات.

7. في عامِ 1914، احتلَّتْ بريطانيا العراقَ، لتفتَحَ جبهَةٍ مع العُثمانييّنَ، الّذين تَحالفوا مع دُولِ المِحوَر. و كذلك لتمنعَ سيطرةَ

العُثمانييّنَ، على سواحلِ الخليجِ العربيّ، و بذلك أَمَّنَتّْ الطُّرُقَ البحريَّةَ، الّتي كانتْ تستخدمُها إِبّانَ الحربِ العالميَّةِ الأُولى.

*. كذلك فعلَ الامريكان، عند احتلالهِم للعراق، فهُم أَمَّنوا مُستعمراتِهم، المثمثّلةِ في دول الخليج. كما أَمَّنوا تَنَقُلَّ قُوَّاتهِم البحريَّةِ، في منطقةِ الخليجِ العربي. و أَصبحَ تواجُدُهم قريباً جداً، من عدوّهِم الاستراتيجيّ، إِيران.

و إِذا أَضِفنَا الى ذلك سبباً آخرَ، تَتَمحورُ قضيَّتُهُ، في موضوعِ ابتعادِ قطَّاعاتٍ كبيرةٍ، من المُجتمعِ العراقيّ، عن الالتزامِ بالثوابتِ القيميَّةِ و الوطنيَّةِ، و تغليْبِ المصالحِ الذّاتيَّةِ و الشخصيَّةِ، على المصالحِ الوطنيَّة، تبرزُ أَمامنا حاجَةً مُلحَّةً جداً، لاعادة نشاطِ حزبِ الدَّعوةِ الإِسلامية بصورتهِ البيّضاءِ النَّاصِعة، الى واجهةِ العَمَلِ الجَماهيريّ المُنظَّم.

ليُسهمَ من موقعِ مسؤوليَّتهِ الشَرعيّةِ، في البدّْءِ بالعملِ في مشاريعِ اصلاحِ السلوكِ العامِّ للمجتمعِ العراقي، و الاسهامِ بشكلٍ مباشرٍ، في غَرسِ المفاهيمِ الوطنيَّةِ الرَّفيعة، في نفوس أَبناءِ العراق الغَيارى. إِضافَةً الى انعاشِ حالةِ الوَعي الجَماهيري، التي تَمُرُّ الآنَ بحالَةِ مَوْتٍ سريري.

و إِنّي أَعتقدُ أَنَّ أَيَّ حزّبٍ آخرَ، غيرُ حزّبِ الدَّعوةِ الإِسلاميَّةِ، يقومُ باعتمادِ هذا البرنامجِ، و إِنْ كانَ بأَساليبَ أُخرى (بشرطِ عدمِ تعارضِها معَ قيمنا الاجتماعيّةِ و الوطنيَّةِ)، فهو سيُشاركُ أَيضاً، في اصلاحِ البنْيَةِ القيميَّةِ و الاخلاقيَّةِ للمُجتمعِ العراقي.

هذه البنيَةُ التي شَوَّهتها و دمّرتها، الممارساتُ التَّعسفيَّةُ و الاقصائيَّةُ، لحكمِ البَعث الصَّدّامي، الذي استهدفت مشاريعُهُ الاستراتيجيّةُ، تدميرَ روحِ المواطنَةِ الصَّالحَةِ، و قتْلها داخلَ نفسيَّةِ

الفَردِ العراقيّ. فأَتى مشروعُ البَعثِ، كمشروعٍ مُكمِّلٍ لمشروعِ البريطانييّْنَ، و من ثمَّ جاءَ الاحتلالُ الأَمريكيّْ، ليُكّْمِلَ ما لمّْ يستَطِعْ البريطانيّونَ و البعثيونَ إِكمالَه. و اللهُ تَعَالى مِن وراءِ القَصّْد.

أحدث المقالات