22 نوفمبر، 2024 11:23 م
Search
Close this search box.

دَعْشَنَةُ ألإِنْتِخَابَات !

دَعْشَنَةُ ألإِنْتِخَابَات !

أغلبُ ألدِول ألتي تَنْعَمُ بِالأمنِ، تَكوُنُ مُؤسَسَاتُها ألأمنِية مُستَقِلة، لَا تَنتَمِي لِحِزبٍ مُعًين، وَمِثالُ ذَلِكَ ألنَموُذَجُ ألمَصرِي، فَعَلَى ألرُغمِ مِنْ تَوَاليِ سُقُوط ألأنظِمَة ألسِياسيةَ فِي مِصْر، فَإنَ ذَلِكَ لَمْ يُؤَثِر عَلَى مِهَنِيةِ ألجيش، ألذِي إخْتَارَ أنْ يَقِفَ مَعَ ألشَعب، عَلَى عَكسِ ألدَولة ألعِرَاقيِة، ألتِي عَاشتْ إرّتباكٌ أمنِي طِيِلةَ ألسِنِين ألمُنصَرِمَة، بِسَبِبِ ولاءِ ألجَيش لِلسلطةِ، حَيثُ تَحَولَ ألجيشُ إلَى مَطِيةٍ يَركَبُهَا السِياسيُون مَتَى مَا شَاءُوُا.
 
مَوضوُعَ هِجوُم ألقُواتُ الأمنيِةَ عَلَى أوكارِ (دَاعِش) ألإرّهَابيِة فِي صَحراءِ ألأنْبار، أخَذَ أهَميةً كَبيرةً فِي ألشَارعِ ألعِراقِي، فَتَرى الناس مُنْبَهِرَةً بِما تُحَقِقَهُ ألقُوات، وَتُشِيدُ بِهِمْ لِمَا وَصَلوُا لَهُ مِنْ إنجَازَات، فِي مَعرَكَتِهم ضِد قِوَى ألإرّهَاب.
 
أمَا الإعلامُ ألمَرئِيُ وَألمَسموُع، فَقَد إتَخَذَ مِنْ ألأمرِ مَوَاضيِعَ شَتّى، مِنْ أجلِ تَمجِيدِ دَورِ ألقُوات ألأمنِية، وَتَعظِيِمُ دَورُ شُخُوصَ معينة، وَتَهويِلُ أمُورٍ قَد لا تَستَوُجِبُ ألضَجةَ والإثَارَة ألتِي حَصَلت!
 
إجْتَمَعَ أغلبُ سُكانِ ألمناطقِ وألأقضِية على ألخُروُجِ بِمُظاهراتٍ، لِمُسَاندةِ ألقُواتِ ألأمنيةِ، وَتقديم ألشُكر ألجُزيِل لَهُم، عَلى ألتضحياتِ ألتِي يُقَدِموُها، وَألمخاطرُ ألتِي يَتَحملُهَا ألعناصرُ، مِن أجلِ دَحرِ الإرهاب، فَمِن شَأّنِ كُلِ عِراقيٍ غيورٍ أنْ يكونَ دَاعِماً لِلقواتِ الأمنيةِ، ومُسانِداً لَهُم فِي مَعْرَكتِهم ضِدَ (ألدَاعِشِية).
 
شَاهدتُ إحدى ألمُظاهَرات، وَتوافدُ ألجَحافلَ ألعِراقيِة، لَكنْ مَا أدهَشَني هُوَ مَدَى إهتِمام ألناس بِالتعبيرِ عَنْ شُكرِهم وإمتِنانِهم لِلقُواتِ الأمنِيةِ! ألَيسَ مِنْ وَاجِبِهم حِمايةُ البَلد مِنْ مَخَاطِرِ الإرهاب؟ ألَيِسَ مِنْ وَاجِبِهم حِمايةُ ألشَعب مِنْ مَا يُنَفِذَهُ الإرهَابِيين مِنْ أعمالٍ إجراميةٍ؟ ألعَملياتُ ألعَسكريةُ ألتِي يَقٌومُ بِها ألجيشُ ألعِرَاقِي، هِيَ مِنْ ضِمنِ واجبهِ ولا شُكْرَ عَلى وَاجِبْ، كَمَا لِكُلٍ مِنا وَاجِبَهُ تِجَاه وَطَنَهُ.
 
هِتَافاتُ ألمُتَظَاهِريِنَ ألتِي تُمَجِدُ بِشخصٍ مَعينٍ، نَاسِبةً إنجازُ ألقُوات الأمنِية لَهُ، هُو مَا أثَارَ إستِغْرَابِي! هَلْ تِلكَ هِي قُواتُ (أبوُ فلان) أمْ هِيَ قُواتُ ألعِراقْ الأمنِية؟ وَهَلْ مَا يُوَاجِهُونَهُ مِنْ إرّهَابٍ كَانَ يَستَهدِفُ أمْنَ (أبو فلان) أمْ أمْنَ ألعِراقْ؟ شَاهدتُ غِيابَ ألوَعِي والإدراك، ولُهاثُ ألنَاس وَرَاءَ تَشخِيص الإنجاز، ليستفد مِنهُ فِي ألمَرحَلةِ ألمُقبِلَة، سِيَمَا وَنَحنُ مُقبِلُونَ عَلَى الإستِحقَاقَاتِ ألبَرلَمَانِيَةِ.
 
جَدَلاً، لِنَحسِب ذَلكَ الإنْجَاز لِـ(أبوُ فلان)، أينَ كَانَ طِيلةَ ألسِنِين ألمُنصَرِمة؟ هَل إستَغرَق فَترةَ عَشرُ سَنَوُات لِشحذِ هِمَمِ ألقُوات الأمنِية، مِن أجلِ حَرقِ خَيمةٍ وَاحِدةٍ، وَقتل مَا لَا يَقِلُ عَن عشرينَ شخصٍ، بِحَسبِ (حميد ألهايس) فِي لِقاءٍ تِلفزيُونِي لِقَنَاةٍ حُكُوميِةٍ (ألعِرَاقِية)، وَإعِتقالِ مَن كَانَ مَطلوبٌ لِلدولةِ؟ أكَانَ يَنتَظِرُ سُقوطَ مَلايينِ ألضَحَايا، لِيَفِزَ مِن سُبَاتهِ ألطَويِل؟! أمْ إنَ مَا قَامَ بِهِ (دَايزَر ألخَضرَاء) قَدْ سَاهَم فِي تَحفيِزِ ألقُوَاتِ، ألتِي لَمْ تَكُنْ قَادرةٌ عَلى إعتِقَالِ سَارِقٍ وَاحِدٍ؟! وَكُلُ تِلكَ ألتَسَاؤلات ألتِي رَاوَدَتنِي، وأنَا أرَى ألمُتَظاهِريِنَ قَدْ غَيَبُوا عُقُولَهم عَنْهَا.
 
)يبجي ألحق ضيع ناطوره)، (الله وياك حجي محمد)، (دمك يمحمد طك جرذان ألدعاشة)، هِتَافَاتٌ جَدِيدَةٌ، أسمَعُهَا لِأولِ مَرةٍ، تَسَاءْلتُ مَن يَكُونُ هَذَا ألشَخص؟ وَمَا عِلَاقَتُهُ بِألحَربِ عَلى (دَاعِشِ) الإرهَابِيةِ؟ عَرفتُ بَعدَ حِينٍ إنَهُ أللِواءْ (مُحَمدُ ألكُروّي)، ألذِي قُتِلَ بِإنْفِجارِ إحدَى الإسْطُوانَات (ألبَرَامِيل)، ألمُحتَوِيَة عَلى مَوادٍ للتَفجِيرِ، عِندَما رَكَلَها (دفرها بحسب ما قالهُ رئيس ألوزراء) بِقَدَمِهِ، خِلالَ إحدَى ألمُدَاهَمات، قُبَيَلَ إنْتِفَاضةُ ألقُواتَ الأمنِيِة عَلى ألوَكرِ الإرّهَابِي!
 
هَلْ ألعَمَليةُ ألعَسكَرِيةُ جَاءَتْ رَداً عَلى إستِشهَادِ هَذَا أللِواءَ؟! ِحَسَبَ مَا سَمعْتُ، إنَهُم أطلَقُوا عَليِها إسمَ (ثَأرُ ألقَائِد محمد)! مَعَ جُلِ إحتِرَامِي للشَهِيدِ، حَريٌ بِجَيشِنا ألبَاسِلُ أنْ يَثأرَ مِنْ جَمِيعِ إسطِوَانَاتِ ألغَدْرّ (ألبَرَامِيل)، لِأنَهَا ألسَبَب فِي مَوُتِهِ، وَعَلَى ألجِهاتِ ألمَعنِيةِ أنْ تَعرِفَ ألجِهَةُ ألمُصَنِعَةُ لِأسطُوَانَاتِ الغَدْرِ لِمُقَاضَاتِهَا، وَتَحدِيدُ نَوُعُ أجَنْدَاتِهَا خَارِجِيةٌ كَانَتْ أمْ دَاخِلِيَة!
 
 وَأمَا إنْ كَانَت ألشَهَادةُ هِيَ مَا يَدفَعُ ألقُواتُ الأمنِية لِلقِيَامِ بِمِثلِ هَكَذَا مُدَاهَماتٌ وإعْتِقالاتٌ، ذَلِكَ يَجْعَلُهُم مَدِينُونَ لَنَا بِمَلايِيِنِ ألعَمَليِاتِ ألعَسْكَرِية، فَقَدْ دَفَعْنَا مِنَ ألشُهَدَاءِ مَا لَا يُحْصَى, وَإنْ كَانَتْ ألعَمَلِيةُ لِأجلِ شَخصٍ مُعَيَن، ذَاكَ يُعِيدُ تَفَشِيَ ألطَبَقِيةَ بِمِكيِالِ ألحُكُومَةِ، لَكِنْ بِمَفهُومٍ جَدِيدٍ هُوَ نَوعِيةُ ألضَحَايَا، ما يُقَلِلُ مِنْ شَأنِ ألشُهَدَاءِ الأبْرَار ألذِينَ سَقَطُوا مِنْ قَبِل، عَلى يَدِ (دَاعِشَ) وَأعْوُانِهِم، دُونَ أنْ تَتَحَرَكُ ألحُكُومَةَ لِلأخذِ بِثَأرِهِم.

أحدث المقالات