17 نوفمبر، 2024 1:41 م
Search
Close this search box.

دين ضد الدين…حديث (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة)

دين ضد الدين…حديث (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة)

هل يعقل ان النبي محمد (ص) يدلي بحديث (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة)؟ فيرد هذا الحديث القرآن الكريم القائل {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا # يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا – مريم 5 – 6 } وقال سبحانه وتعالى { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ – النمل – 16} فالقران الكريم قد بين حكم الميراث بالعموم ووضحها بالخصوص حق كل وريث {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا – النساء – 11 } امر غريب ان يشكل على النص القراءني , بحديث مزعوم بحيث يسلب ملكية ورثة الانبياء!!! وهل من العدل أن يحرم أبناء وزوجات الأنبياء من ميراثهم لكي لا يقول عنهم ليس لهم حب في مال الدنيا ؟!وهل حب الدنيا وكسب مالها حرام على الأنبياء وحلال لبقية البشر؟!…أمر يحتاج تامل.

ان استحداث الخصوص للانبياء بحرمان عوائلهم من الميراث من العموم لبقية البشر لابد ان يستند على هدف ومبرر؟ فما هو المبرر وما هو الهدف ؟ الجواب لا شيء وما يدعى به خلاف العدل … فالنبي محمد (ص) ترك على اقل تقدير اربع نساء بعد مماته , عائشة وحفصه وام سلمه وزينب , فالبيوت من ضروريات المعيشة لهن والله امرهن بالاقرار في بيوتهن فكيف يقرن والبيوت بعد فقدان النبي (ص) اصبحت ليس من حقهن وملكيتها متززلة ؟! تبرير لا يقره العقل لا سيما حكم أزواج النبي كالمعتدات لانهن لا يتزوجن بعده …هناك من يحاول ان يجد حلا لهذا الاشكال فيقول: البيت لا يدخل في الميراث ، فإذا متن زوجات النبي (ص)رجعت مساكنهن إلى أصلها من بيت المال ، كرجوع نفقاتهن ,فكيف لا يدخل البيت في الميراث ؟! اضافة الى هذا الراي يتعارض مع ما فعلته السيده عائشة بدفن ابيها في بيتها وموافقتها على دفن الخليفة الثاني بجانبه , هذا لا يتحقق الا اذا كان البيت ملكييته لها بالمطلق !!! وهو الراي الناهض لا يصح راي سواه.

المفسرون قالوا, الوراثة هي للنبوة والعلم لا المال في حين الحقيقية خلاف ذلك, فوراثة النبوة مستحيلة وممْنوعة، فهي هبة من الله يُعْطيها من يَصْطفيه من عباده ، في حين وراثة المال ممكنه لكل البشر بما فيهم الانبياء , وحتى حديث العلماء ورثة الانبياء ,الامر فيه ينطوي على المسؤولية التي وقعت على عاتق الانبياء والمفترض ان يقوم بها العلماء وليست وراثة العلم…لنتفق مع من يقول الوراثة للانبياء للعلم لا للمال , فلماذا فاطمة (ع) استثنيت من هذا الخصوص؟!

أن لفظة الميراث في اللغة لا يصح إطلاقها إلا على ما يجوز أن ينتقل من الموروث إلى الوارث, كالأموال وما في معناها, ولا يستعمل في غير المال , ولهذا لا يفهم من قول القائل: لا وارث لفلان إلا فلان , وفلان يرث مع فلان بالظاهر والإطلاق إلا ميراث الأموال عن العلوم وغيرها , لذا لا يحق لنا أن نعدل عن ظاهر الكلام وحقيقته إلى مجازه بغير دلالة قاطعة .

ان حديث نحن معاشر الانبياء لا نورث ليس يتعارض من نصوص قرائية فقط بل يتعارض مع حديث نبوي صحيح ومشهور عند جميع فرق المسلمين ومضمونه (الصدقة لا تحل لمحمد ولا آل محمد) تصور ورثة الانبياء مسلوبي السكن , فقراء لا تحل عليهم الصدقة , فكيف يعيشون ؟! ولماذا الله اختار لهم هذا الحال الذي لا يسر وما هي مسوغاته؟!

الطامة الكبرى ليس تعارض حديث نحن معاشر الانبياء لا نورث مع نصوص قرائنية واحاديث نبوية كما بينا بل أنّه لم يردنا عن تاريخ كلّ الأنبياء (ع) بأنّهم لم يورّثوا شيئاً، وما يتركونه فهو صدقة، وأنّ لو كان هذا صحيحا لكان قد ذكر في كتبهم .

ومضة تاريخية تكشف الحقيقية

لنكن مع نص الحديث بحذافيره ونقبله مجازا , فمن منح الحق لبني اميه ان تمنع دفن الامام الحسن (ع) بجنب قبر جده (ص)؟! بل من منح لهم الحق في اقتطاع فدك نحلة للزهراء (ع) وهي ليست ميراث فسلبت ملكيتها منها ؟! ولما ولي معاوية , أقتطع مروان بن الحكم ثلث فدك , وعمر بن عثمان ثلثها , ويزيد ابنه ثلثها الآخر , فلم يزالوا يتداولونها حتى خلصت كلها لمروان أيام حكمه , فلما تولّى عمر بن عبد العزيز الحكم رد فدك على ولد فاطمة (ع) ثم انتزعها يزيد بن عبد الملك من أولاد فاطمة (ع) فصارت في أيدي بني مروان حتى انقضت دولتهم , فلما قام أبو العباس السفاح بالامر ردها على عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ثم قبضها أبو جعفر المنصور في خلافته , وردها المهدي بن المنصور على الفاطميين , ثم قبضها موسى بن المهدي من أيديهم , ولم تزل في أيدي العباسيين حتى تولى المأمون فردها على الفاطميين سنة ( 210 ه)

أحدث المقالات