20 مايو، 2024 7:05 ص
Search
Close this search box.

دين ألإنسان وألألوهية

Facebook
Twitter
LinkedIn

مقدمة:
من فوائد أسفار الفيدا ألهندية لنا أن تعرض علينا الدين وهو في طريق التكوين، فنرى مولده ونموه وموت الآلهة والعقائد، ونرى ذلك بادئين من النزعة الروحانية البدائية حتى نبلغ وحدة الوجود الفلسفية، بادئين بالخرافة في “فيدا أثارفاً” (أي سفر السحر) ومنتهين إلى الوحدانية الجليلة كما ذكرت في أسفار “يوبانشاد”.
ألمؤمن بألأديان بعد أن يتخلى عن إيمانه يمر بمرحلة أللادينية ولكنه لا يستطيع أن يتخلى عن إيمانه بوجود إله بسهولة، لذلك نجد بينهم من يؤمن بإله منزه مناقض للإله ألإسلامي أو المسيحي أو أليهودي.
وقسم آخر يكون لا أدريا، واللاادرية توجه فلسفي يقول أنّ القيمة الحقيقية للقضايا الدينية أو الغيبية غير محددة و لا يمكن لأحد تحديدها وانّ قضايا وجود الله أو الذات الإلهية بالنسبة لمعتنقي هذه الفلسفة موضوع غامض كليا ولا يمكن تحديده في الحياة الطبيعية للإنسان. ومن اشهر الفلاسفة اللاادريين الفيلسوف الصيني كونفشيوس.
وبعض أللادينين يكونون ربوبيين وهوإتجاه فلسفي يرى أنّ الخالق خلق الوجود وأعطاه قوانينه ثم تركه تسير حسب النواميس الّتي وضعها .
ألقسم ألأكبر من اللادينيين يتحولون إلى ألإلحاد، وهو الاعتقاد بعدم وجود خالق واعي للكون والمخلوقات حسب الفهم الديني، ويَعتَبِر المُلحدون المادّة  والكون ازليا والدين وهما من تخيّل الانسان. يعتبر الملحدون الايمان بوجود الخالق غير مُثبت وانّ التصديق به هو نمط من الايمان الشخصي لا يستند على ادلّة ولهذا يُمكن رفضه بدون دليل. لايوجد تعاند بين الالحاد والدين فالبوذيون يؤمنون بالدين ولكنّهم لا يؤمنون بالاله.
هنالك شريحة من ألناس ومنهم بعض المتصوفة تؤمن بعقيدة وحدة الوجود وهي مذهب فلسفي يقول بأن الله والطبيعة حقيقة واحدة، وأن الله هو الوجود الحق، ويعتبرون الله صورة هذا العالم المخلوق، أما مجموع المظاهر المادية فهي تعلن عن وجود الله دون أن يكون لها وجود قائم بذاته.
وهي فكرة قديمة أعاد إحيائها بعض المتصوفين المسلمين من أمثال: ابن عربي، وابن الفارض وابن سبعين والتلمساني والذين تأثروا بالفلسفة الأفلاطونية المحدثة وفلسفة الرواقيين. وناد بوحدة الوجود بعض فلاسفة الغرب من أمثال سبينوزا وهيغيل.
فلسفة أسفار يوبانشاد:
موضوع أسفار اليوبانشاد هو كلّ السر في هذا العالم الذي عزّ على الإنسان فهمه، “فمن أين جئنا، وأين نقيم، والى أين نحن ذاهبون؟ أيا مَن يعرف “براهمان” نبّئنا مَن ذا أمرَ بنا فإذا نحن هاهنا أحياء.. أهو الزمان أم الطبيعة أم الضرورة أم المصادفة أم عناصر الجو، ذلك الّذي كان سبباً في وجودنا، أم السبب هو من يُسمّى “بوروشا”- الروح الأعلى؟
 المقاطع التالية تختصرألعقيدة ألبرهمية:
          براهما:
إذا ظنَّ القاتل المخضّب بدماء قتيله أنّه القاتل 
أو إذا ظنَّ القتيل أنّه قتيل 
فليسا يدريان ما اصطنع من خفي الأساليب 
فأحفظها لديَّ، ثمّ أنشرها، ثمّ أُعيدها 
البعيد والمنسي هو إليّ قريب 
والظل والضوء عندي سواء 
والآلهة الخفية تظهر لي 
وشهرة الإنسان بخيره أو بشرّه عندي سواء 
إنّهم يُخطئون الحساب الّذين يُخرجونني من الحساب 
إنّهم إذا طيّروني عن نفوسهم فأنا الجناحان 
إنّهم إنْ شكّوا في وجودي فأنا الشكُّ والشاك معاً 
وأنا الترنيمة الّتي بها البراهمي يتغنّى. 
 
فراس ألسواح وألقوة السارية :
في مؤلفه الرائع “دين ألإنسان” يذكر فراس السواح أنّ المعتقدات كلها على تنوعها ذات وحدة تتبدى على شكل إحساس بانقسام الوجود إلى مستويين، المستوى الطبيعي والمستوى القدسي، وأن المستوى القدسي يرتبط بالمستوى الطبيعي من خلال قوته السارية، ويؤكد أنّ :
 “الدين ليس وهما ، والمؤمن ليس واهما  في إحساسه بوجود قوة أعظم منه تضم الوجود إلى وحدة متكاملة. لأن الخبرة الدينية قد ارتكزت عبر الأزمان على تجربة حقيقية صلبة، وعلى شرط معطى للوجود الإنساني “.
ولكن ما هي هذه القوة السارية في الكون؟
هي الطاقة التي تسري فيه، وفي الإنسان بما أنه مادة.
لتوضيح ذلك يختم فراس السواح كتابه ببحث معقد في الفيزياء الحديثة والنظرية الكمية، هدف هذا البحث هو إيجاد صيغة علاقة الإنسان بالكون، حيث يتوصل إلى أن الوعي جزء من المادة غير منفصل عنها، وبالتالي كان الإنسان يشعر ومنذ البداية باتحاده مع الكون، أي مع المادة، وهذا الاتحاد هو القوة السارية التي كان يشعر بها الإنسان القديم.
 
ويبقى التساؤل ألأزلي وهو:
هل المادة تسبق الوعي أم ألوعي سابق للمادة؟
فإذا آمنّا بأنّ المادة تسبق الوعي نستبعد وجود إله عاقل خلق ألكون.
وإنْ آمنّا بأنّ ألوعي سابق للمادة فهذا يعني بأنّنا نؤمن بوجود إله عاقل خلق ألكون.
 
مصدر ألبحث:
–         دين ألإنسان …. فراس السواح.
–         قصّة الحضارة……. ول ديورانت
–         الموسوعة الحرّة ( ويكيبيديا )

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب