23 ديسمبر، 2024 3:55 م

ديناصورات مهنة المتاعب

ديناصورات مهنة المتاعب

تعلمت أن خط الحياد هو طريق النجاة والمضي بعيداً عن عناوين التزلف والانبطاح ، فَلم اكترث للأبواق والمزامير والاسطوانات المشروخة سيما تلك المتبجحة بالتأريخ المهني والذي اغلب تفاصيله لا تخرج عن شعار ( نفذ ولا تناقش ) ، لا يخرج عن أطار العبودية وهز الوسط قبل الرأس إلى الأسفل في حقبة زمنية لا رجعة إليها ، يتراقصون بين سطورهم الحاملة لـ(أبطح) العبارات والكلمات  الملاصقة جداً للحيطان والأرصفة ، يرفعون شعار ( خوط بصف الإستكان ) ومفردات تغنت بأوهام الانتصارات وفقاعات الجُمَل المتطايرة من المخيلات لتجد مكاناً لها في زوايا الصفحات ، ديناصورات متهالكة منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر على أعتاب أبواب المسؤولين مستجدياً بضعف النفس وسقوط قطرة الحياء وجفاف الكرامة ، أو أولئك المتمسكين بعناوينهم الوظيفية لعقود زمنية ، يتخيلون أنفسهم دعاة وأنبياء صالحين في مهنة المتاعب وهم عقول لا تبارح أماكن التلون والمنافع الشخصية ، بحثاً عن سفرة هنا و إيفاد هناك أو القليل من فتات الفضلات يرمي بها المسؤول السارق على جنبات طريقه في كل حدب وصوب .

قليلون هم من حافظوا على قدسية المهنة من هذه الديناصورات الهرمة ، لا يتعدون أصابع اليدين ، أكن لهم كل الاحترام والتقدير وكثيرين من باعوا شرفها في سوق النخاسة والتعاسة ، وكأنهم في حقلٍ عقيم ( عاكر ) لم ينجب غيرهم من الصحفيين والإعلاميين والنقاد ولا يعترفون بالدماء المتجددة عطاءً ومفردةً وموضوعية وصراحة وحيادية دون خوف من مسؤولٍ فاسد وسلطان جائر ، لا زالوا غير قادرين على الإحساس والشعور بحجم التطور والحداثة والتكنولوجيا غير مصدقين إن زمن التسلطية والعبودية قد ولى إلى غير رجعة وغير مأسوف عليه ، كفوا عن حب الأنا واعرفوا حقيقة التغيير والانفتاح وشاهدوا أنهار الدماء الجديدة والمتجددة  التي اختصرت المسافات والأزمنة في دروب هذه المهنة المتعبة بفترات وجيزة وانتم لازلتم تبارحون أماكنكم كما كنتم وستبقون داخل إطارها إلى يوم اليقين .