24 نوفمبر، 2024 8:25 ص
Search
Close this search box.

ديموقراطية البنادق والتضليل‎

ديموقراطية البنادق والتضليل‎

ان مفهوم الديموقراطية كشكل من اشكال انظمة الحكم لم يدخل الى العراق بشكل النمو الطبيعي لفكر ومنطق الشعب ، او عبر تطور تاريخي للفكر السياسي في العالم كما هو متبع في الدول الاوروبية وفي امريكا الشمالية وغيرها . ان الديموقراطية الحالية في العراق قد جاءت مع اول دبابة امريكية دخلت بغداد عام 2003 . وقد تم فرض الديموقراطية المزعومة عنوة على الشعب العراقي من خلال حكم بريمر المتسلط والمتحكم بمقدرات الشعب لفترة ليست بالقصيرة يعاونه في ذلك مجلس حكم يمثل حثالات من الشعب العراقي وليس النخب الوطنية فيه ، فنشات عندنا ديموقراطية هجينة ومشوهه لاتشبه اية ديموقراطية في العالم ، ديموقراطية تعبر عن فوضوية لامتناهية ادخلت الشعب العراقي في متاهات يصعب الخروج منها . وقد بنيت اساسا على المحاصصة الكتلوية والحزبية وسميت فيما بعد بالتوافقات ، لتكرس مبدأ” مناقضا تماما للفكر الديموقراطي الحر او الليبرالي . اضافة الى ان فرض الرأي عن طريق البندقية لايمكن اعتباره في اي حال من الاحوال مظهرا ديموقراطيا . ومن يطلع على مقالة وولفويتز نائب وزير الدفاع الامريكي الاسبق ، وعراب احتلال العراق ، والتي كتبها بتاريخ 10 حزيران عام 2004 تحت مسمى خارطة الطريق للعراق المستقل ، والمنشورة في جريدة وول ستريت جورنال ، سيجد ان كل ما كتب فيها مجاف للحقيقة ، وان اوضاع العراق بعد اكثر من اثني عشر عاما قد اصبحت بشكل مغاير تماما لما جاء فيها من ادعاءات . ولا اعلم ما الذي كان يعنيه بالمستقل ، هل هو العراق المستقل عن شعبه او وطنيته ام المستقل عن كل شكل من اشكال الديموقراطية في العالم . وبالعودة الى خارطة الطريق هذه نجد انها حددت بالنقاط الخمسة التالية :

 ١-;-_ نقل السلطة . . ويفترض فيها انتقال السلطة من مجلس الحكم الى وزارات منتخبة تمثل الشعب . ونحن نعلم كيف تمت عملية نقل السلطة من الجعفري الى المالكي ، الذي امسك بها باسنانه ثم الى العبادي . ونعلم جيدا كيف ان الشعب في كل مرة يذوق الامرين من تمسكهم بالسلطة .

٢-;- _ الامن . هل هناك من داع لشرح كيف صار الامن عندنا . يكفي ان تخرج الى الشارع لتجد كل اشكال العنف والاضطهاد من مجاميع مسلحة وسيطرات تنتمي الى احزاب وعصابات تعيث في الارض فسادا ، وعلى مراى ومسمع من اجهزة الدولة الامنية في توليفة غريبة لا تجد لها مثيلا الا في العراق .

 ٣-;- _ اعادة بناء البنية الاساسية للعراق والمجتمع المدني . . لنترك الحديث عن المجتمع المدني ، حيث تم اغتياله منذ وقت مبكر . اما البنية الاساسية في العراق فيتحدث عن الصحة والتربية والكهرباء ، وانعاش الاقتصاد بمعدلات سريعة ، تنم عن تطور هائل . هكذا يقول. ! . الصحة التي فقدها المواطن عندما انحدرت المستشفيات الى الحضيض من ناحية النظافة او الاجهزه وفقدان العديد من الادوية . والتربية التي لم تشهد بناء اية مدرسة منذ الاحتلال الى يومنا هذا ، يضاف اليها تسرب الاطفال نتيجة نزوحهم من مدنهم وقراهم ، او نتيجة الفقر والاملاق . والكهرباء التي اصبحت اسطورة من كثر الحديث عنها حتى مل المواطن من ذكرها وذكر المولدات وتوزيع الكاز وسعر الامبير وغيرها من المشاكل التي لاتعد ولا تحصى ، ونحن على ابواب صيف ساخن ككل صيف ولا زالت الكهرباء تراوح في مكانها . وانعاش الاقتصاد بمعدلات سريعة ، الذي وصل بنا الى حد الاقتراض من صندوق النقد الدولي سئ الصيت . ويطوف وزير المالية المسكين على دول العالم ليستجدي بضعة ملايين من الدولارات لتدخل في جيوب الفاسدين مرة اخرى . 

٤-;-_ حشد الدعم الدولي من اجل تعزيز الديموقراطية في العراق . هذا الدعم الدولي الذي وصل الى حد التدخل السافر في كل الشؤون الداخلية للبلد . وسوف لن تجد دولة ليس لها موطئ قدم في العراق من شماله الى جنوبه للتآمر وتزويد العصابات بالاسلحة والاستشارات والاموال ، لترجيح فئة على فئة وطائفة على طائفة ، او قومية على اخرى

. ٥-;-_ الحكم الذاتي في العراق عن طريق اقرار الدستور وانتخاب مجلس نواب وحكومة وطنية ، وقادة يتعلمون فنون التسوية السياسية ويكرسون جهودهم للمحافظة على وحدة وطنهم . هكذا ! هل تجد في اية كلمة مما ورد اعلاه مايطابق واقع الحال عندنا . ربما كان يقصد العكس . فالانتخابات تم تزويرها بشهادة النواب انفسهم . وحكوماتنا بعيدة كل البعد عن الوطنية العراقية . وقادة فاسدون لايجيدون سوى لغة السلب والنهب وخيانة الامانة والضمير . اما وحدة الوطن فهذه نكتة لايمكن التعليق عليها . هل هناك وضوحا اشد مما ورد من ادعاء وتطبيقات مناقضة له تماما . لقد افرزت الاطروحات الديموقراطية الامريكية ، وتطبيقاتها المريرة في العراق ، وطن ممزق ، وشعب منقسم بين طوائف وقوميات واحزاب طامعة .وكل ينصب العداء للاخر . . ان هناك مائة ميليشيا مسلحة تدعي انها من الحشد وهي ليست منه على قول السيد العبادي رئيس الوزراء المزعوم . وهناك اكثر من خمسين محطة فضائية تبث الاكاذيب وتضل الشعب العراقي عن هدفه الاساسي في بناء دولة المواطنة . واشغاله بتفاهات الامور ، وتحثه على الكره والضغينة وباساليب رخيصة . وبعد كل هذا . هل هنالك من يدعي ان العراق قد اصبح دولة ديموقراطية بعد الغزو الامريكي له . انها تذكرة للناس ليعيدوا بناء دولتهم على وفق الحس الوطني الذي تمتعوا به طوال سنوات مديدة من الكفاح والنضال من اجل الحرية . . والعيش الكريم . 

أحدث المقالات

أحدث المقالات