ان الناتج الطبيعي لمن يحمل فكر سياسي هو ان يرفع الشعار الديمقراطي وشعار الحريات ولكن في دولة (شرق المتوسط) كما اسماها عبد الرحمن منيف وهي رمز لدول الشرق الاوسط ذات الانظمة الدكتاتورية القمعية التعسفية نرى ان من نذر نفسه للجهاد والكفاح والنضال وتحمل وزر مرحلة عصبية وقد يكون سجن او هجر او اغترب كل ذلك من اجل شعار الانعتاق وصنع ارادة تتوجه نحو عصرنة الحياة وبناء مستقبل وصفاء تسوده الحريات والامنيات والعدالة والنزاهة والشفافية وهذه البديهيات كلها نتاج الفكر الديمقراطي وعندما نستذكر وقوف سياسينا ضد النظام الدكتاتوري كان يحدونا الامل بان القادمين (نشامى) العراق الجديد سيسعون بكل الطرق الانسانية قيادة المجتمع تحت طائلة الحريات بكل مسمياتها .. لكن ذاك الخزين اتضحت صورته ا ذبه خزين من الفقاعات السوداء ذات الابخرة القاتلة لكل من يحاول الوقوف في طريقها.
اقول….. ان التجربة العراقية حملت الينا غرابة الاشياء وبؤس التجربة اذ هذه التجربة من الماضي لم تأتي اكلها الا باستنساخ نموذج الفكر الدكتاتوري التعسفي بكل مفاصله.
وها هي الدولة تزوق نفسها بشتى اسس الدكتاتورية فابتداء من اصغر مدير في مؤسسات الدولة الى الوزير والمدير العام واعلى هرم الى رجل الدين نراهم متسارعين لحماية انفسهم بارتال من الجنود والجيش والشرطة ..تراهم في المؤتمرات مدججين باعداد هائلة من الحمايات … في الصلاة وعلى الموائد وحتى لو قدر لضابط مسؤول ان يذهب لحلاقة رأسه ترى سيارتين او اكثر لحمايته وهكذا صنعنا دكتاتورية اسوء من دكتاتورية صدام ودولته.
اقو لان هذا النتاج لم يكن غريباً لولا اصالته في هذه العقول وهذه النفوس انه نتاج موروث مقيت اتى مع الرياح الشرقية والغربية وهو اشد غرابة عن طبيعة وشخصية العراقي.
لقد مرت عشر سنين والعراق تحيطه الغيوم السوداء والسبب واحد هو ا وان الساسة العراقيين تمذهبوا بالديمقراطية الحقيقية والنظرة الانسانية للحياة لكانت حياتنا اكثر زهو وبريقاً ولكن الاتكاء على الافكار السلفية التي لا يمكن مزاوجتها ابداً مع الروح الليبرالية والديمقراطية لا يمكن ان يصنع غداً مشرق دونما الايمان الحقيقي بمعطيات واسس الديمقراطية الحقة حتى نستطيع ان ننتج عراقي حر ابي.
ان الشخصيات التي تعيش في الظلام وفي عقلية قرون دولة الخروف الابيض والاسود غير قادرة في يوم ان تصنع حتى لموسيقى الريح او تستمع لناي او طرقات منجل فلاح او مطرقة عامل اذ هي خلقت كي تبكي على اطلال الوهم والضياع لملك جله عذابات وويلات وهؤلاء عشاق الضيم والبؤس والشقاء ولا يريدون رؤية الفرح والحرية والديمقراطية ان تسود البلاد وتضيء للعباد وهم مسافرين في غيهم يزورن ويمكرون للبقاء في اعالي الابراج متناسين ثورة ووثبة الشعوب.