17 نوفمبر، 2024 9:25 م
Search
Close this search box.

ديمقراطية الغرب وهم

ديمقراطية الغرب وهم

صمت اسماعنا ونحن نسمع بعض المثقفين العلمانيين والذائبين في تجربة الغرب الديمقراطية الى حد (الثمالة) وهم يتحدثون عن الديمقراطية في الغرب ، والتي تتجاوز اطارها (الالي) في التداول السلمي للسلطة ، لتصل الى منظومة فكرية متكاملة تشمل حرية الانسان اللامحدودة في التعبير والفكر  ، وانه لارادع للانسان في السلوك والحركة والسكون الا الانسان نفسه ، وان حياتة  هي غاية الوجود .
اليوم بدا هذا الادعاء يفرغ من محتواه ، بعد ان (قتلت ) الديمقراطية بمعناها الاشمل في مهدها الاول ، اذ ان المتابع لمجريات الاحداث في منطقتنا والعالم يجد حجم النفاق الذي يمارسه دعاة الديمقراطية وحرية الانسان من قادة الغرب السياسي ، فالتعاطي الازدواجي مع حقوق الانسان قد وصل الى ابعد مستوياته ، وتعدى مرحلة المداراة الى مرحلة التكشير عن حقيقة ذلك النفاق .
نموذجان شاخصان امام اعيننا يكفيان كمصداقين لحجم النفاق السياسي والاستهتار بحرية الانسان لدى مدعي الديمقراطية ومؤسسيها .
النموذج الاول في حقوق الاسنان وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها تكمن في التعاطي مع ثورة البحرين ونظيرتها في سوريا ، فلازال الشعب البحريني يعيش ويمارس ارقى انواع الرقي الديمقراطي والسياسي للعتبير عن حقه ، والمطالبة بابسط حقوقه المشروعة من خلال التظاهر السلمي ، ومن كل شرائح المجتمع ، ليشمل الدكتور والاستاذ الجامعي ، الى المدرس ، فالطالب،  والانسان البسط ، فضلا عن رجل الدين والمثقف ، ومنظمات المجتمع المدني ، ليقابل باوحش ردة فعل من قبل نظام مستبد ومستهتر ودكتاتور بكل يعنيه هذا الاصطلاح من معنى – بناءا على المعايير الديمقراطية الغربية – فهذا النظام لم يصل الى الحكم  وفق الاطر الديمقراطية التي حددها الغرب ، ولم يتعاط مع مطالب شعبه بناءا على تلك المعايير ايضا ، وهو يقتل المتظاهرين ، ويعذب المعتقلين ، وينتزع الاعترافات منهم انتزاعا ، كل ذلك يحصل امام انظار واسماع كل دعاة حقوق الانسان وامام دعاة الديمقراطية في كل ارض الله الواسعة ، لكننا لم نجد من ينتصر لهذه الديمقراطية المزعومة ، فضلا عن حقوق المواطن البحريني ، ليقول لنظام ال خليفة كفى فانك تنتهك ديمقراطيتنا التي اسسناها لكل الناس وندافع عنها في كل مكان .
بالمقابل نجد النفاق باجلى صوره عندما تقوم امريكا وكل الدول الغربية بدعم الجماعات المسلحة في سوريا  وتؤجج الاقتتال الطائفي والاهلي ، تحت ما يسمى بدعم الديمقراطية ، وترفض اعطاء التجربة الديمقراطية التي (نظرت) لها عقود من الزمن بمعانها الواضح وهو التداول السلمي للسلطة ، فامريكا والغرب فضلا عن اذنابهم في الخليج يرفضون اجراء انتخابات حرة وشفافة ونزيهة في سوريا ، حفاظا على ارواح الناس من الشعب السوري المسكين ، وانجاحا لمشروعم الديمقراطي ، ويفضلون على ذلك القتل والحرب وسفك الدماء ، تحت نفس الشعار الديمقراطي .
المصداق الثاني هو مصداق حرية التعبير التي( تغنى) بها الغرب ومريدوه في بلداننا العربية والاسلامية  ، هذه الحرية المزعومة قد نقلت الى مثواها الاخير ، عندما اقدم دعاة حرية التعبير على غلق القنوات الفضائية الايرانية في خطوة غير مسبوقة ، لا لشيء الا لان هذه القنوات تتقاطع سياسيا وفكريا واعلاميا مع السياسة الغربية ، وان هذه القنوات قد فضحت سياسة النفاق الامريكي الغربي في التعاطي مع مجمل القضايا التي تعيشها المنطقة والعالم ، وان هذه القنوات تمتلك سياسة اعلامية ومصداقية كبيرة ، استطاعت ان تصل الى عقول المجتمع الغربي والذي اخذ يتعاطى معها ويتابعها بحرض اكثر من متابعته للقنوات الغربية السياسية ، وليس ادل على ذلك من هذا الاقدام على غلق هذه القنوات .
ان هذا الاجراء رغم انه يعد بحق حمل جنازة حرية التعبير التي نادى بها اصحابها ، فانها سوف لاتكون اخر خطوة بهذا الاتجاه ، وان مقولة بوش الابن قبيل غزوه العراق ( من لم يكن معنا فانه علينا ) لهي ابسط دليل على دكتاتورية الاستكبار العالمي وزيف لكل الشعارات التي ينادي بها خلال السنوات الماضية ، مع فارق بسيط وهو ان الانظمة الغربية وامريكا يتعاطون مع الديمقراطة وحقوق الانسان مادامت لم تتقاطع مع الحرية التي يريدونها ، ومع حقوق الانسان الذي رسموا له قالبا يريدون ان يضوعه فيه ، والا فان الحرية وحقوق الانسان ليس لها مصداق خارجي يذكر  .

أحدث المقالات