19 أبريل، 2024 11:03 م
Search
Close this search box.

ديمقراطية إنتخاب الرقم 1 العراقية المأساوية

Facebook
Twitter
LinkedIn

رغم كل الدورات الإنتخابية التي أقيمت لا زالت العملية السياسية على حالها المتردية تقودنا من سيء إلى أسوأ إلى درجة أن الناس يموتون بصراعات داخلية لا معنى لها و ديون خارجية مليارية فلكية من دول نبيع لها نفطنا و هي بالأمس ألقت علينا القنابل لقتلنا و تدمير مدننا و اليوم نتهمها بإدخال داعش علينا لتعيث فينا الفساد، و بلغنا من الإنحطاط و السخرية أن دولا ً فقيرة لا تمتلك نفطا ً مثلما نملك تعيش أفضل منا و في مؤتمر المانحين الأخير تصدقت علينا بدولارات لا تعادل مصاريف إطعام أعضاء مجلس النواب ليوم واحد. و هذا الخراب الذي نحن فيه لا مخرج منه إلا ّ أن يقوم الشعب بإنتخاب أشخاص بعينهم إعتمادا ً على سيرتهم الشخصية الإيجابية و برامجهم الإنتخابية الواقعية و قبلها الإبتعاد عن إنتخاب الرقم 1 في القوائم الإنتخابية أو بما يسمى الزعماء السياسيين الذين لم يقدموا شيئا ً إيجابيا ً خلال تلك الدورات الإنتخابية المتلاحقة، و المصيبة أن الكثيرين من الذين يشاركون في الإنتخابات مطبوعون على عبادة هؤلاء الزعماء أصحاب الرقم 1 و الإصرار على إعادة إنتخابهم رغم كل هذا الخراب الذي نحن فيه.
إن ما يسمى بالزعماء السياسيين فإنهم إنبثقوا في غفلة من الزمن على أرض الساحة السياسية العراقية في العهد الجديد بعد التغيير، وهم لم يكونوا معروفون قبل هذا التاريخ و لا حتى قبل أول إنتخابات برلمانية، و لكنهم طرحوا أنفسهم كزعماء سياسيين منقذون للشعب من الواقع الذي كانوا يعيشوه قبل التغيير، و بعد فوزهم في أول إنتخابات برلمانية و بعد أن إستمكنوا من إمكانيات الدولة المالية و إستغلالها للدعاية الشخصية و توظيف المقربين في المؤسسات الحكومية و توزيع البطانيات و المواد العينية في الحملات الإنتخابية و ترويجهم للدعايات بأنه لا يوجد غيرهم على أرض الساحة السياسية و أنهم جاؤا على ظهر الدبابة الأمريكية و أن الأمريكان هم الذين يفرضونهم في الإنتخابات البرلمانية و أن إنتخاب غيرهم سيعيد دورة سرقة الأموال العامة من جديد بينما هم قد شبعوا من السرقة و نشرهم للأقاويل بأن جميع الساسة حرامية و لا فائدة من المشاركة في الإنتخابات لإنتخاب غيرهم و نتيجة اللامبالاة بين أغلبية أفراد الشعب و عدم الإهتمام بالتثقيف و التثقيف الذاتي تطبَّع الشعب على هذه الأقوال و الدعايات بإعتبارها واقع حال لا يمكن تغييره فأصبح الناس منقسمين بين مشاركين في الإنتخابات ينتخبون حامل الرقم 1 في القائمة الإنتخابية و بين المقاطعين للإنتخابات لا ينتخبون أحدا ً. و نتيجة لذلك أصبح الرقم 1 مالكا ً لكتلته إضافة ً للنظام الإنتخابي الذي يوزع أصوات الرقم 1، الفائضة عن إستحقاقه الإنتخابي، على بقية أعضاء كتلته، و بذلك أصبح النواب بفضل أصوات زعيم الكتلة يدينون بالولاء لهذا الزعيم بسبب ما يتمتعون به من إمتيازات و لذلك نراهم يتبعون زعيمهم في كل كبيرة و صغيرة. و هؤلاء النواب التابعين فإن كل واحد منهم يحاول بنفس طرق زعيمه أن يصبح زعيما ً جديدا ً في الساحة السياسية العراقية و ليحمل الرقم 1 في القائمة الإنتخابية، و لذلك كثرت القوائم الإنتخابية التي تشارك في الإنتخابات.
و للخروج من هذه الدوامة السياسية و الإنتخابية يوجد طريقان إما تغيير النظام الإنتخابي بمنع تحويل أصوات الرقم 1 إلى بقية أعضاء كتلته أو أن يتحرر الشعب من عبودية الرقم 1 و يجتهد بالتحري عن الأشخاص الكفوئين لإنتخابهم.
إن قيام الشعب بإنتخاب الفاسدين و عدم الإجتهاد بالبحث و التقصي لإنتخاب الصالحين سبب لما يحدث لنا من خراب مصداقا ً لقوله تعالى “وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ” (هود117)، حيث أن إحدى طرق الإصلاح الإمتناع عن إنتخاب الفاسدين و الإجتهاد بالبحث و التقصي لإنتخاب الصالحين، و لكننا لا نبالي بذلك و ننتخب الرقم 1 و حتى إن لم يقدم شيئا ً و حتى إن أتهم بالفساد و لذلك إستحققنا الهلاك الذي يحله اللّـــه سبحانه و تعالى على المجتمعات الممتنعة عن الإصلاح. أما الإصرار على عدم الإصلاح بإعادة إنتخاب نفس الفاسدين على مر الدورات الإنتخابية فهو عناد للخالق سبحانه و تعالى بوجوب الإصلاح و هذا يجعل الأمور أكثر سوءا ً و حدوث مصائب لم تخطر على بال أحد كإحتلال داعش لأراضينا و إرتفاع مديونية العراق المليارية إلى أرقام فلكية مصداقا ً لقوله تعالى “وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ” (الأنفال30).
خالد إبراهيم

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب