23 ديسمبر، 2024 9:05 ص

ديمقراطيةُ على الطريقة الأمريكية  ..

ديمقراطيةُ على الطريقة الأمريكية  ..

 بعد انتهاء حقبة الحكم البعثي في العراق الذي استمر لثلاثة عقود قُمعت فيها جميع الممارسات الديمقراطية بكل أنواعها وأشكالها ,أمل واستبشر العراقيون خيرا بالتغيير الذي أحدثته الدبابات الأمريكية بعد العام 2003 عندما وطئت سرفاتها ارض العراق معلنةً نهاية حكمٍ ديكتاتوري وبداية حكم ديمقراطي جديد ! الديمقراطية التي  كان العراقيون يتمنون أن يرون  فيها الحرية الحقيقية والتغيير الجذري في بلدهم الذي عانى من ويلات الظلم والاضطهاد ولاستبداد  .
ولكن وبعد عشر سنوات من تطبيق هذه التجربة على ارض الواقع أتضح للجميع إن ما أتت به أمريكا للعراق هو ليس من اجل إنهاء الديكتاتورية وبداية الديمقراطية بل هو تنفيذٌ للمشروع الأمريكي في العراق والمنطقة من خلال الديمقراطية التي رسمتها للعراق على ما تشتهي وتحب لا على ما يريد ويتمنى العراقيون ,فالحرب الطائفية والمفخخات الإرهابية وصراع الكيانات السياسية واحتقان المذاهب الدينية وفساد المؤسسات الحكومية ,كلها ممارسات ديمقراطية على الطريقة الأمريكية التي تحمل الخطط والأهداف المنشودة للتنفيذ والتطبيق ,وفعلا استطاعت هذه الديمقراطية من تحقيق العديد من الأغراض والأهداف ومن أهمها اسقاط الاسلام السياسي وخرق المكون والنسيج العراقي الواحد وتفريقه إلى مكونات عديدة ,وهذا ما لا يدركه ساسة اليوم الذين أصبحوا هم الآخرون أداة لتنفيذ المشروع الأمريكي في العراق من حيث لا يشعرون او من حيث يشعرون  ,فولاء السياسي لكتلته وحزبه ومكونه وطائفته واهتمامه بمنافعه وامتيازاته أكثر من ولائه لبلده وشعبه هو ما نراه اليوم وهو ما تبناه ذلك المشروع الديمقراطي !في العراق الجديد الذي عزز حالة الانقسام بين مكونات المجتمع, فالوقف السني والوقف الشيعي وحرب الإعلام بين البرلمانيين وكتلهم ودعم نظام الأسد والوقوف إلى جانب الجيش الحر كلها ممارسات موجودة على الساحة اليوم تخدم الأجندات الخارجية والمخططات الأجنبية تحت مظلة الديمقراطية الهادفة إلى إسقاط الإسلام السياسي و تقسيم العراق وتفكيكه إلى دويلات متعددة وهذا ما ماضي له العراق إذا استمر الحال على ما هو عليه وإذا استمرت هذه الديمقراطية في العراق .
وبعد إن أدرك الشعب تلك الأهداف البغيضة وتلك الديمقراطية المزيفة بلباس الحرية التي لم يرى منها سوى حرية المفخخات التي تنفجر في أي مكان شاءت وحرية الفساد في جميع المؤسسات دون وجود الرقابة والمحاسبة وحرية الأحزاب والطوائف المتناحرة فوق مصلحة الوطن وحرية المصالح الشخصية ,بقي  عليه أن يدرك ويعرف إن إرادته هي الأقوى وصوته هو الأعلى وقراره هو الحسم في تغيير الوضع الديمقراطي الحالي واستبداله بالديمقراطية الحقيقة النابعة من داخل الشعب لا القادمة على سرفات الدبابات الأمريكية وهو ما عبر عنه في المظاهرات السلمية في 31/8 لإلغاء تقاعد النواب المصادرة من حقوق الشعب وقوته ومواله  وهو ما ماضي عليه أيضا في المظاهرات القادمة في 5/10 حتى استرجاع كافة الحقوق التي سلبت منه خلال العشر سنوات الماضية بحجة الديمقراطية الجديدة التي لا تخدم الا المشروع الأمريكي وهذا يوجب وقفة جميع الشرفاء من ابناء هذا الوطن ووقفة وسائل الاعلام الوطنية الى جانب هذه النهضة الشعبية الفتية المطالبة بالحقوق لا العقوق  ودعمها بكل الوسائل والإمكانات المتاحة والممكنة ..