23 ديسمبر، 2024 11:52 ص

ديكتاتورية المالكي وديمقراطية خصومه !

ديكتاتورية المالكي وديمقراطية خصومه !

من ثنائيات ومفارقات العهد الجديد في العراق ان المعايير انقلبت رأساً على عقب وانعكست بشكل مثير وخطير حتى اصبحت الحرية التي حرم منها شعبنا طيلة العهد السابق وسيلة وسلاحاً لاولئك الذين كانوا السبب في منعها وتحريمها على شعبنا فيحاربوننا بالحرية التي منعوها عنا في الحقبة الظالمة والمظلمة.
دعوات الاصلاح المتصاعدة في الافق العراقي السياسي المشحونة بالاتهامات تبشر بمعطيات طيبة تنعكس بالضرورة على مستقبل العملية السياسية في العراق وتؤكد اهمية مراقبة الوضع السياسي ومتابعة ثغراته ومعالجة اخطائه لكي لا يستبد او ينفرد الاخرون بالسلطة والقرار خاصة في النظام الديمقراطي البرلماني يصعب بل يستحيل احتكار القرار واستئثار السلطة لصعوبة حصول ذلك بتعلق كل القرارات المصيرية بالبرلمان وليس بامكان رئيس الوزراء مخالفة البرلمان الذي عينه.
لا اريد التشبيه بين عهدين في التأريخ الاسلامي (عهد الامام علي والعهد الجديد) ولكن ثمة مقاربة اضطرتني للمقارنة القهرية والقسرية بين هذين العهدين وتذكيراً بحقبة البعث المبادة فيقول الامام علي في توصيف معبر ومؤثر “كانت الرعايا قبلي لتشكو حيف رعاتها، وأنني اليوم لأشكو حيف رعيتي كأنني المقود وهم القادة، أو الموزوع وهم الوزعة”.
لا اريد التوضيح اكثر من ذلك ولعل التلميح ابلغ من التصريح في بعض الاحيان.
ومن هنا ما يثار هنا او هناك بان ثمة ديكتاتورية على ابواب العراق هو محاولة لذر الرماد بالعيون وتكريس الاحباط والهواجس لدى المواطن العراقي الذي ينشد الامل والخلاص من واقعه السابق المأزوم بالحروب والتوترات.
اي ديكتاتورية يتحدثون عنها في واقعنا ودولة رئيس الوزراء لا يستطيع ان يقرر الا بالرجوع الى البرلمان باعتبار ان موقع مجلس الوزراء هو موقع تنفيذي وليس تشريعياً او قضائياً.
الحكومة مكبلة بقيود عديدة دستورية لا يمكن لرئيسها التصرف بطريقة فردية كما يتوهم الاخرون فمن يزعم بان ثمة ديكتاتورية تنمو في العراق فهو غارق في الاوهام ولعل المقربين للقرار والبرلمان يدركون هذه الحقيقة اكثر من غيرهم فلماذا التطاول على شخص رئيس الوزراء واتهامه بهذه الاتهامات وتوصيفه بهذا التوصيفات البائسة التي تعكس الحرية في العراق وابداء الاراء والتصريحات والاتهامات بدون اي مسائلة او محاسبة.
هل لدينا معتقل او سجين متهم بالافتراء على رئيس الوزراء ارشدونا لكي نزوره في معتقله والذين يطلقون الاتهامات والافتراءات على رئيس الوزراء هل يسمحون باطلاقها عليهم او توصيفهم بها؟ مالكم كيف تحكمون؟
وخصوم المالكي الديمقراطيون الى حد النخاع ماذا يتصرفون لو ان مواطناً القى بحذائه على ضيوفهم وماذا سيكون مصيره وماذا سيكون مصير مجموعة من الشباب العاطلين وهي تهتف في ساحة التحرير ضدهم؟
القارىء النبيه يدرك جيداً طبائع خصوم المالكي وواصفين بالديكتاتورية ممن يتعاملون مع ناقديهم بطريقة لا يعلهما الطب العدلي ولا ازيد توضيحاً على ذلك فهل زرتم الطب العدلي او معتقلاً يحتضنان مواطناً قد اتهم المالكي بالديكتاتورية .. افتونا مأجورين لو سمعتم بمواطن سجين؟
خصوم المالكي القدامى والجدد هم ادرى بالطريقة التي يتعاملون بها مع خصومهم وناقديهم وقد يستحضرني في هذا السياق قوله تعالى “أتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون” وما قاله الشاعر العربي ” يـــا أيـــهــا الـــرجلُ الـــمـعـلــمُ غيرَهُ هــلا لــنفسِـكَ كــان ذا الــتعليمُ؟ / تصفُ الدواء لذي السقامِ وذي الضنى كـيمـا يـصحَّ بــه وأنتَ ســقيمُ/ ونـراكَ تـصـلــحُ بــالـرشــادِ عـقولَـــنــا أبداً وأنتَ مـن الــــرشادِ عديــمُ/ لا تنهَ عن خُــلُـــقٍ وتـــأتــي مــثـلــهُ عـــارٌ علـــيكَ إذا فعلــتَ عظـيمُ/
واختم مقالتي بما قاله عبد الله بن عباس : دخلت على أمير المؤمنين صلوات الله عليه بذي قار وهو يخصِف نعله فقال لي : ما قيمة هذا النعل ؟ فقلت : لا قيمةَ لها! قال : (( والله لَهِيَ أَحَبُّ إِليَّ من إِمرتكم ، إِلاّ أَن أُقيم حقّ اً، أَو أَدفع باطلاً )) .