النفط بين العشرة والمئتين!!
الواقع النفطي مضطرب وينبؤنا بما لا تحمد عقباه , خصوصا بعد التصريحات الأخيرة والتطورات الكبيرة في الدول الكبرى , وما يدور في هذا العالم المتصارع على الطاقة.
ولكي أتبين الواقع والمآل , توجب عليّ الحديث مع ديزي , لكي أستشرف منها بعض الرؤى والتصورات , وما سيكون عليه حال الدنيا في السنوات الأربعة القادمات.
فسألتها عن النفط فقالت: إنه الحياة , وبدونه تنعدم جمرتها وتخمد أنفاسها.
قلت: ونحن نمتلك ثلاثة أرباع نفط الدنيا!!
قالت: لكنكم ضعفاء , والضعيف لا يملك!!
قلت: لكن النفط في أرضنا.
قالت: النفط بحاجة لعقول إقتصادية وسياسية ذات قدرات معرفية وسيادية , ولديها خبرات في صناعة القوة وإستخدامها لتحقيق مصالحها.
قلت : وهل تحطين من قدر أنظمتنا؟!!
تضحك ديزي وتنظرني شزرا وتقول: لو أنتم تملكون النفط لما وصلت أحوالكم إلى هذا المآل المخزي المشين!!
قلت: لا يوجد شخص في أرضنا لا يرى بأن النفط نفطنا!!
قالت: ولديكم مثل يقول “إسمك بالحصاد ومنجلك مكسور”!!
قلت: يا ديزي أن العالم يتحدث عن نفطنا والأخبار تتناقل أخباره وأسعاره كل يوم.
قالت: وما هي منفعتكم من شيئ لا تملكونه؟!
قلت: وكيف تقولين ذلك؟
قالت: عندما كنتم لا تعرفون قيمة نفطكم في القرن العشرين كانت تستحوذ عليه الشركات وتغريكم ببضعة دولارات , وأنتم تتبجحون , وفي نهاية القرن العشرين عندما وضعت القوى الكبرى يدها العسكرية على منابع نفطكم , ماذا حصل؟
قلت: كأنك في حيرة وتخريف؟
قالت: بل أنتم الحائرون المخرفون!!
فالنفط ليس نفطكم , وعندما كان بعيدا عن القبضة الحديدية كان سعره أقل من عشرة دولارات , وعندما قبضوا عليه تجاوز المئة دولار للبرميل الواحد , وعندما أرادوا أن يفعلوا ما يفعلوا أسقطوا سعره إلى دون الثلاثين , وهذا يعني أن سعر النفط يتحقق بقرار سياسي , والأقوياء هم الذين يقررون سعره.
قلت: وماذا تريدين؟
قالت: القوي القادم يريد نفطكم , وقد قالها بصراحة ما بعدها صراحة , وهذا يعني أنكم سوف لن تكون لكم بالنفط ناقة ولا جمل , أي أن النفط سيكون بقبضة الأقوى الذي لا يخاف من أحد وعندها سيفرض السعر الذي يريد.
قلت: وما دور حكوماتنا؟
قالت: عليك أن تنسى هذا الهذيان , فالقوي يريد أن يفترس الأقوياء كالصين واليابان والهند , وغيرهم من الأسود والنمور العطشى للنفط , ولهذا فأنه سيجعل سعر برميل النفط لأكثر من مئتي دولار , لكي يمسك بعنقهم ويهيمن على مصيرهم الإقتصادي.
قلت: وهذا سينفعنا كثيرا!!
قالت: أنت مجنون , فريع النفط لن يدخل جيوبكم وإنما سيذهب إلى بنوك الأقوياء , ولن يتحقق في دياركم إلا الخراب والصراع الدامي , وما ستحصلون عليه هو السلاح والعتاد لكي تقتلوا بعضكم بعضا , وتندفنوا بالغابرات الباليات , وتتوهمون الحياة التي هي الموت في عرفكم , فدعو النفط للأقوياء يتنعمون بثرواته , ولكم جنات النعيم التي تساقون إليها سوق الغطيع والخرفان!!
قلت: يا ديزي أنك لتهذربين!!
قالت: سألتني فأجبتك والزمن هو الذي سيحكم بيننا.
قلت: وداعا ياديزي , فأنك لمن المتشائمين!!
قلت: إذا كنتَ مصيبا فاصنعِ السعادة بالنفط!!
وعندما تأملت أحوالنا , ما وجد للنفط دورا إلا في آلامنا وخرابنا ودمارنا ووجيعنا الابيد!!
فهل صدقت ديزي أم أنها لمن الكاذبين؟!!