(ديجافو) مصطلح فرنسي معناه ( شوهد بالفعل ) وهي تلك الحالة التي نشعر
فيها أمام مشهد او موقف معين يتراءى لنا أننا مررنا بهذا الموقف أو
شاهدناه بالفعل سابقاً أو سمعنا هذا الكلام من قبل ولكننا متأكدين انه لم
يحدث ، وانا كعراقي كثيراً ما أعيش حالة الـ (ديجافو ) بنكهة عراقية خاصة
فتتكرر معي المشاهد العراقية وكأنه فلم يعاد في كل مرة ولم يمل عارضوه من
أعادة عرضه رغم أننا كمشاهدين لم نمل منه فقط بل صارت أنفسنا تتقزز أو (
نفسنا تلعب ) ونكاد نفرغ ما في جوفنا من كثرة تكرار هذه الحالات ففي كل
أنتخابات أرى المشهد نفسه بتكرر أمامي وكأني عشته أكثر من مرة ذلك الرجل
العجوز يسرع بقوة الى مركز الانتخاب ويخرج بعدها وهو طائر من الفرح أنه
أنتخب القائد الضرورة الذي يلهج بأسمه رغم أن هذا القائد مرشح في مدينة
أخرى تبعد مئات الكيلو مترات عنه ! ومنظر أخر يتكرر وهو صورة شاب ينتخب
شخص مسؤول كان يسبه طوال الأربع سنوات الماضية ولا أعلم كيف أدخلوه في
غيبوبة مؤقتة ليسير كالنائم لينتخب الشخص الذي كان يشتمه ويسبه !! مشهد
أخر يتكرر في ذهني وكأنني عشته لألاف المرات مجموعة من الرجال يصرخون
بأعلى أصواتهم حتى كأن حناجرهم تكاد تخرج من أفواههم وهم يرددوا بهتاف
مصحوب بأيدي وقبضات ( علي وياك علي ) نحو شخص يلوح لهم بيده مبتسماً من
الاعلى رغم أن هذا الشخص لاعلاقة لعلي به لامن قريب ولا من بعيد ، مشهد
أخر يتكرر أمامي تحشيد كبير لمظاهرات مليونية وشعارات وهتافات تنتهي بعد
ساعات بـ (لا شيء) ، مشهد أخر يتكرر امامي قطيع كبير من الاغنام يقودهم
حمار ، ومشهد أخر لمسؤول من على شاشة فضائية حزبه وهو يتعهد بأنه سيفعل
كذا وكذا وفي كل دورة يصعد بها ولا يفعل كذا ولا كذا ….
مشهد أخر عندما أرى موكب أحد المسؤولين لا يلتزم بإشارات المرور أو
الشرطي مستثنى من تطبيق القانون لأنه رجل القانون، مشهد يتكرر معي وذلك
البقال عندما يغش في بضاعته وهو يشتم السياسيين اللصوص كأنه يتكرر كل يوم
ولكن مرة مع الموظف وأخرى مع العامل او مع سائق التكسي او مع التاجر
ومشهد أخر يتكرر مع رجل يتكلم دائماً بالاخلاق الحسنة والتسامح والصبر
واذا به ينزع كل هذا وينساه في اول أثارة غضب أو مشهد شاب يتصيد البنات
على مواقع التواصل وينسى ان له اخت أو زوجة أو بنت ! أو مشهد لأب يكذب
أمام أبنائه وهو يريد منهم أن يكونوا صادقين ، فهل أنا الوحيد المصاب
بمرض الديجافو أم أنه وباء معدي وأنتم ايضاً أصبتم به لا سامح الله ودمتم
سالمين .