وصول دونالد ترامب للحكم في الولايات المتحدة الأمريكية غير متوقعا كما يبدو من قبل أغلب المتخصصين في الشؤون الدولية ، إذ إنه كان حدثا مفاجئا يوضح وبشكل خفي حقيقة السياسات الامريكية الخفية وأرتباطها بالمسوغات الدينية والانجيلية وما يسعى إلى تحقيقه اليمن المحافظ الذي يؤمن أيمانا قاطعا بالانجيلية كونهم من أتباع الكنائس الانجيلين الذين يشكلون القاعدة الرئيسية للحزب الجمهوري واليمين المحافظ . فوصول دونالد ترامب ما هو إلا ليتتم أو ليكمل الدور والبداية التي حققها الرئيس الامريكي الاسبق جورج وكر بوش ( بوش الابن ) والذي تم تهيئة الامور له من خلال إحداث الحادي عشر من ايلول عام 2001 ليستخدم بذلك المسوغ الديني لتقديم تبريره للحروب التي خاضها في عملية لتهيئة الارضية الملائمة لتدمير الشرق الاوسط وتحطيم القوى الفاعلة فيه عبر مشروع الشرق الاوسط الكبير وخارطة الطريق التي تهدف أولا إلى إثارة الفتن والحروب الدينية وصولا لتدمير واضعاف الجميع وفي إنكسار المجتمعات الشرق أوسطية من داخلها ، و ثانيا ليتسنى لهم فيما بعد تقسيمها لدويلات صغيرة لا تشكل خطرا على مصالحهم من جهة وعلى اسرائيل من جهة أخرى في محاولة أستباقية ومن معتقد ديني لتهيئة الامورللمعركة الأخيرة . وهو ما دفع بوش الابن أنذاك للقول في خطابه ” أشعر بإن الله يريدني ” فكانت معظم خطاباته تقوم على استخدام عبارات ذات معاني متعددة ومزدوجة في الوقت نفسه التي تظهر على إنها عادية ولكنها في حقيقتها عبارات مشفرة لا يفهما عامة الناس إلا المتخصصون الذين يدركون خفايا النويا ومدى وحجم المسوغات الدينية التي تستند أليها وماذا يريدون مستقبلا فقوله على سبيل المثال ” ان منطقة الشرق الاوسط تمر بمرحلة تاريخية ومفصلية يتوجب على شعوبها الاختيار بين الديمقراطية والحرية وبين الاستبداد والتطرف ” فالشخص العادي يفهم هذه الجملة بمعناها العام وإنها صادرة برغبة حقيقية لتحقيق الحرية وبحسن النيـــــة ، لكنها بالنسبة للانجيليون واليمين المحافظ تبرز التزام بوش بتطبيق حكم الله في الارض ، وهذا ما جاء في سفر الرؤية اي تخليص منطقة الشرق الاوسط وتحديدا المنطقة العربية من قوى الشر الذي هو شرط أساسي لعودة المسيح وتهيئة الامور لخوض المعركة الاخيرة التي سينتصر فيها الخير على الشيطان ومن ثم إقامة دولة الله على الارض .
ولذلك أسهموا في وصول ترمب للبيت الابيض ليتمم تلك السياسات المغلفة برداء ديني خفي ليخوض هو الآخر فصلا جديدا من فصول الحروب والدمار لإنهاك شعـوب المنطقة العربية بشكل خاص وشعوب الشرق الاوسط بشكل عام . وما يعزز ذلك ما قام به ترامب من أختيار أفراد إدارته والمناصب العليا في البيت الابيض من جنرالات الجيش الامريكي فضلا عن العدد الكبير من اليهود وهذا غير مسبوق في الادارات الامريكية السابقة بهذا الشكل المكثف يتم الاعتماد على الضباط العسكريين في أغلب المناصب المهمة . أذن السياسات الأمريكية في جزء كبير منها تنطلق بمسوغات دينية ومعتقدات أنعكست على السلوك السياسي الامريكي الخارجي ، وهذا ما سيتوضح أكثر في عهد الرئيس ترامب فستكون السنوات القادمة حبلى بالحروب والاحداث .