لقد فتح احتلال العراق الباب على مصراعيه لإيران أن تكون هي اللاعب الرئيسي في الساحة العراقية، بعد أن نسقت مسبقا مع أمريكا لغزو العراق، ووفرت لها الدعم الكامل لاحتلاله، وهذا باعتراف أمريكي إيراني، ومع مرور الوقت تحولت إيران إلى محتل اكبر وأشرس واخطر، بعد أن سعت وبكل الوسائل إلى إبعاد العراق عن انتمائه العربي، يقابل ذلك وقوف دول الخليج والدول العربية والمنطقة عموما موقف المتفرج على ما يجري في الساحة العراقية، وبذلك قد وقعت هذه الدول من حيث تعلم أو لا تعلم في هذا الفخ فإيران يهمها أن تبتلع العراق وان تبعد الدول العربية عن أي دور لها في هذا البلد، لما يمثله العراق من أهمية كبيرة في المشروع الإمبراطوري الإيراني فهو يمثل الرئة التي تتنفس منها إيران، والمنطلق الرئيس الذي يرسم سياستها التمددية ومصدر دعم أدواتها وحلفائها في الدول العربية، ومن هنا يتضح أن احتلال إيران للعراق وتخلي دول الخليج والمنقطة عن نصرة العراق وشعبه قد اثر سلبا على أمن تلك الدول واستقرارها وسبب لها الكثير من المخاطر والخسائر، وبهذا قد فوتت الكثير من الفرص التي أتيحت لها لدفع الضرر عن دولهم وأنظمتهم وبأقل الخسائر كما بين ذلك المرجع العراقي العربي الصرخي في سياق جواب له على استفتاء رفع إليه تحت عنوان أضاعوا العراق… تغيّرتْ موازين القوى… داهَمَهم الخطر…!!!،
فكان مما قال:((أولًا ــ لقد أضاعت دول الخليج والمنطقة الفرص الكثيرة الممكنة لدفع المخاطر عن دولهم وأنظمتهم وبأقل الخسائر والأثمان من خلال نصرة العراق وشعبه المظلوم!!! لكن مع الأسف لم يجدْ العراق مَن يعينُه، بل كانت ولازالتْ الدول واقفة وسائرة مع مشاريع تمزيق وتدمير العراق وداعمة لسرّاقه وأعدائه في الداخل والخارج، من حيث تعلم أو لا تعلم!!!))،والآن وبعد أن تغيرت موازين القوى وحصول التغيرات السريعة في المنطقة والعالم وفي مختلف المجالات، هل يمكن أن تعيد تلك الدول النظر في إستراتيجيتها في التعاطي مع القضية العراقية باعتبارها مفتاح الخلاص لها وتتدارك ما فات وتصحح مسارها وخوض معركة الدفاع عن وجودها وأمنها؟!!، تساؤلات كثير يطرحها المرجع الصرخي في سياق نفس الجواب حيث يقول: ((ثانيًا ــ هنا يقال: هل يمكن تدارك ما فات؟!! وهل يمكن تصحيح المسار؟!! وهل تقدر وتتحمّل الدول الدخول في المواجهة والدفاع عن وجودها الآن وبأثمان مضاعفة عما كانت عليه فيما لو اختارت المواجهة سابقًا وقبل الاتفاق النووي؟!! فالدول الآن في وضع خطير لا تُحسَد عليه!!! فبعد الاتفاق النووي اكتسبت إيران قوةً وزخمًا وانفلاتًا تجاه تلك الدول!! وصار نظر إيران شاخصًا إليها ومركَّزًا عليها!! فهل ستختار الدول المواجهة؟!! وهل هي قادرة عليها والصمود فيها إلى الآخِر؟!!.)).بالرغم من أن المواجهة أصبحت أصعب مما كانت عليه ما قبل المتغيرات التي طرأت على المشهد وبالتحديد ما قبل الاتفاق النووي، إلا أن تلك الدول أمام خيارين: إما خيار تصحيح المسار والمواجهة، أو خيار البقاء على نفس الإستراتيجية التي وضعت دول الخليج والمنطقة في موضع لا تُحسد عليه، وهذا يعني تفاقم الأمور ومزيد من التداعيات المهلكة التي قد تجعل من المواجهة أمرا معقدا ومستحيلا وليس صعبا فحسب، لأن إيران ماضية في مشروعها التوسعي وجعل العراق خط الصد لها وما التحشيدات التي تقوم بها إيران على الحدود العراقية السعودية إلا نموذج مُصغر للتهديد الإيراني لدول الخليج والمنطقة، ناهيك عن الحديث عن اليمن وما تم الكشف عنه من وجود مليشيات عراقية هناك، إضافة إلى الحوثيين وحزب الله والقضية السورية، وغيرها من الإجراءات والمخططات الخبيثة التي تقوم بها إيران وحلفائها، فالأثمان المستقبلية التي ستدفعها تلك الدول ستكون أيضا بأضعاف مضاعفة فيما لو بقيت على ما هي عليه…