18 ديسمبر، 2024 7:36 م

دول الخليج من فكرة الاتحاد الى الاضطداد

دول الخليج من فكرة الاتحاد الى الاضطداد

منذ قيام مجلس التعاون الخليجي في الثمانينات ، وهذا المجلس كان مضرب الامثال ، لجميع الدول العربية وتجمعاتها الاقليمية التي تم انشاءها في ضؤ تجربته فيما بعد ، مثل مجلس التعاون العربي واتحاد المغرب العربي ، فلقد كانت الدول الست المنتظمة فيه تتسابق فيما بينها لتقديم الدعم لها المجلس وكانت دورة انعقاد مؤتمر قادته مثال الالتزام ومثال تنفيذ مقرراته ، حتى تقدمت المملكة العربية السعودية بمقترح قيام اتحاد (ربما فدرالي ) فيما بينها اي ان النية كانت متجهة لتجاوز نظام المجلس شبه الكونفدرالي ، ولقد كانت مواقف الدول موحدة تقريبا من القضايا الدولية العامة ومتفقة تماما فيما يخص القضايا العربية ، وقد اصاب هذا الاتفاق نوع من الاختلاف بعد قيام الثورة الايرانية بعدة سنين ، وقد كان لسيطرة رجال الدين في السعودية وامثالهم في ايران على السلطة وتوجيه الحكم الاثر المباشر جدا على قيام خلاف مذهبي بين الدولتين ، فالوهابية المتمثلة في فكر رجال الدين السنة في السعودية خاصة بعد مقتل السادات ، واقامة الداعية يوسف القرضاوي في هذه الدول ، وقيام الخميني باعلان تصدير الثورة الايرانية ان بدات بوادر وردود افعال تطفو على المسرح السياسي العربي وهي ردود افعال ذات طابع ديني مذهبي ، بعد ان كان المسرح السياسي مفعم بالافكار القومية ونقيضتها الافكار العلمانية والماركسية ، وقد كانت اول نتائجها قيام الحرب العراقية الايرانية ، حيث خرج الخليجيون برمتهم ليقفوا وراء صدام حسين وكانت مواقفهم علنية ضد ايران باستثناء سلطنة عمان .ولقد كان لنشوء القاعدة وفعلها في افغانستان بدعم لها ولغيرها لمحاربة الاتحاد السوفيتي اثرا مباشرا في توحيد مواقف دول الخليج، وبتشجيع من الويلايات المتحدة ، غير ان هذه المواقف اخذت تتعرض للتعرية والتغيير بسبب الموقف من الاخوان المسلمين ، فلقد جنحت قطر نحو الاخوان ومخرجاتهم في حركة حماس واتفاق ايران وقطر على مساعدة هذه الحركة وبسبب موقف الاخوان من حكومة الامارات وتامرهم عليها ولكون الاخوان ضد انظمة الحكم في مصر فان الاختلاف والتاييد لهم كان سببا في بداية الشرخ بين دول مجلس التعاون ، وقد كان ثمة اتفاق بينها ضد حكومة بشار الاسد ، غير ان الخلافات دبت بشكل اكثر وضوحا عندما تدخل الجيش المصري وابعد مرسي والاخوان من الحكم بمباركة السعودية والامارات ، ووقفت قطر بكل اموالها واعلامها ضد مصر واخذت تشجع الارهاب فيها وتعمل على ديمومته مما دفع بمصر لان تقود هي لاالسعودية الحملة ضد قطر وجزيرتها الاعلامية ، وبعد نشوء الازمة وقفت عمان بالضد منها وربما بعضا من الاحيان الى جانب قطر ، اما الكويت وبسبب مشاكل اقتصادية لها مع السعودية ،فانها اخذت منحى حياديا ووسيطا ، ولا زالت الازمة قائمة عاصفة بوحدة مجلس التعاون الخليجي بعد ان تشكلت جبهة تعدت حدود المجلس الى مصر وربما حكومة ليبيا التي عانت من تدخل قطر في مسالة الارهاب فيها ، وهكذا العرب لا مبادئ توحدهم ولا مجالس تؤطرهم ، فالخلاف ان حصل بينهم لا يرحم احدهم الاخر ، وكل منهم يكشف عيوب الاخر ، والمستفيد هو الطرف الاخر وهو اليوم الطرف الايراني والتركي اللذان يبحثان عن متنفس لمشاكلهم الداخلية وخصوصا الاقتصادية منها، لذا فان دول الخليج بدات تخرج من دائرة التوجه للاتحاد نحو دائرة الاختلاف والاضطداد….