لا ادري كم مضى من الوقت منذ ان سمعت رئيس الوزراء يقول للمرة الاولى ان لديه ملفات تثبت تورط شخصيات بارزة في الدولة بتمويل ودعم وتنفيذ عمليات ارهابية …
ومع ذلك احتاج الامر الى عدة سنوات لكشف اول المتورطين…ثم عاد رئيس الحكومة ليجدد تهديده بالكشف عن متورطين اخرين…….وربما نحتاج لسنوات اخرى لنكتشف ان قائدا سياسيا اخرا انتخبه الشعب وفقا للدستور قتل مئة او مئتين من افراد هذا الشعب …
…ان يتهم احد اركان رئاسة الدولة بالارهاب ( ثبتت هذه التهمة ام لم تثبت )فهذا يعني بكل تاكيد ان اخطاءا فادحة في اليات العمل السياسي في العراق قدمت لنا شياطين اكثر من الشيطان نفسه على انهم ملائكة…
والان بوسعنا انا وانت ان نتخيل مستشار الامن الوطني على سبيل المثال يحمل عبوة ناسفة مع مجموعة من الملثمين ويزرعها في مقهى شعبي..هذا ليس كل شيء ..بل ان ادارة القائد العام للقوات المسلحة لمثل هذه الملفات تبدو وكان الرجل فرك يديه انتشاءا بصيد ثمين كان يحتفظ به ليوم ذي مسغبة… فكلما اكتشف بقصد او من دون قصد رمزا من رموز الدولة متلبسا بجرم مشهود…اخفاه حتى يضمن قدرا اكبر من المكاسب …
قد نجد تبريرا لوزير عن القائمة العراقية او التيار الصدري او الاكراد اذا اخفى معلومات خطيرة تتعلق باحد افراد قائمته …فهذا حال العراق اليوم شأنا ام ابينا ..لكن ان تخضع ملفات خطيرة تتعلق بارواح الناس لحسابات الكسب السياسي ..هذه بدعة اكثر ضلالة من دعم نائب رئيس الدولة لهجمات ارهابية…
هل انتهت صلاحية نائب راعي الدستور ليصار الى حرق ورقته بهذا الطريقة المباشرة ..ام ان رئيس الحكومة تلقى ضوءا اخضر من جهات خارجية وداخلية لاسكات الاصوات المزعجة …او ان النوايا طيبة والقضية جنائية لا اكثر ولا اقل …مهما كان سيناريو القضية ..فانها تكشف عن خلل عميق في جوهر الدولة العراقية الجديدة …وتبدو الصورة قريبة الى مشهد مجموعة من الصبية القتهم رياح قوية في خضم امواج عاتية فيما هم لا يجيدون السباحة في شبر ماء …
….قبل ثلاث سنوات التقيت الهاشمي مع حشد من زملائي الصحفيين في البصرة ..كان دمثا ويجاهد من اجل ان يبدو معنيا بشؤون اهل المدينة ..رغم ان الانطباع السائد لدى اكثر الاعلاميين هو ان مدير الاملاك في بلدية البصرة يملك نفوذا اكبر من نفوذ نائب رئيس الدولة في تلك المدينة …ومع ذلك لم يخطر ببال احد ان الرجل الذي يقف الى خلفه قد يكون صانع عبوات من النوع الخطير …بل كنت اشعر حينها بان الرجل يختصر دولة …والان ..ماذا تبقى من الدولة ..نائب الرئيس متهم بالارهاب والرئيس يدافع عنه ويأويه ورئيس الوزراء يعرف رجال دولة اخرين متورطين بالارهاب ويرجأ الكشف عنهم بأنتظار مزيد من الضحايا..فهل بقيت لنا دولة