تتناقل وسائل الاعلام المختلفة في الأونة عن قرب نهاية اتفاقية سايكس بيكو بعد مرور حوالي قرن على التوقيع عليها و التي اسفرت في حينها الى تقسيم المنطقة بين الدول القوية النفوذ و كانت وفق مصالحها على حساب حقوق شعوب المنطقة و منها الشعب الكوردي الذي يعتبر اكبر قومية في العالم ولاتملك كيان سياسي لها و تشير التقارير و التحليلات الصادرة من مراكز الدراسات الاستراتيجية القريبة من مناطق صنع القرار السياسي في العديد من الدول بأن بوادر التوقيع على اتفاقية جديدة لتقسيم المنطقة من جديد تلوح في الافق و ان مايؤكد ذلك هو عدم الاعتداد بالحدود الدولية السابقة و خاصة بين العراق و سوريا و مشاركة الدول القوية في تحالفات و تحت مسميات عديدة لتأمين موضع قدم لها في هذه المنطقة , و انها اشارات واضحة بأن دولاً جديداً باتت على ابواب الاعلان عنها (طبعاً وفق مصالح الدول الكبيرة) و منها الدولة الكوردستانية التي بدأت خارطتها ترسم على اللوحات و كذلك ترفق بالتقارير و انها تشمل كوردستان الجنوبية (كوردستان العراق سابقاً) مع كوردستان الغربية (كوردستان سوريا سابقاً) و تمتد لتصل الى سواحل البحر المتوسط و ان الدبلوماسية الكوردستانية كثفت من تحركاتها و نشاطاتها لعدم تفويت الفرصة الذهبية السانحة .
و نرى بأنه في حالة تحقيق الحلم الكوردى المنشود بتأسيس دولة كوردستانية ينعم فيها هذا الشعب المغلوب على امره بحقوقه المشروعة ان يعتمد هذا الكيان في نظامه السياسي على النظام الملكي لإدارة دفة الحكم و من أجل الاستقرار و ذلك للاسباب التالية :
1. الملكية نظام حكم يكون الملك على رأس الدولة و تتميز الحكم فيها بالاستقرار و يكون لمدة طويلة وحتى وفاة الملك ينقل بالوراثة الى ولى عهده و هناك ملكية مطلقة يكون الملك هو صاحب جميع السلطات في الدولة و هو يصدر القوانين و يفسرها و يقوم بتنفيذها و منها الملكية الفرنسية في عهد لويس الرابع عشر و الملكية المقيدة التي يكون سلطات الملك
مقيدة بالدستور و يتنازل عن بعض سلطاته للشعب سواء بالدستور او اختياراً و بذلك فان الملكية هي احدى انواع الانظمة السياسية السائدة في العالم و لاتزال العديد من الدول تتبنى هذا النظام .
2. ان النظام الملكي يتميز بمزايا رئيسية منها توفير الاستقرار في الدولة و عدم تعرضها لهزات عنيفة مقارنة بالنظام الجمهوري و انها تحقق نوعاً من الاستقرار السياسي لأن الملك يسمو فوق الاحزاب و يقوم بدور الحكم فيما ينشب بينها من خلافات و مشاحنات .
3. هناك العديد من دول العالم المتقدم في مجال الديمقراطية و حقوق الانسان تأخذ بالنظام الملكي منها المملكة المتحدة و هولندا و تشهد استقراراً سياسياً و نمواً اقتصادياً و تعايشاً سلمياً بين جميع مكوناتها .
4. ان النظام الملكي كان المعمول به عند تقسيم المنطقة قبل حوالي قرن و تأسيس دول جديدة منها العراق و الأردن و دول الخليج العربي … الخ و ان هذه الدول شهدت استقراراً سياسياً و أقتصادياً ملحوظاً و تدل الشواهد التاريخية ان الفترة الذهبية للعراق كانت فترة الملكية و ان المرحلة الجمهورية شهدت اكبر عدد من الانقلابات و الثورات و الانتفاضات الشعبية أدخلت العراق انفاق مظلمة انتهت بحروب دموية و حصارات اقتصادية و دمار شامل ناهيك عن ظهور جماعات ارهابية متطرفة احرقت الاخضر و اليابس حتى اصبح العراق لايملك قرارها السياسي و تحديد مسار ادارة الحكم فيها و انما يديرها من خلف الكواليس مجهولين .
5. في ظل النظام الملكي تستمر التحالفات و الالتزام بالمعاهدات الدولية بعكس النظام الجمهوري الذي سرعان ما يتغير رأس النظام و بالتالي تتغير موقفه من التحالفات والالتزامات السابقة و ان اكثرها يتم الغاءها من الجذور، لأن التغيير في النظام الجمهوري في هذه المنطقة لا تأتي عبر صناديق الاقتراع و انما تكون عن طريق الثورات و الانقلابات العسكرية التي لا تحمد عقباه . فمثلاً لم تتغير موقف المملكة العربية السعودية او المملكة الاردنية الهاشمية تجاه الغرب الا اليسير طيلة فترة حكم اسرة آل سعود و الاسرة الهاشمية على الرغم من تغير الجوه ..
6. ان شخصية السيد مسعود البارزاني من العائلة البارزانية المناظلة طيلة العقود السابقة هو الانسب و الانجح ليكون رئيساً لدولة كوردستان المستقلة وفق نظام سياسي ملكي لكون سيادته صمان الامان و في ظله و فترة حكمه كرئيس للأقليم شهد الأقليم و المنطقة تنامي في العلاقات الدبلوماسية و تنمية اقتصادية و استقرار سياسي على الرغم من المخططات الداخلية و الخارجية للنيل من هذه التجربة الديمقراطية فاذا مارغب الدول العظمى ان تشهد المنطقة (بعد التقسيم) نوعاً من الاستقرار فان النظام الملكي هو الانسب لتجارب سابقة و مستمرة لحد الأن و انه ضمان لأستمرار التحالفات السابقة . و ان تأسيس دولة كوردستان اصبحت حقيقه واضحة و لم تبق الا خطوات قليلة تفصلنا عن هذا الحلم المشروع فالكورد ليس بأقل من الاخرين و انما ظلمهُم الاحداث و التاريخ و المصالح و لنا فيها من الدروس و العبر ما يكفي .