7 أبريل، 2024 5:04 م
Search
Close this search box.

دولة كردية افضل للعراق من اقليم مشاكس

Facebook
Twitter
LinkedIn

 لم تكن القيادات الكردية ذات يوم منذ الشروع بتاسيس الدولة العراقية الى الان قادرة على التاقلم مع سلطة بغداد. لم يكن الامر مزمناً لهذا الحد لو كانت تلك القيادات الكردية او ربما اكثرية الشعب الكردي تؤمن انهم جزء من الشعب العراقي. هذا التوجه لدى الاكراد منع جميع الحكومات العراقية من هضم واستيعاب الطموح الكردي او السماح لهم باقامة كيان منفصل رغم الدعم الدولي الذي حصلوا عليه منذ عشرينات القرن الماضي. سذاجة الحكومات العراقية دفعت بهم لزج الجيش العراقي للاصطدام مع المليشيا الكردية مما خلق عداء قومي بين العرب والاكراد  على اعتبار ان معظم الجيش العراقي كان ومازال تشكل  غالبيته الاكثرية  العربية بحكم المساحة السكانية للعرب.
لقد تم تاسيس الدولة العراقية كما كان مقرراً من  جهة الحكومة البريطانية في عام 1921- وحسب مذكرات مس بل سكرتيرة برسي كوكس المندوب السامي البريطاني في العراق-  ان بريطانيا قررت اقامة دولة للعشاثر القاطنة بين نهري دجلة والفرات للسيطرة على التمرد القبلي , لهذا دفعت بريطانيا الحكومة العراقية لضرب المليشيا الكردية والسيطرة عليها على اعتبار ان الاكراد كانوا جزء من العشائر المتمردة . لكن غباء السياسة البريطانية في المنطقة انذاك لم يكن لديها دراسات حول طبيعة تمرد العشائر الكردية والتي تختلف عن تمرد العشائر العربية انذاك, على اعتبار ان العشائر الكردية تمثل صراع قومي مسيس له اهدافه في تقرير مصير شعب كردي له مايميزه عن العرب في اللغة والعادات والتقاليد, وكذلك بريطانيا والسياسيين العراقيين المؤيدين لها في الحكم انذاك لم يدركوا انهم في عملية اخضاع  اكراد الشمال للسلطة العراقية هو محاولة لاخضاع شعب مستقل لسلطة شعب اخر على الرغم من عدم وجود دولة رسمية لذلك الشعب.
 منذ ذلك الحين نمت تلك العلاقة الدموية بين السلطة العراقية ومناطق كردستان, فلا السياسيون العراقيون يدركون ان الاكراد لايرغبون بالانضمام للدولة العراقية نتيجة لاخطاء الماضي والانتهاكات التي حصلت لهم من حكومات بغداد السابقة, ولا الاكراد العراقيين قادرين على نسيان الماضي والتاقلم مع الشعب العراقي كجزء منه,بالاضافة الى  طموحهم القومي وانتاج قيادات سياسية نتيجة للازمات المستمرة وتدخل العامل الدولي. كل ذلك وغيره يمنع انسجام الاكراد مع الشعب العراقي ونسيان طموح الدولة والانفصال وكردسان الكبرى وما الى ذلك من الشعارات الكردية .
 هذه العلاقة الازلية الجدلية الدموية المتوترة تمنع الطرفين من التنازل عن مناهجهما والبدء بصفحة جديدة من العلاقات السياسية بين قوميتين مختلفتين تعيشان ضمن اطار دولة موحدة اسمها العراق كما هو الحال في اكراد سوريا وايران.  نحن بحاجة الى وضع بحوث سوسيولوجية وجيبوبولوتيكية تقنع الطرف العراقي في بغداد على التخلي عن الاكراد كاقليم مرتبط بالعراق بنظام فدرالي او غير فدرالي بالنظر لعدم قدرة الاكراد على الانسجام مع قوانين وضوابط  الدولة العراقية لاسباب عديدة ابرزها كما اسلفنا العلاقة السيئة التي تصل الى حد الاصطدام بين المركز والاقليم منذ تاسيس الدولة وعدم استعداد الاكراد للتخلي عن حلم الدولة الكردية الموحدة للاكراد الموزعين على دول المنطقة, بالاضافة الى وجود قيادات كردية كبيرة وفاعلة تواقة لممارسة السلطة في دولة مستقلة. كل ذلك يجعل العلاقة القسرية بين الطرفين تحمل ضرراً كبيراً على الشعبين العراقي والكردي.
في سياقات السياسة كعلم ادارة المجتمعات يجعل ضمن اولوياته ان يعيش الناس بامكانيات تسهل عليهم حياتهم وتضمن لهم الرخاء الاقتصادي والسياسي والامني . لكن العلاقة القسرية بين حكومات بغداد الحالية اوالماضية تمنع من تحقيق اهداف السياسة كعلم ادارة المجتمعات لضمان امنهم ورفاهيتهم.
وبالنظر لان الدولة العراقية الانية خرجت بعد حقبة اربعة عقود من الدكتاتورية تحاول التعافي من تلك الاثار والنهوض بالبلد لتاسيس مرحلة اخرى من التفاهمات السياسية على اسس ديموقراطية.  هذه العملية لم تكن سهلة وهي متعثرة على الرغم من مرور مايقارب العشر سنوات عليها, لذا فان الملف الكردي يزيد من ماساة الناس في كلا الطرفين ويعرقل التقدم السياسي ويزيد الامور سوءاً وتعقيداً بين السياسيين.  بالاضافة الى استهلاك جزء كبير من ميزانية الدولة التي من المفروض استخدامها لدعم البنية التحتية في  المحافظات العراقية الفقيرة.  اقليم كردستان اقليم غني يستخدم ثرواته وجزء من ميزانية الدولة لتمويل جيش من المليشيا ترفض الانصياع الى اوامر الجيش المركزي. ان فك الارتباط في تلك العلاقة المضرة سيوفر حرية اوسع للاكراد للتحرك شرقاً وغرباً من اجل اقامة دولتهم, بالاضافة الى انه سيوفر على حكومة بغداد الجهد والمال لتطبيق القوانين وارساء الامن والسيطرة على عمليات الفساد الكبرى التي تنهك البلد.
من المفارقات في الوقت الحاضر والتي تدفع حكومة بغداد للاصطدام بالقوات المحلية للاقليم فان الكرد حولوا السفارات العراقية الى سفارات تمثل الاقليم اكثر من كونها سفارات تمثل العراق.  وهو امر طبيعي يمثل طموح سياسي ونفسي للموظفين الاكراد لاقامة دولتهم الحلم.  اضف الى ذلك ان ميليشيا الاقليم البيشمركا ترفض وصول الجيش العراقي الى حدود الاقليم مع تركيا او سورياا والعراق ذات نفسه وتفرض تاشيرة خاصة بالاقليم على الزوار, والاخطر من ذلك شرع اقليم كردستان بعقد اتفاقيات وعقود مع شركات اجنبية في مجال النفط والاستيراد والتصدير خارج التنسيق مع الوزارات المركزية. كل هذا وغيره  نتائج سلبية لهذه العلاقة القسرية تستفز اي حكومة في بغداد وتدفعها لاستخدام القوة في تطبيق القانون وتعتبر حكومة الاقليم خارجة عن شرعية الدولة العراقية. لتفادي اي اصطدام او اراقة دماء
مع كل ذلك نرى ان وضع دراسة فصل الاقليم نهائياً عن الدولة العراقية يوفر على الجميع وقوع اية حرب اخرى يتورط بها العرب بدماء الاكراد بدافع طموح القيادات الكردية في اقامة دولة مستقلة لهم.

طالب دكتوراه
جامعة نورث داكوتا

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب