فى25/9/2017 تم أُجراء استفتاء شعبي أسفر عن انفصال شمال العراق عن جنوبه واسطه ، سوف تعلن دولة كردستان المستقلة الكردي برئاسة المتمرد الشمال مسعود البارزاني ، حامل لواء سلفه عبد اوجولان لإقامة دولة كردية فى شمال العراق . الدولة الوليدة طالبت دعم المجتمع الدولي لها فى الاستفتاء لكنه فشلت ومن تهديدات الحكم العراقي برئاسة حيدر العبادي، الذى طالب بإلغاء نتائج الاستفتاء. وفى يوم الثاني أعلن المهاجرون اليهود الاكراد فى “إسرائيل” والبالغ عددهم نحو عشرات آلاف شخص، عن نيتهم افتتاح أول سفارة كردية فى تل أبيب، بدعم ومساندة وزير الخارجية الصهيوني . بذلك يصبح الكيان الصهيوني أول دولة فى العالم تعترف رسمياً بالدولة الجديدة المنشقة. ولا أستغرب بعد شهر او أشهرتعلن “إسرائيل” افتتاح سفارة لها شمال العراق لدعم العلاقات التطبيعية بين البلدين).
هذا السيناريو قد يعتبره البعض من القراءة الأولى درب من الخيال، إختلقه كاتب هذه السطور من ثنايا عقله الباطن، كمحاولة منه لتسلية القراء بقصة مثيرة جذابة. لكن بعد تأمل عميق وقراءة متأنية ستدرك من الوهلة الأولى بشاعة الخطورة التى يحملها هذا السيناريو المرتقب، والذي ستتجاوز تداعياته ودلالاته حدود العراق ، التى لا تزال حتى كتابة هذه السطور دولة عربية من ناحية المساحة
لا شك فى أن السيناريو سالف الذكر بكل أبعاده يحمل العديد من المؤشرات والدلالات لما قد يواجه الوطن العربي من مخططات الفتنة والتقسيم، وتفتيته لدويلات صغيرة يمكن التحكم فيها وفرض السيطرة عليها، فالنموذج التركي والإيرانية والسورية ليس عنا ببعيد، وها هو العراق يتهاوى لتكون أحدث حلقات مسلسل “السقوط العربي” المخزي.
محاور صهيونية
إن المتابع للساحة السياسية العرافية يمكنه أن يدرك بسهولة مدى ارتباط تطوراتها بما يحدث داخل الكيان الصهيوني، الذى وضع العراق على رأس قائمة استهدافاته، والتى بدت ملامحها فى الوضوح مع قيام سلاح الطيران الصهيوني بقصف مفاعل تموز . كما أنه من غير المستبعد تورط الكيان الصهيوني بضلوعه فى قضية دخول داعش إلى العراق والموصل . بتعاون مع مسعود البارزاني
لذا فإن إنهيار العراق وتقسيمه يحقق لـ” إسرائيل” الكثير من المكاسب سواء السياسية أو الاقتصادية، والتى تتمثل أساساً فى أطماع الكيان الصهيوني فى ثروات الشمال الطبيعية. تلك المكاسب يمكن إجمالها فى المحاور التالية:
المحور السياسي: تقسيم العراق من خلاله تستطيع “إسرائيل” كسر حلقة قوية من حلقات دعم محورالمقاومة ، وهو العراق. فتوريطها فى صراعات داخلية يجعلها تنشغل عن دعم المقاومة الفلسطينية، سواء كان دعماً معنوياً أو مادياً. كما أن إغراق العراق فى تلك الصراعات سيسمح بالتغلغل المخابراتي الصهيوني إلى قلب الأراضي العراق لرصد لتحركات الإيرانية داخل العراق ، بعد أن تحولت فى الآونة الأخيرة إلى ساحة صراع جديدة بين طهران وتل أبيب.
وأمريكا
المحور الاقتصادي: بدأت الأطماع الصهيونية فى الثروات الطبيعية الشمال فى الظهور مع بروز الدور الإيرانية فى منطقة العربية عموماً، وفى العراق على وجه الخصوص، ، لذا فإن إقامة دولة جديدة كردية في شمال العراق التي سبق لها الاكراد وأن استعانت في الماضي بـ “إسرائيل”، ستساعدها كثيراً فى حل من مشكلة مع امريكا بالإضافة إلى ذلك فإن إقامة دولة فى شمال العراق على علاقات قوية مع “إسرائيل” سيفتح الباب أمام تل أبيب للحصول على قاعدة عسكرية لتكون ورقة جديدة تلاعب بها ايران ، لتضييق الخناق عليه
دولة كوردستان من “إسرائيل”
على ضوء ما سبق، وبكل ما يمثله العراق (المنقسمة) من أهمية استرتيجية، تؤكد إسرائيل، من خلال تقارير وسائل إعلامها ومراكزها البحثية على أن انفصال الشمال عن العراق آت لا محالة ، ويبدو أن من حديث شخصيات إسرائيلة التي قالت فيه إن هناك دولة كردية مستقلة جديدة ستعلن قريباً ( شمال العراق ) وبالطبع سيكون لإسرائيل ممثلين بها. مشيراً إلى
تصريحات شخصيات كردية مثل مسعود البارزاني
التى أكد فيها أن كوردستان المستقل سيقيم علاقات مع جميع دول العالم ولن يكون معادي لأحد، وفى ذات الوقت لم يستبعد أن تكون لبلاده الجديدة علاقات مع تل أبيب، مؤكداً بقوله :”هناك علاقات دبلوماسية تربط بين عدد من الدول العربية و”إسرائيل”، فما الذي يمنع إقامة دولة كردية شمال العراق لعلاقات كهذه مع إسرائيل؟”.
ولعل نتنياهو قد قرأ السيناريو الذى ذكرناه فى مستهل مقالنا، لذا أشار فى تقريره إلى أن “إسرائيل” سوف تعترف – بشكل مباشر- بدولة كردستان المستقلة،.تكشف لنا استعدادات الكيان الصهيوني لاحتواء تلك الدولة المزعومة والسيطرة عليها لتكون ورقة جديدة في يده يستعين بها فى حربه ضد محور المقاومة من جهة أخرى.
، ان “إسرائيل” تتمتع بتعاطف وتأييد شعبي من جانب ا، أن نسبة80،بمئة من سكان شمال العراق يحملون مشاعر إيجابية تجاه “إسرائيل” ويرحبون يإقامة علاقات معها، مبرزاً مثالاً على ذلك من خلال في تحضيرالاستفتاء في عدد من المواقع شمال العراق
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي من خلال رفع الإعلام الإسرائيل ، حيث علق أحدهم على ذلك قائلاً :”عقب الانفصال عن العراق، ستكون “إسرائيل” من أولى الدول التي سيدعوها الاكراد إلى إقامة سفارة لها هنا. فـ”إسرائيل” لم تقتل آلاف الأشخاص من شعبنا مثلما فعل النظام في حلبجة ، ونحن الاكراد لا تهمنا حرب 1967 ولا حرب 1973. لأنه ماذا تنتظرون من “إسرائيل” فعله عندما تُهاجم من عدة جبهات”.
ها هو العراق فى ظل الخريطة الجيو سياسية الجديدة تتهاوى أمام أعيننا وسط عجز عربي مخجل ينذر بسقوط مزيد من الدول العربية فى براثن التقسيم والتفتت لتتحول إلى دويلات لا حول بها ولا قوة، وتفسح المجال أكثر أمام القوى المتربصة بها، لتزيد من سطوتها وشهوتها الاستعمارية.