22 نوفمبر، 2024 5:04 م
Search
Close this search box.

دولة المواطنة ..ماقبلها ومابعدها !!

دولة المواطنة ..ماقبلها ومابعدها !!

لن نذهب الى كلاسيكيات ظهور مبدأ دولة المواطنة في كل من أثينا وروما ، ونقول إن دولة المواطنة في مفهومها الحديث هي دولة المؤسسات وتحقيق العدالة الإجتماعية ، وهي قضية مازالت من إشكاليات التحول في العراق منذ عام 2003 حتى اللحظة ، فما زال المفهوم تسويقياً سياسياً شعاراتياً يفتقد الى الأرضية التطبيقية الواقعية برغم وجود “مؤسسات ” و ” دستور ” ذلك إن لادولة حقيقية على أرض الواقع ، كدولة خارج سياق التناقضات الإجتماعية والسياسية ومحققة للعدالة الإجتماعية خارج سياقات الإنتماءات الطائفية والعرقية والإثنية ومحتكرة للعنف الذي يحمي دولة المواطنة من زحف وهيمنة القوى الخارجة عن سياقات وأهداف ومبادىء بناء الدولة الحديثة !!
واحدة من أخطر المشاكل التي تواجه القوى السليمة في الجسد العراقي والتي تسعى الى بناء دولة المواطنة الحقيقية ،هي البناء المفهومي المقلوب لدولة المواطنة في واقعية التجربة ، فإذا كانت مشكلة الديموقراطية في الغرب هي إنتاج المزيد من الضمانات لحمايات الجماعات الإجتماعية المتنوعة وترسيخ مبدأ دولة المواطنة، فإن مشكلة التجربة العراقية هي البحث عن حام للدولة الهشّة من سطوة الجماعات الطائفية، التي تمتلك السلاح خارج مؤسساته ، وإنتماءات ماقبل الدولة !!
فقد تم تفريغ خطاب المواطنة الشعاراتي من محتواه وإستبداله بنمط من أنماط الدولة القائمة على حماية القوى، التي تتضرر من بناء دولة المواطنة ، لها من السقوط !
هذه الصورة الواقعية ،الى حد كبير، في المشهد العراقي بدولته الهشّة ،إنعكست تأثيراتها حتى على البناء الإجتماعي فقادته معها الى هاوية “مأسسة” دولة اللامواطنة الإجتماعية ، فأصبحت الدولة بحالتها الحالية ، خارج إطار حماية التنظيم المجتمعي المدني من قوى ماقبل الدولة !
دولة المواطنة الحقيقية تقوم على مبدأين مهمين هما :
المؤسسات الحقيقية والعدالة الاجتماعية ..
والعلاقة بينهما علاقة ديالكتيكية ، فلا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية دون مؤسسات حقيقية محمية وقادرة على حماية المجتمع ، ولايمكن بناء المؤسسات المطلوبة دون ديمقراطية حقيقية تسهم في مشاركة المواطن في بناء المؤسسات الحقيقية وصناعة القرار ..
في مشهد اللادولة العراقية ، تبرز لنا مؤسسات خاضعة لهيمنة قوى طائفية من كل الأطراف والألوان والمسميات ، لتجهض في النهاية مشروع العدالة الاجتماعية ، إن وجد، الذي لايقوم ولاينهض إلا بمؤسسات دولة المواطنة ..
نحن أمام إشكالية بالغة التعقيد تعيد تدوير نفسها مع كل إنتخابات تنتج لنا سياقاً طائفياً وعرقياً وإن تبرأ منه “حاموه” و”منظروه” و “المستفيدون ” منه وسيبقى التدوير والبراءات على حالهما فيما تتجذر أزمتنا ونبتعد عن دروب الحل بسنوات ضوئية وسرعة مجنونة ، مالم نعيد النظر في القوانين الإنتخابية حتى يتاح الدور الحقيقي والنزيه للمواطن للمشاركة الفاعلة في بناء مؤسسات حقيقية قادرة على تحقيق العدالة الاجتماعية ..
حينها ..وحينها فقط نستطيع الكلام عن دولة المواطنة خارج الشعارات وفي عمق التغيير الحقيقي !!

أحدث المقالات