17 نوفمبر، 2024 9:24 م
Search
Close this search box.

دولة المؤسسات .. دولة القانون .. بدأت تأكل أبنائها

دولة المؤسسات .. دولة القانون .. بدأت تأكل أبنائها

يقال حين تنقلب الثورات على أصحابها إنها ( بدأت تأكل أبنائها) ‘ وهو ما أظنه حاصل اليوم في العراق‘ فما أن استكملت قوات الشر القوات الغازية انسحابها  حتى بدأت بوادر الأزمات السياسية  والتي ستقود حتماً الى تصفيات جسدية وستكون عملية إبعاد وتغييب للعديد من الذين شاركوا في هذه العملية الهزيلة التي تسمى بالسياسية .
لعنة حرب العراق ستلاحق كل من شارك فيها ولا تستثني منهم أحدا ‘ وهاهي بوادرها تبدأ بالهاشمي وهو طرف رئيسي في توطيد دعائم الاحتلال ومن بعده ما يسمى بالعملية السياسية عبر حزبه الإسلامي ‘ إن توصيف الحالة التي كرسها الاحتلال عبر بريمر ليكون دستور البلاد عبارة عن لغم مؤقت يحمل بين سطوره الكثير من الأزمات التي لا تنتهي ولن تنتهي حتى  وإن رضخ الهاشمي لمطالب أو رغبات الانتقام التي يحملها المالكي اتجاه العراق بأجمعه وليس الهاشمي أو علاوي ( وسبق لصباح الساعدي ) أن بين ذلك ‘ فالعملية ليست بخصومة شخصية بين هؤلاء بقدر ماهي محاولة فرض أجندات خارجية جاءت بالسيد المالكي ومن معه الى السلطة معتبرين أنفسهم محررين لا فاتحين كما جاء في خطاب المجرم بوش حين أقدم على غزو العراق وتدميره بغطاء من الأمم المتحدة وتواطؤ المجتمع الدولي استنادا الى كذبات الأرعن الجلبي .
الأزمة السياسية واضحة جلية وستقود الى مالا يحمد عقباه  وأولى خطوطه ما حصل صباح الخميس 22 / 12 / 2011   حين توالت ثلاثة عشر انفجار بسيارات مفخخة افتتحت يوم بغداد بالدم ‘ وهي عملية تصفية حسابات ضمنية  حيث لا يحتمل الأطراف بعضهم البعض في هذا المأزق ولابد من تصفية سريعة في عملية يصفونها بالسياسية لكنها غير ذلك بكل تأكيد.
هناك سوء استخدام للسلطة وتسلط بل ديكتاتورية واضحة في التعامل بمستقبل العراق برمته وليس الشارع فقط‘ وهنا نكون قد عدنا الى بدايات دخول القوات الغازية المحتلة الى البلاد بتأمر واضح من قبل الجهات التي تحكم اليوم بما فيهم المالكي ‘ ساد من خلالها خطاب الانتقام وطغت سطوته على المشهد العراقي واستمرت حتى بعد رحيل تلك القوات التي مهدت لهم الطريق الى الحكم على جثث العراقيين ودمائهم.
الأزمة التي تضرب العراق اليوم هي أزمة دستورية سياسية تدفع نحو كارثة بكل توصيفاتها والمشكلة إنها تعود بأضرارها على المواطن البسيط وليس على أي من أطراف الشؤم هذه التي تحكم في بغداد.
إن عملية المطالبة برأس الهاشمي على خلفية كونه متهم جنائياً كما يقول السيد رئيس الوزراء لا تعفي الأخير من المسؤولية بل تدفع به الى أن يكون شريكاً في الجرم إن ثبت على الهاشمي كون المالكي وحسب ماجاء في مؤتمره الصحفي الأخير الذي عقده الأربعاء 21 / 12 / 2011  وقال فيه ( انه يملك ملفات تدين الكثيرين ممن يشاركون في العملية السياسية وبحوزته أدلة تتهمهم وهي موثقة) ‘ ما يعني أنه يتستر على العديد من المجرمين حسب زعمه والوثائق التي تدينهم ‘ أي أن رئيس الوزراء يعلم بل يعرف من الذي كان يقتل العراقيين ويسفك دمائهم‘ لكنه يؤجل ملفات الإدانة هذه ولم يقدمها الى القضاء لحسابات سياسية قد يضطر لاستخدامها عند أوانها‘ وهذه تعد وفق مجريات القانون مشاركة بالجريمة‘ نأمل أن يلتفت إليها القضاء الذي يصفه بالنزاهة‘ أم أن نزاهة هذا القضاء تطال الهاشمي دون غيره‘ فمن تستر على جريمة عد مشاركاً  فيها في كل القوانين الوضعية ولن يكون القضاء العراقي استثناء من ذلك .
ثم أن الضجة التي يفتعلها السيد رئيس الوزراء حول قضية الهاشمي لم تكن ومستوى أداءه حين صدرت مذكرات  مماثلة سابقة بحق كل من السيد مقتدى والسوداني والصافي ‘ والصدر قد أتهم بقتل السيد الخوئي في ظرف مشدد أي أن التهمة تطابق تهمة الهاشمي والثنائي السوداني والصافي تاجرا بقوت الشعب إلا إن قضاياهم دفنت وتم تمييعها حتى طلت علينا نزاهة القضاء ودفعت ببراءتهما ‘ وما نقوله ليس دفاعاً عن الهاشمي بقدر ما هو مقارنة بما يوصف والجرم الحاصل .
نحن نشد على يد السيد رئيس الوزراء إن كان صادقاً فيما ذهب إليه‘ وأن توجهه هذا حصيلته العراق وأمنه فعلاً‘ لكن الموضوع أشبه ما يكون  انتقائي ويطبق وفق أجندات سياسية لا علاقة لها بالوطن لا من قريب ولا من بعيد ‘ وقد خبرنا الرجل على مدى السنوات الأربع الماضية التي حكم فيها وهاهي الخامسة ولم نرى له ناقة ولا جمل بالوطنية وشؤون المواطنين‘ بل العكس كان هو في واد والأداء الوطني في واد أخر‘ وأن الحسابات السياسية ظاهرة في مشكلة الهاشمي كما في السابقات من أمثالها ‘ ولا ندري لماذا لا تطال القوائم الأخرى غير قائمة علاوي ومن معه نفس  التهم التي توجه الى هؤلاء دون أن يشار الى الجرائم الأخرى التي لحقت بنا وبالبلاد .

أنها عملية تصفية حسابات بين كتل وتحزبات بغية الإنفراد والاستحواذ على السلطة والتفرد فيها وصولاً الى ديكتاتورية الفرد والنظام والتي كان المالكي وحزبه ومن جاء مع المحتل يعيبها على النظام السابق ويتذمر من تطبيقاتها ‘ أزمة سياسية طاحنة يشهدها العراق بدأت تأكل أبنائها وتفرق بهم السبل نحو القضاء على بعضهم بيد بعضهم الأخر وزوال ريحهم وخلاص العراق وشعبه منهم ‘ وأقول إن كان الهاشمي قد فعلها كما قالوا فقد افلح كونه أراد أن يلحق ( إن ثبتت عليه) الضرر والخلاص ممن كان سبباً في تدمير البلاد وسفك دماء أبنائها ‘ وهو بهذا يستحق وساماً وليس مذكرة اعتقال .
[email protected]

أحدث المقالات