عبر قرون مضت كانت الذاكرة تشير الى بؤس الامم الاوربية وما كانت تعانيه حيث اقفلت تلك العقول والمجتمعات بقفل صعب ان يكسر ويتحرر المرء ولكن ارادة الجمع الواعي من خطبة العلم والعلوم انغمسوا في التفكير في كيفية رفض المألوف الوضعي الجبروتي لحقبة تاريخية كانت قد انشأت اجيال واجيال راحت جلها تحت طائلة الحروب العبثية ومن ثم الجلوس على افكار خرافية مقيدة بقيود الكنيسة سيست من قبل ساسة يأتمروا باوامر القساوسة والكهنة والوصايا المقيدة للحريات وبطبيعة الحال ان كانت استخدام هذه الوصايات تخلق حالة من التخلف والفوضى الاخلاقية فلا بد اذن من وجود بوابات الاكثر اشراقا تأتي بانوار الحريات والتحرر والعلم والمعرفة.
ومن خلال صحوة العقل الجمعي لتلك المجتمعات حدث الانعتاق واخذت ناصية العلم تضرب اطنابها في اروقة المجتمع برمته وحدث التقييد لافكار الكهنة وتكسرت تلك الاصنام والبدع وانتقلت الارادة السلبية الى ارادة ايجابية وصلت حد ان نتحكم بالتطور العام والشمولية المعرفية.
ولو اردنا ان نلقي الضوء على ما نحن عليه وبالذات (العراق) نلاحظ ان الجمود العقائدي والفكري التاريخي منه والحاضر نلاحظ ان سياسة تلك الطرق والسبل الكهنوتية كانت اكثر ازدواجية اذ تجسدت هذه الكهنوتية بالفكر السياسي واصبح كل من الكاهن والسياسي صنوان واحد.
فالكاهن بعقليته وموروثه يجسد حالة ابدية من الوجود فهو يمتص الحياة وكانه هو المخلوق الانفرادي المؤبد في الحياة وان جلوسه في محل العبادة ووصاياه لا تعلو عليها وصايا وهو الاصدق الامين والفيلسوف والعالم بكل اسس الحياة ينظر بالأشياء كيفما يريد متكأ على وسادة وفراش وثراء لا يشابهه ثراء من خلال برنامجه الذي انزله الرب من اجل الخير والصلاح والفلاح لكنه استأثر بالتفسير الباطني لما يريده هو فأن زنى قال متعه اما غيره فيحكم بالجلد يمارس كل سلطات القمع والعنف والدكتاتورية والزيف وغيره ان جلس على مائدة فيها (كاس بيره) انزل عليها السماء واقعدها. لا احد يستطيع ان يجادل او يحاور ومن اتبع ذلك او خالف فهو ان لم يكن من الخاسرين فهو من الكافرين ومن اصحاب النار والشنار .
واذا قلنا حسناً لا باس فهذا تحت الوصايا الدينية استحوذ على كل شيء فما بال السياسي عندنا.
وها هو عندما يبدأ بالتسلق على قيادة حزبه او وصوله الى السلطة تراه يكون اكثر من الكاهن مبتدا بمن حوله ومن يحيطه ويبدا بغرس كرسيه في الارض حتى لا يهتز قيد انمله وساعة بعد ساعة يقرب من حوله من اولادة واقاربه مشرعا كل شيلاراداته وسلطانه.
ومن حسن حظ كهنتنا وساستنا السذاجه والقبول والرضوخ لافكار هاتين المصيبيتن في المجتمع فتقدم القرابين وتنسج الحكايا عن قدرة هذا الكاهن او السياسي وتبرأت كل منهم ما يدور في الساحة من تخلف وتراجع في كل القيم .
وهذه الحقيقة التي يعلمها الجميع لكنهم لا يمتلكون ثقافة الرفض والرد للانقاض عليهما واسترجاع ما هو مدني متحرر من تبعية وموروث هؤلاء.
وان الدين لغة خير ومحبة وسلام وان السياسة هي خدمة المجتمعات ونهوضها ولذلك فانه لا يمكن ان تخلوا المجتمعات من هؤلاء ان كانوا يحملون لنا بشائر الخير اما اذا كان الكهنة والساسة هم سراق الحياة وظلامها الدامس فنحن امس بالثورة المضادة كي نطهر الوطن من هذه الحثالات التي جعلت من العراق نار الارض قبل يوم الحساب.