مما لاشك فيه ان افه الفساد ليست بجديده على واقع البشرية عموما ، وتعدد انواع الفساد يتزامن مع نشأة وتطور الجنس البشري نتيجة التلازم بين الفساد والبشر . كما عبر الباري عزوجل جل جلاله بقوله تعالى ( ظهر الفساد في البر والبحر ) .
فما هو الفساد وما مصطلحة ؟
الفساد اصطلاحا مشتق من كلمة ( فسد ) في معاجم اللغة ضد صلح ، والفساد لغه هو البطلان ، فيقال فسد الشيء اي بطل واضمحل .
ويعرف الفساد بأنه شكل من اشكال خيانة الامانة او الجريمة التي يرتكبها شخص او منظمة او حكومة او دولة يعهد اليها بمركز سلطة ، وذلك من اجل الحصول على مزايا وامتيازات غير مشروعة او اساءة استخدام تلك السلطة لصالح الفرد .
كما يمكن للفساد ان يشمل العديد من الانشطة التي تتضمن الرشوه والاختلاس ، ويحدث الفساد السياسي عندما يتصرف صاحب المنصب المنصب فيه او اي موظف حكومي بصفة رسمية لتحقيق مكاسب شخصية خاصة .
والفساد يكون اكثر شيوعا في المجتمعات الكليبتوقراطيات اي ( حكم اللصوص ) والاوليغارشية اي ( حكم الاقلية ) كما في دول المخدرات ودول المافيا .
ويتمحور الفساد حول عده اسباب يمكن حصرها بتدني مستويات الديمقراطية وضعف المشاركة المدنية وغياب الشفافية ،فأن بزوغ الحالة البيروقراطية وهياكل ادارية غير فعالة ، وتقييد حرية الصحافة ، اضافة الى وجود الانقسامات العرقية والمحسوبية والمنسوبية وعدم الاسقرار السياسي ،و انخفاض مستوى التعليم وتدهور الحالة الاجتماعية والاقتصادية .
جميع هذه الاسباب تكون عوامل مساعده لتفشي حالة الفساد في اي دولة كانت .
الا ان هنالك فرق بين فساد الدولة ودولة الفساد ، فما هو الفرق بين دولة الفساد وفساد الدولة ؟
فساد الدولة :-
هي الممارسات الغير قانونية من قبل افراد او جماعات مستغلين وظائفهم ونفوذهم داخل المؤسسات الحكومية من اجل منفعة شخصية على حساب الصالح العام ، وهذه الاعمال هي مما تعد جرائم يحاسب عليها قانون الدولة اي كان مرتكبها .
وهذا النوع من الفساد يحصل في اغلب الدول بالعالم ولكن تكون نسب الفساد متفاوته من دولة لاخرى حيث يشهد الفساد انخفاضا كلما عملت الدولة على تطبيق سياسة واضحة المعالم في سن القوانين والتشريعات التي من شأنها تكون رادع قوي للفاسد مقابل ذلك ثقافة ووعي الشعب في ممارسة دوره التضامني بين الشرائح والمكونات للدولة من اجل الصالح العام .
وترتفع نسب الفساد ارتفاعا تصاعديا ملحوظا دون معالجة اذا اصبحت الدولة مترهله في قوانينها الادارية التي تتيح للفاسدين ارتكاب جرائمهم مع غياب نفوذ امانه سلطة تطبيق القانون على الفاسد من قبل الجهات الحكومية لينال العقاب وفق الجرم المرتكب ، وكلما ارتفع معدل الفساد في اي دولة فأنها تتحول تدريجيا لتكون تلك الدولة دولة فساد .
دولة الفساد :-
هي الدولة التي يستحوذ عليها الفساد ويتجذر بها ليكون مشرعن ومقنن ، وهذا يحصل نتيجة عمل مأدلج من قبل منظمات وتيارات حزبية سياسية ، تمارس كل عمل من شأنه ان يضعف هيبة الدولة لتكون تلك الجهات السياسية هي الاكبر من الدولة .
فعندما تكون الاحزاب والتيارات السياسية بوجودها هي اكبر من الدولة نلاحظ ان كل الاعمال الاجرامية والافعال المفسدة ترتكب دون رادع او خوف من الطرف او الفرد الفاسد دون محاسبة ، مما يتيح ويجعل الباب مفتوح على مصراعيه لكل موظف في الحكومة ان يطمع و ينتهج نفس نهج الجهات السياسية في التربح والتكسب الغير شرعي مما يضفي سمه الفساد على الدولة ليكون الفساد فيها مشرعن ومقنن وفق منهجية غياب عقوبة التجريم .
فأن في دولة الفساد الجهات الرقابية فيها هي بحاجة الى رقابة كونها اساسا هي فاسده فيصعب معالجة الفساد.
ان عمليات السرقة والاحتيال والجرائم والرشى التي ترتكب جميعها محمية بغطاء يظفى عليه قانونية العمل من قبل تلك الجهات السياسية التي بسطت نفوذها على كل مفاصل الدولة لتحل وتكون البديل عن الدولة في تطبيق القوانين لتشكل العمق للدولة حتى شكلت الدولة العميقة ليكون الفساد سمتها الابرز مما ينطبق عليها اسم دولة الفساد .
وبالتالي ينعكس هذا الفساد على حال الشعب ليكون جزء منه ومن ثقافته وهو ما يعطي سلوكا في منهجية على عمل دولة الفساد المرضي عنها والمؤيده من قبل الشعب .
فان الفساد اصبح ظاهره عامة غير منهي عنها انتهجتها الدولة ليعم ويظهر الفساد في كل مفاصلها وقطاعاتها حتى اصبح الفساد فيها جزء اساسي في تكوين دولة الفساد .