18 ديسمبر، 2024 9:02 م

دولة الخرافة بين داعش والبارزاني

دولة الخرافة بين داعش والبارزاني

دولة كردية برزانية على غرار الدولة التكريتية الصدامية، هذا هو الحلم الذي طالما راود البارزاني، عندما سقط ثلث العراق، وأعلن البغدادي دولة الخرافة الداعشية، أعطى دافعا كبيرا للبارزاني ليبدأ ويبوح عن فكرة دولة الخيال البرزانية، في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد، استغل أنشغال الدولة بحرب داعش ليعلن حربه الخاصة، بحلم الانقسام، ليكن هو وداعش والبغدادي في خندق واحد، ضد وحدة العراق.
ظروف صعبة تمر بها البلاد، جعلت مسعود ينفذ لأسرائيل، وللدول الأوربية والأمريكية ما يرغبون به في جولة قام بها مؤخرا، ليسمحوا له بصناعة دولة تتبرع بكل خيراتها من نفط وتجارة وغير ذلك للعم سام، بمجرد حصوله على كرسي الخلافة، الحرب مع داعش جعلت منه يخطو خطوات خاطئة، بأعلان الخصومة مع بغداد، وهجومه على الشيعة واصفا نفسه بأنه هو من أوصلهم إلى الحكم، بعد أن اباد الأكراد في الأنفال وحلبجة ذلك الملعون صدام حسين، رأينا البارزاني مسعود يدخل إلى صدام مبتسما مصافحا له يهم بأن يأخذه بالأحضان كأنه يشكره على قتل وإبادة شعبه الكردي المظلوم.
الدكتاتورية البرزانية، بدأت تطغى حتى على شركائه في الإقليم، من باقي الأحزاب والحركات الكردية، حيث بدأ يفرض رأيه عليهم ولا يقبل أي رأي آخر، فالحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة البارزاني هو المتصدي الأول لكل مخططات الفتنة والكذب، لحياكة المؤامرات التي تصنع منه المطالب الأول بحقوق الأكراد، فبعد تدهور حالة زعيم حزب الإتحاد الكردستاني جلال طالباني الصحية، وابتعاده عن الساحة السياسية الكردية، استغل البارزاني هذا الواقع السياسي الكردي الجديد، ليتفرد بقراراته على باقي الحركات والأحزاب السياسية الكردية، فلا يوجد اي منافس له في الساحة السياسية بعد جلال طالباني.
تفرد وعنجهية مسعود البارزاني، وتصفيته لكل خصومه السياسيين في الإقليم، ليس عن طريق التصفية الجسدية، التي استخدمها قليلا لشخصيات كردية مهمة، لكنه أستخدم أسلوب التسقيط السياسي، وأن كل معارضيه خونة، وأعداء للقضية الكردية، لذلك بدأ بأستخدام القوة والردود الغير عقلانية على كل منافسيه في الإقليم، فهناك الكثير من الحركات والشخصيات السياسية الكردية المعتدلة، التي ترفض فكرة الإنفصال، بأعتبار ان هذه الفكرة ستجر المنطقة إلى انقسامات وحروب داخلية أشد من حروب الإرهاب، وسيصبح الإقليم ساحة لتصفية الحسابات، ومعارك مخابراتية تدوم طويلا، وكلنا يعلم بأن الإقليم لا طاقة له على تحمل هكذا مؤامرات دولية واسعة.
الشعب الكردي، هو جزء لا يتجزء من العراق، وهو من يتحمل هذه المسؤولية الكبيرة المناطة على كاهله، فيجب عليه أن يتصرف كباقي أبناء الشعب العراقي، ويحافظ على وحدة هذا البلد، فأن أي فكرة تراودهم عن الإستفتاء، من اجل استقلال الأكراد إنما هي فكرة بل خطوة لأستغلالهم وأستغفالهم من قبل مسعود وحزبه الطامع بالتسلط على رقابهم، وتأسيس مملكة مسعودية برزانية يتوارثها الأبناء عن الآباء كعائلة آل سعود في الحجاز، لا بل ستتهاوى وتسقط هذه الدويلة المزعومة في دوامة الصراع السياسي العالمي في الشرق الاوسط.
الحكومة المركزية في بغداد، تتعاون مع الإقليم بشكل مستمر، وتقدم لهم نسبة 17 % من الموازنة العامة، التي تعتبر شريان الحياة بالنسبة للأقليم، وسأنقل لكم واقع الحياة في الإقليم من قبل خبير اقتصادي، يخبرنا ماذا حدث عندما قطعت هذه النسبة عن الإقليم في بعض الفترات في زمن المالكي، حدث شبه توقف تام للحياة هناك، قطعت رواتب الموظفين، توقفت الشركات عن العمل، هروب الناس خارج الإقليم، خصوصا التجار وميسورين الحال، أما الناس اصحاب الدخل المحدود فمنهم من ذهب لبيع سيارته، والآخر قام ببيع اثاث منزله، وهكذا هي الحياة في الإقليم خلال فترة قصيرة قطعت عنهم هذه النسبة البسيطة من الموازنة العامة.
اغلب الاخوة الخبراء الأكراد يرفضون فكرة الإستفتاء، ويعلمون بصعوبة الحياة بالنسبة للأقليم، في حال الإنفصال، الذي هو أمر مستحيل، فكما ذكرنا سابقا أن الإقليم يعتمد على الحكومة المركزية في بغداد في دعم اقتصاده، فلا يخفى علينا أن بغداد لن تقطع الدعم عن الإقليم في حال الإنفصال وحسب بل ستحاصر الإقليم اقتصاديا، بمساعدة أكثر الدول المجاورة للعراق، والتي أغلبها ترفض وبشدة هذا الإنفصال، الذي يضر بالمنطقة وسيدخلها في دوامة من الانقسامات والصراعات السياسية، فضلا عن الصراعات والحروب الطائفية والمذهبية والقومية.
يتضح لنا مما سبق أن لا خيار لدى الاخوة الاكراد سوى الحفاظ على وحدة العراق، التي هيّ مصدر قوة لهم من جميع الجوانب، سياسيا وأقتصاديا وأجتماعيا، حيث ان حلمهم بالانقسام مجرد وهم، لا يوجد فيه سوى حقيقة واحدة، هي الدمار والحروب التي ستطال الإقليم، وكذلك تصفية الخصوم لحساباتهم في ساحة ستكون متاحة للجميع، بحكم انها تكونت في واقع مخالف لطموح المنطقة بالاستقرار والهدوء، بعد التخلص من داعش والدمار الذي تسبب به، مما يتحتم على الأخوة الأكراد برفض غطرسة البارزاني وطموحه ببناء مستعمرة يكون العبيد فيها هم الأكراد أنفسهم.