18 نوفمبر، 2024 2:56 م
Search
Close this search box.

دولة الحرامية الإسلامية

دولة الحرامية الإسلامية

دولة الحرامية الاسلامية أقيمت في العراق بعد عام 2003  من مجموعة أحزاب كانت تسمي نفسها ( إسلامية ) ، وقد عقدت لها اجتماعات عدة في لندن وواشنطن قبل سقوط النظام في العراق برعاية بريطانية أمريكية لاقامة  (دولة الحرامية الاسلامية ) ، ومنها مؤتمر لندن عام 2002 ومن ثم استكملت الولايات المتحدة  الخطوة بقانون ( تحرير العراق ) من نظامه السياسي عام 1998.
وتضم دولة الحرامية الاسلامية التي اقيمت بعد عام 2003 كل من أجنحة حزب الدعوة الاسلامية وفيلق بدر والمجلس الاعلى وحزب الله العراقي المرتبطة بإيران والحزب الاسلامي، الذي كان يعرف بـ ( حركة الاخوان المسلمين ) المرتبطة ببريطانيا وامريكا،  واضيفت لها شخصيات وقوى صغيرة كانت تسمى ( علمانية ) او ( ملحدة ) مثل الحزب الشيوعي العراقي وشخصيات وقوى ديمقراطية لم يكن لها كيان سياسي معروف عدا الحزب الشيوعي العراقي ، ذي التاريخ المعروف، ورغم انه متهم من الاحزاب الاسلامية بأنه ( حزب ملحد ) الا انه تم قبوله بالانضمام الى صفوفها لاقامة ( دولة الحرامية الاسلامية ) ، بضغط امريكي بريطاني ، حتى ( تكمل السبحة ) كما يقال في المثل العراقي وتقام ( دولة الحرامية الاسلامية الديمقراطية) .
وتاريخ هذه القوى جميعا معروف فهي أحزاب نشأت خارج العراق اما في ايران في زمن الشاه في الستينات مثل حزب الدعوة العراقي الذي لم يترك الشاه مناسبة الا وقدم لهذا الحزب الدعم الكبير ، بل وخصص له اذاعة من طهران توجه برامجها الى العراق منذ السبعينات وقبل مجيء الخميني بعدة سنوات ، وأخرى تاسست في  الثمانينات في زمن الحرب العراقية الايرانية مثل المجلس الاعلى وفيلق بدر وحزب الله العراقي المدعومة كليا من ايران وتحت رعايتها.
وهدف الغرب عموما من اقامة دولة اسلامية في العراق انذاك هو تجميع كل القوى العراقية المسيرة بأوامر طهران ولندن وواشنطن لإقامة مثل هذه الدولة وتشجيع سرقة ممتلكات الدولة العراقية ونخر كيانها ونهب اموالها واستباحة حرماتها فوجدت في بعض المتعطشين للسلطة من هذه القوى فرصة ان تقدمهم للعراقيين على انهم ( البديل  الجديد ) لدولة العصابات الاسلامية، اذ كانت كل هذه القوى محكوم عليها بالاعدام منذ الخمسينات والستينات مثل حركة الاخوان المسلمين ( السنية ) وحزب الدعوة وبقية الاحزاب الدينية( الشيعية ) التي تتخذ من طهران منطلقا لعدوانها على العراق.
ويتذكر العراقيون ان اول بواكير الاعمال الارهابية في منتصف السبعينات قام بها حزب الدعوة في العراق واستهدف اشخاصا ومؤسسات عراقية، ومن ثم نشطت اعماله الارهابية في الثمانينات اذ قام بالعديد من عمليات التفجير في مدن العراق وبخاصة في بغداد مثلما يقام اليوم من اعمال تفجير ، وكانت هذه العمليات الارهابية تجري بتوافق سوري ايراني انذاك ، وبدعم غربي ، لأن بين النظامين العراقي والسوري أنذاك في الستينات والسبعينات  تاريخ طويل من ( العداوات ) ، رغم انهما من نفس الفصيلة ويسميان نفسيهما ( حزب البعث العربي الاشتراكي ) واهدافهما ( وحدة وحرية واشتراكية ) وهي نفس اهداف الحزبين في سوريا والعراق وتوجهاتهما واحدة لاتختلف عن بعضها البعض،  لا في اسلوب الفكر ولا في القيادات، اللهم الا فيمن يمثل الحزب، وكل يدعي ان جماعة ما هي التي انشاته وهي الممثل الحقيقي له ، وبقي بينهما تاريخ طويل من العداوة امتد لعقود.
وكات طهران في زمن الشاه تسمي ( حزب البعث العراقي ) بـ ( الحزب الكافر) أما ( حزب البعث السوري ) ، فغير مشمول بهذه التسمية كونه كما يبدو كان بدرجة ( مؤمن فني ) ثم جاء الخميني ليتهم البعث بنفس التهمة التي القاها شاه ايران على حزب البعث العراقي واطلق عليه ( الحزب الكافر ) اي ان الشاه سبق الخميني في اطلاق هذه التسمية على البعث العراقي، بينما من وجهة نظر الخميني وقادة السلطة الحالية ( مؤمن ) كونه ( علويا ) رغم ان من جاء بالبعث الى العراق هم من الشيعة وليس السنة وكان سعدون حمادي من الناصرية اول من أسس خلية للبعث في العراق.
أما كيف توافق الحزب الشيوعي العراقي الذي كان يطلق عليه هو الاخر بـ ( الحزب الملحد ) مع (الاحزاب الاسلامية) القادمة من لندن وطهران وامريكا فهذه تحتاج الى وقفة ، اذ لاتربط بين الحزب الشيوعي العراقي مع الاحزاب الدينية اية رابطة، وتاريخ الحزب الشيوعي العراقي معروف انه مدعوم من الاتحاد السوفيتي السابق ومن ثم روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1979 بعد تورطه في افغانستان، وقد ورطه الغرب في دخول هذا البلد الفقير ، ودخل الروس في ورطة انذاك خرجوا منها خاسرين لأمبراطوريتهم بعد ان فككها الغرب بحرب افغانستان التي كلفت موسكو الكثير من الخسائر والنفقات والتكاليف الباهضة، مثلما تورطت امريكا في افغانستان والعراق وخسائرها الفادحة من اجل ارضاء عيون اسرائيل، التي راحت تمرح وتسرح في العراق ودول المنطقة بعد ان اسقطت امريكا انظمتها الواحدة بعد الاخر في مسلسل انهيارات عربي، بسبب ممارسات الانظمة العربية وعدم احترامها لشعوبها ، الى ان اسقطتها بالطريقة المعروفة كونها كانت تقف ضد الطموحات الامريكية بالاستيلاء على ثروات المنطقة، وقد استغلت حكمها الدكتاتوري لتدعي انها تريد اقامة انظمة ديمقراطية ، ولا ادري كيف تقام انظمة ديمقراطية تحت رعاية أحزاب تدعي انها ( اسلامية ) والاسلام لايؤمن اصلا بالديمقراطية لا من قريب او بعيد، ان لم تكن لديه نظريات تختلف تماما عن توجهات الغرب ولا تلتقي معه لا في الرؤى ولا في الاتجاهات.
 وما ان استلمت الاحزاب الاسلامية الحكم في العراق حتى عاثت في الارض خرابا، إذ لم تبق من ثروات العراق الا ونهبتها وشجعت دولا اخرى على سرقتها وبمعونة منها ، أي انها شجعت على تفكيك دولتها العراقية، ومن ثم تركت السراق والحرامية واللصوص من اقطابها ينهبون ويقتلون ويسرقون وقيمون دولة ارهابية على تخوم دولتهم التي انهارت بعد سقوط النظام بفعل هجوم عسكري غربي اسرائيلي اشتركت فيه ثلاثين دولة بحجة ( تحرير الكويت ) من ( الاحتلال العراقي ) ، ومن ثم انخرط قادة الدولة الجديدة في اعمال انتقامية فيكما بينهم وامتدت حربهم الى الشعب العراقي ، وحولوا بلدهم الى أفقر بلد في العالم رغم انه يضاهي ثروات كل دول العالم امكانات وعقول متفتحة وثروات جمة، كان بامكانها ان تقيم دولة عظمى لو كانت هناك احزابا عراقية حقيقية تؤمن بوحدة العراق وانتمائه العربي وبحضارته التي تمتد لعشرات من القرون ، واذا بمعالم هذه الحضارة تنهب على مرأى ومسمع من ( الاحزاب الاسلامية ) وبمباركة منها، فكيف يقبل الاسلام ممارسات ان تشجع عدوك على نهب ثرواتك واستباحة دماء شعبكم وتمريغ انوفهم في وحل الاحتلال والسرقة واعمال القتل والترويع التي تتسع نطاقها تحت حرب ( طائفية ) هذه المرة، تلك التي أججتها منذ اقامة هذا النظام الذي سيطرت عليه العصابات والحرامية لتنهب وتسرق وتقتل وتعيث في الارض خرابا ودمارا.
أما ( دولة العراق الاسلامية ) فهي من نفس الصنف الذي أقامه الامريكيون في العراق، فهم أي الامريكان والبريطانيون هم من أقاموها، ليحاربوا بها نفس الفصائل التي ورطوها في السلطة، وبدأت على أثرها ( الحرب الطائفية ) وبتشجيع وتحريض وبمباركة ايرانية طبعا، حتى ان طهران نفسها اقامت فصيلا من فصائل (القاعدة ) ولكن على الطريقة الايرانية لتكتمل ( السبحة ) مرة اخرى وتندلع حروب طائفية بين العراقيين يتقاتلون فيما بينهم وما يجري في العراق الان هو مثل دامغ على تآمر امريكي بريطاني غربي ايراني لاقامة ( دولة الحرامية الاسلامية) والتي حولت كيان الدولة العراقية الى آثار دارسة لم تبق لدولتهم من معالم وضاع دم ابناء الشعب العراقي بين القبائل والطوائف.

أحدث المقالات