23 ديسمبر، 2024 1:50 ص

دولة الإنسان منطلقاتها ومطلوبيتها وخطوات التنفيذ ح7 حفظ الكرامة

دولة الإنسان منطلقاتها ومطلوبيتها وخطوات التنفيذ ح7 حفظ الكرامة

نكمل قراءتنا فيما جاء في الخطاب الفاطمي الحادي عشر للمرجع اليعقوبي فبعد أن تحدثنا في الحلقة السابقة عن ” أثر التكريم في التربية ” نتحدث في هذه الحلقة عن “حفظ الكرامة”، فنقول:نص ما جاء في الخطاب الفاطمي عن الموضوع :”وهذه الكرامة للإنسان هبة من الله تعالى وإن الإنسان قد يحافظ عليها ويعطيها حقها، وقد يستخف بها ويتنازل عنها قال تعالى: (وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ)(الحج:18) لذا على الإنسان أن يحفظ كرامة نفسه وأن يحفظ كرامة الآخرين بنفس الدرجة، فليس له أن يتنازل عن كرامته أو أن يذل نفسه أو أن يتخلى عن حقوق الإنسانية، في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إن الله تبارك وتعالى فوَّض إلى المؤمن كل شيء إلا إذلال نفسه) وعنه (عليه السلام) قال: (لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه) فقيل له: وكيف يذل نفسه؟ قال (عليه السلام): (يتعرض لما لا يطيق)، وفي رواية أخرى (يدخل فيما يُعتذر منه). ويوصينا الأئمة (عليهم السلام) دائماً بحفظ كرامتنا وعزتنا والترفع عن فعل ما ينافيهما وإن بدا محبباً إلى النفس وموافقاً للشهوات، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (أكرم نفسك عن كل دنية وإن ساقتك إلى رغبة، فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضاً، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً)” انتهى.تحدثنا في الحلقة السابقة عن أثر التكريم في التربية وما يمثله من حافز في تصحيح المسار واليوم نتحدث عن حفظ الكرامة وما يعنيه وكيفية ذلكلم يخول الإنسان بإهدار كرامته وطولب بحفظها والأدلة على ذلك في النصوص الشرعية كثيرة منها ما ذكر في نص الخطبة الفاطمية ” عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إن الله تبارك وتعالى فوَّض إلى المؤمن كل شيء إلا إذلال نفسه) “، وعدم التخويل هذا مؤشر واضح على أهمية الكرامة الإنسانية بحيث إنه حتى صاحبها نفسه لم يخول بإهدارها!وليس هذا وحسب فلم تطالب النصوص الشرعية الإنسان بحفظ كرامة نفسه فقط بل بنفس المستوى طالبته بحفظ كرامة غيره، من مؤمن أو غير مؤمن فمما جاء بخصوص المؤمن: عن ضرار بن ضمرة، قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم يوصي كميل بن زياد ويقول له: يا كميل ذب عن المؤمن، فإن ظهره حمى الله، ونفسه كريمة على الله، وظالمه خصم الله، وأحذركم من ليس له ناصر الا الله.وعن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قال الله عز وجل: قد نابذني من أذل عبدي المؤمن.وروي إن رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى الكعبة فقال: مرحبا بالبيت ما أعظمك، وما أعظم حرمتك على الله، والله للمؤمن أعظم حرمة منك، لأن الله حرم منك واحدة، ومن المؤمن ثلاثة: ماله، ودمه، وأن يظن به ظن السوء.وعن الامام الرضا عليه السلام قال: إن أبا جعفر الباقر عليه السلام استقبل الكعبة وقال: الحمد لله الذي كرمك وشرفك وعظمك وجعلك مثابة للناس وأمنا، والله لحرمة المؤمن اعظم منك. وغير ذلك من النصوص الواضحة.ولم يقتصر الأمر على المؤمنين فقط وإنما شمل غيرهم وإنما كان التركيز على المؤمن باعتباره المصداق الأوضح للقرب فالناس أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق كما هو المروي عن علي عليه السلام.بل حتى العدو فقد سبق الإسلام كل التشريعات والاتفاقات التي نظمت الصراع مع العدو أو قننت لذلك من تعامل إثناء الحرب وما ينتج منها من أسرى وغيرهم.فالنصوص واضحة في المنع من إذلال كل أحد والتجاوز على الكرامة الإنسانية.أما كيف يحفظ الإنسان كرامته؟ فبالالتفات إلى ما ذُكر فعن الصادق عليه السلام-كما ذكر في نص الخطبة- قال: (لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه) فقيل له: وكيف يذل نفسه؟ قال (عليه السلام): (يتعرض لما لا يطيق)، وفي رواية أخرى (يدخل فيما يُعتذر منه).هذا في تعامله مع غيره، أما في تعامله مع المغريات عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (أكرم نفسك عن كل دنية وإن ساقتك إلى رغبة، فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضاً، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً) فالحرية هنا لا كما يروج لها بأن الحرية في التصرف بمعزل عن المبادئ فهذه حرية مذلة بل الحرية هي في مواجهة الرغبات وكبح جماح الشهوات وإكرام النفس عن كل دنية.فحفظ الكرامة-للنفس وللغير- إذن ليست مجرد رأي بل هي واجب شرعي لم يخول أحد بمخالفته ولم يُعطى الرخصة في ذلك.