23 ديسمبر، 2024 11:38 ص

دولة الإنسان منطلقاتها ومطلوبيتها وخطوات التنفيذ ح4 مظاهر التكريم 

دولة الإنسان منطلقاتها ومطلوبيتها وخطوات التنفيذ ح4 مظاهر التكريم 

نكمل قراءتنا فيما جاء في الخطاب الفاطمي الحادي عشر للمرجع اليعقوبي فبعد أن تحدثنا في الحلقة السابقة عن ” تفاوت درجات التكريم ” نتحدث في هذه الحلقة عن ” مظاهر التكريم “، فنقول:نص ما جاء في الخطاب الفاطمي عن الموضوع:”لقد تجلى هذا التكريم في كل أبعاد الإنسان، فجعل جسده (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)(التين:4)، وفي الحديث الشريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (صورة الآدميين وهي أكرم الصور على الله). وزوده بالعقل وأدوات العلم والمعرفة ليبني الحياة ويعمّرها ويطوّرها وينمّيها بينما المخلوقات الأخرى في دورة حياة ثابتة وسلوك واحد من لدن خلقها إلى قيام يوم الساعة. وجعل ما في الأرض في خدمة الإنسان (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ)(الجاثية:13)، وعلّمه كيف يتمتع بالطيبات ويتفنن في صنعها والاستفادة منها. ومن مظاهر تكريم الإنسان إعطاؤه حرية الاختيار والإرادة والقابلية على التكامل والسمو والارتقاء ثم بعث إليه الأنبياء والرسل وأنزل معهم الشرائع الإلهية ليدلّوه على طريق السعادة والفلاح وليستطيع التمييز بين الخير والشر والهدى والظلال، ولتحفظ كرامة الإنسان وحقوقه”. انتهى.تكريم الإنسان من قبل الله تعالى تجلى في مظاهر عدة وفقاً لنص الخطاب ولنا بخصوص هذا الموضوع عدة توضيحات نسجلها وفقاً للبنود التالية:مظاهر التكريم:1-الخلق بأحسن تقويم وفقاً للنص القرآني، أو أكرم الصور وفقاً للنص الروائي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهذا النص الواضح يناقض ما يقول به الكثير من الملحدين وأشباههم الذين يسوقون لتصور معين عن نظرية التطور أو غيرها بما يخدم رفض فكرة “أحسن تقويم”، ولسنا في محل مناقشة ذلك ولكن الغريب إن نفس هؤلاء يدعون لدولة الإنسان ومركزية الإنسان وهذا الرفض لا ينسجم مع هذه الدعوة بل يتناقض معها.2-تزويده بالعقل وأدوات المعرفة، وإن كان هذا متفرع عما ما سبق ولكن له خصوصية لأنه المظهر الأسمى للتقويم الأحسن، فبالعقل كان الإنسان في أحسن تقويم وبه أمتاز عن غيره وبه أصبح مكلفاً مفضلاً.3-تسخير ما في الأرض لخدمته، من نِعَم وثروات مختلفة.4-كيفية التمتع بالطيبات والتفنن في الصنع، وجود الثروات والنِعَم أو الطيبات ترافق مع القدرة على الاستفادة منها والتمتع بها بأدوات مختلفة فهي ليست بممنوعة وكذلك التمتع بها عبر الأدوات الحسية والذوقية متاحاً، إضافة إلى قدرة تطويع وتكييف وتنويع هذه الثروات عبر قدرة التفنن في الصنع التي حبا بها الله تعالى الإنسان دون غيره.5-حرية الاختيار والارادة، الافضلية والتكليف وكل ما سبق جاء مع حرية الاختيار والإرادة وفقاً لمفهوم “لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين الأمرين ومنزلة بين المنزلتين” فمساحة الحرية المتاحة مظهر من مظاهر التكريم لا فسحة للعبث والتلذذ على حساب الآخرين والتكليف، وليتحمل الإنسان مسؤولية نفسه وقراراته.6-قابلية التكامل  والسمو والارتقاء، في أحسن تقويم لا تتقاطع من التكامل والسمو والارتقاء بل هي مظهر من مظاهرها ودليل عليها، فالله سبحانه وتعالى مع خلقه للإنسان في احسن تقويم إلا إنه اعطاء قابلية التكامل والسمو الارتقاء بأدوات مختلفة إكراماً له واختباراً له في نفس الوقت.7-بعثة الأنبياء والرسل، كل ذلك عزز بأدوات خارجية-إن صح التعبير- لاعتبارات كثيرة لا مجال للخوض بها في هذا المختصر وخلاصتها الحاجة لذلك أو بالتعبير القرآني مبشرين ومنذرين.8-إنزال الشرائع الإلهية، ولكي تكتمل صورة هذه الكرامة لا بد من قانون إلهي يحفظها ويوجه الإنسان بالاتجاه الصحيح في علاقته مع ربه ونفسه والآخرين فأنزل الله سبحانه وتعالى الشرائع الإلهية لذلك سنداً وموجهاً للإنسان. أهداف مظاهر التكريم:اتضح لنا الكثير من أهداف مظاهر التكريم أو التكريم نفسه من خلال ما استعرضناه في النقاط السابقة ولكن نضيف إن من أهداف مظاهر التكريم:1-بناء الحياة وتعميرها وتطويرها وتنميتها، فبهذه الأدوات التي عززت التكريم وأكدته وساعدت الإنسان في أداء دوره يمكن بناء الحياة وتعميرها وتطويرها وتنميتها في دورة متغيرة على خلاف حال المخلوقات الأخرى الثابت على صورة واحدة.2-الاستفادة من الطيبات، وبهذه الأدوات أيضاً يمكن الاستفادة من الطيبات كما تحدثنا سابقاً.3-سلوك طريق السعادة، وبهذه الأدوات يمكن سلوك طريقة السعادة وتجنب الشقاء.4-التمييز بين الخير والشر والهدى والضلال، كما ويمكن من خلالها التمييز بين الخير والشر والهدى والضلال، وبالتالي اتباع الخير والهدى وتجنب الشر والضلال.ومن خلال مظاهر الكرامة واهدافها يمكننا معرفة كيفية حفظ كرامة الإنسان وحقوقه.