للإعلام دوراً كبيرا،ً في تغيير قناعات الشعوب، فمن خلاله يمكن نقل الحقيقة إلى الجمهور، أو تضليلها وتحريفها، وتأريخ المجتمع الإسلامي والعربي، يذكر لنا مدى تأثير الإعلام، على أهم المنعطفات التي مر بها العرب والإسلام، مثل تأثيره في معركة كربلاء، وغيرها من الأحداث الأخرى.
قضية الثورة الحسينية، تأثرت تأثيراً مباشراً في الإعلام، ويعد هو من الأسباب الرئيسية، التي جعلت الثورة بهذه الكيفية، فللقارئ أن يتصور، أن الذين كاتبوا الإمام الحسين (عليه السلام) وصل عددهم قرابة ثمانية عشر ألف، وقد أكدوا بيعتهم لرسوله إلى الكوفة، مسلم بن عقيل، حتى بلغ عددهم العشرون ألف، وقد صَلوا خلفه في مسجد الكوفة.
كيف نكث كل هؤلاء بيعتهم؟!الجواب لاينحصر في جانب واحد فقط، كأن نقول الإعلام، ونهمل بقية الجوانب، كخيانة بعضهم، وإغراء بعض آخر بالمال والمناصب وغيرها، لكن الإعلام هو العنصر الفعال، الذي غير مسار الثورة.
عندما تسنم أبن مرجانة إمارة الكوفة، أمر عماله ببث الرعب والخوف فيمن يخالفه، والقرب والتكريم لمن يطيعه، وهنا بدأ الإعلام عمله، فصار جلاوزة أبن مرجانة، يمشون في أسواق الكوفة، فيقولون: من يوالي الحسين، يُقطع عنقه، ويُهدم داره، ويُسلب ما عنده من أموال، هذا جانب التخويف والترهيب، الذي عملوا عليه، مع أن بعض هذه التهديدات، كانت إعلامية فقط، فكيف لهم أن يهدموا دورٌ لعشرون ألف فرد؛ لو بقي المبايعون على بيعتهم؟
الجانب الآخر هو التشويه للحقائق، فكان الإعلام يصور الإمام الحسين(عليه السلام)، على إنه رجل خارج عن طاعة إمام زمانه، ويريد بخروجه هذا شق عصا المسلمين، فهو يطلب السلطة، وهي ليست له، وكانت مقولتهم المشهورة، التي بثوها بين الناس “مالنا والدخول بين السلاطين” فهؤلاء أبناء عم، يتصارعون على السلطة، فما دخلكم أنتم الفقراء بينهم؟
هانئ بن عروة مثالاً، هو شيخ قبيلة مذحج، اعتقله جنود أبن مرجانة، فهَبت عشيرته، وحاصرت قصر الإمارة، فعمل الغدر والإعلام مجددا،ً على إخماد تحركهم، وذلك بسببين: الأول: فساد القضاء؛ حين خرج شريح القاضي، ليوهم عشيرة هانئ، أنه بخير ولا حاجة للخوف عليه.السبب الثاني: هو التضليل والتحريف الإعلامي، فكان الإعلام يخاطب الناس، بأن هذه الحرب حربٌ، على السلطة، والحسين خرج على إمام زمانه!
هذا الإعلام المزيف، عمل اليوم وبعد ألف وأربعمائة عام، بنفس المفاهيم، والرؤى السابقة، فقد رأينا، كيف حول الإرهابيين من عصابات “داعش” إلى ثوار، وراحت قنوات التضليل تهلهل لإجرامهم، ووصف الحشد الذي أُسس للدفاع عن العرض والأرض، بالمليشيات الطائفية والسرّاق! ولم ينته الأمر بذلك؛ بل إن أعلى مؤسسة دينية سنية في العالم، وهي الأزهر، وصفت الحشد الشعبي بالمليشيات الطائفية.
كذلك عمليات الترهيب التي عمل عليها أبن مرجانة، مارستها عصابات “داعش” اليوم، فكان هدفهم بث الرعب في قلوب من يقف ضدهم، فقد اتخذوا من تصوير عمليات إعداماتهم الوحشية، منهجاً لتسلطهم وبقائهم، بين بني أمية وعصابات “داعش” دولة إعلام إرهابية، أسَست لوجودهم، وساعدت في تمددهم.