23 ديسمبر، 2024 5:00 ص

دور غير مناسب لدولة غير مناسبة

دور غير مناسب لدولة غير مناسبة

في وقت يصرخ وزير خارجية النظام الايراني، محمد جواد ظريف بأن نظامه ليس بحاجة لوساطة للتفاوض مع أمريکا، إلا إن وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم الذي سبق وإن أعلن أمام وزير الخارجية الايراني ذاته بأن العراق يعمل للتوسط بين إيران والولايات المتحدة الامريکية، عاد مرة أخرى ليصف التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن عدم نية بلاده شن حرب ضد إيران بالخطوة في “الاتجاه الصحيح” مشددا بأن”موقف العراق واضح وصريح من الأزمة الحالية بين واشنطن وطهران، نحن نريد التهدئة، ومنع نشوب حرب في المنطقة”، ويبدو إن تهافت”الحماس”الواضح جدا لوزير الخارجية العراق والذي هو إمتداد لخط سياسي واضح في العراق بهذا الاتجاه، ليس لايلقى ترحيبا من واشنطن فقط وإما حتى النظام الايراني صار لايکترث به بعد أن وجد إنه غير مجدي وليس له من أي تأثير.
الوساطة بين أية دولتين متخاصمتين يتطلب کون الدولة الوسيطة أن تکون غير منحازة لأية من الدولتين، ولکن هل إن العراق حقا کذلك؟ بل لنسأل وبصورة أکثر وضوحا وأبعد صراحة، هل إن العراق لايخضح للتأثيرات الايرانية وإنه محايد فعلا؟ من الواضح إن إحدى الشروط ال12 التي وضعتها واشنطن کأساس للمفاوضات مع طهران، يتعلق برفض تدخلاتها في بلدان المنطقة والتي کما يعرف العالم کله العراق في مقدمتها، وحتى إن رفض العراق المشبوه والمرفوض للموافقة على قرار مٶتمر القمة العربية الاخيرة في مکة، لم يکن قرارا سياديا عراقيا بقدر ماجسد حقيقة نفوذ وهيمنة النظام الايراني على العراق، وإن المسٶولين العراقيين کما يبدو يتصرفون وکأنهم محايدين ولکن إنحيازهم”الذليل”مکشوف ومفضوح!
الموقف العراقي الهزيل من البيان الختامي لمٶتمر القمة العربي في مکة، والذي جسد تبعية وإنحيازا واضحا ضد الاجماع العربي ضد النظام الايراني، فقد جاءت تغريدات لمحمد محدثين، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، لتوضح خلفية ذلك عندما قال بأن “وقائع القمة أثبتت أيضا أن العراق مازال رهينة بيد النظام الإيراني ومنصة لتصدير الإرهاب والتطرف من خلال رفضه للبيان الختامي للقمة، الذي شدد على إدانة ممارسات طهران الإرهابية وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول.” وأضاف إنه” بعد حرب عام 2003 التي أسقطت النظام العراقي السابق، وفتح أميركا أبواب العراق على النظام الإيراني، فقد تمكن هذا النظام من “احتلال” العراق وجعله عمليا منصة لزحفه في المنطقة. ونوه محدثين بأنه طالما لا يتم إخراج النظام الإيراني من العراق وعدم تدفيعه ثمن اعتداءاته، فهو سيواصل ممارسات مرفوضة، مثل التي قام بها من خلال تفجير ناقلات النفط الإماراتية وأنابيب النفط السعودية.”، وخلاصة القول والکلام، فإن دور الوسيط الذي يسعى العراق حاليا للإضطلاع به لايناسبه إطلاقا، لأنه أساسا يخضع للنفوذ والهيمنة الايرانية وعلى المسٶولين العراقيين أن يکفوا عن لعب دور”الغشيم” بهذا الصدد ويتصرفوا بواقعية وصدق وشفافية ازاء هذه الحقيقة المرة!