12 أبريل، 2024 7:47 م
Search
Close this search box.

دور المرجعيات الدينية في تفعيل ارادة الشعب العراقي وتحريك الرأي العام لمطالبه

Facebook
Twitter
LinkedIn

لهذه الأسباب لن تتكرر الثورة الشعبية المصرية في العراق/3- حرية الارادة الشعبية
هل يمتلك الشعب العراقي حرية التعبير عن الارادة واتخاذ المواقف
اظهر الشعب المصري خلال السنوات السابقة قدرة فائقة تكاد تفتفدها الكثير من الشعوب في مجال التعبير عن ارادته واظهار رغباته وتحديد مواقفه وبقوة تجاه الحكومات المسيطرة فقد اسقطت الارادة الشعبية حكم الرئيس الاسبق حسني مبارك واسقطت حكم الرئيس السابق محمد مرسي الذي يمثل جماعة الاخوان المسلمين القوية في مصر وتم ذلك بتظاهرات واعتصامات مليونية شاركت فيها مختلف شرائح المجتمع المصري .ولم تكن هذه الملايين منضوية تحت راية واحدة ولا منتمية الى حزب او تيار سياسي واحد مما يدل على ان المحرك الرئيسي لها هو الارادة الشعبية الحرة الفاعلة التي لم تستطع مختلف الضغوط والتوجهات احتواءها والمعبرة عن معاناة الشعب المصري وطموحه في التحرر من كل اشكال التسلط .وقد ساهم في صياغة هذه الظاهرة طبيعة تكوين الشعب المصري ونوع الاواصر القائمة بين عناوينه المختلفة ورموزه المتعددة من جهة وعامة الشعب من جهة اخرى فالازهر الذي يعد مؤسسة دينية مرجعية لمذاهب اهل السنة والجماعة ويمثل خطا معتدلا ضمن هذه المذاهب شارك الشعب المصري في الثورتين على الرئيسين المخلوعين عن طريق اصدار البيانات التي تعبر عن مواقفه وترفض الظلم وتدعو الحكومات للاستجابة لمطالب الشعب وتسانده في تظاهراته واعتصاماته وقد اظهرت الاحداث والازمات التي مرت بها مصر خلال السنوات القريبة الماضية هذا الدور للازهر الذي اتخذ كذلك موقفا توافقيا في الكثير من المسائل من اجل اخراج مصر من ازماتها ولكنه يتحول الى جانب الشعب المصري في حال فشلت جهود التوافق كمحاولته الاخيرة في عقد حوار بين جماعة الاخوان المسلمين المطرودة شعبيا وعسكريا من السلطة والقوى الاخرى المشاركة في ازاحتها عن الحكم وهذا هو الحد الاعلى المتاح للازهر حسب الواقع الذي يبين بانه مؤسسة ترتبط بنوع ما مع الحكومة وان دورها المرجعي محدد بالافتاء وبيان الراي ولايتعداه الى اكثر من ذلك فهو لايمتلك وسيلة تجبر الناس من خلالها على طاعته واتباعه كما يريد او مهما كانت مواقفه فالمصريون احرار في ان يتبنوا مواقف الازهر او يخالفوها ولايترتب عليهم اثم شرعي في حال عدم اتباعهم له بخلاف المرجعية الدينية الشيعية في العراق التي تمتلك مفاتيح عديدة لتفعيل الارادة الشعبية وجعلها حركة تاريخية مؤثرة في الواقع ومغيرة لمسار التاريخ كما انها تمتلك حدا اقصى يمتد بعيدا عن اطار الحد الاقصى لمؤسسة الازهر . ولكن المرجعية الشيعية العراقية مارست حدها الاقصى لصالح مسار العملية السياسية من خلال دعمها لمشروع الدستور ودعوتها المواطنين لتأييده وكذلك مارست حدها الاقصى من خلال توجيه الناخبين الى قائمة بعينها تمثل التحالف الشيعي في الانتخابات البرلمانية وكانت استجابة المواطنين (الشيعة طبعا) على قدر كبير من الوضوح والتاثير فقد تم تمرير الدستور بالتصويت عليه وفازت القائمة المدعومة من المرجعية باكبر عدد من المقاعد البرلمانية .ولكن المتتبع للعملية السياسية في العراق يلاحظ ان هذه المرجعية لم تمارس دورها في التاثير لصالح الشعب قريبا من الحد الاقصى لما متاح لها مثلما مارسته لصالح قوائم معينة وللحكومة من بعدها فبعد ان تبين فشل الحكومة المدعومة من المرجعية في توفير ابسط ما يطلبه الشعب وبعد ان وصلت رائحة فسادها المالي والاداري الى المريخ وبعد ان ثبت فشل الكتل البرلمانية التي دعمتها في التعبير عن مطالب الشعب ومعاناته ومساعدته من خلال تشريع القوانين التي تعينه على ظروفه وتحسن احواله المعاشية والامنية لم يتعد دور المرجعية اكثر من انتقاد بعض السلبيات والاخطاء في العمل الحكومي من خلال خطب الجمعة بينما هي تمتلك مفاتيح الحل كاملا من خلال فتاوى معينة تستطيع بها ان تحرك الشارع باتجاه المطالبة بحقوقه والضغط على الحكومة .
ويشير الكثير من المواطنين الا ان دور خطب الجمعة التي تقيمها المرجعية هو تخدير الشعب وبالذات الشيعة ممن يرجعون لها في التقليد لانها تربطه بالمرجعية وتؤكد على بقائه تابعا لها وتؤشر بشكل بسيط على بعض اشكال الخلل الحكومي ولم تصدر اي فتوى تلزم الحكومة والبرلمان على اتخاذ موقف معين لصالح الشعب امنيا واقتصاديا فبقيت الحكومة في مأمن من غضب الشعب وضمنت سكوته لانها ضمنت ان المرجعية لن تحركه ضدها فزاد فسادها وكبرت جيوبها وجاع الشعب ورملت نساء ويتم اطفال.
وكان على المرجعية مثلما دعت الناس الى انتخاب قائمة معينة ان تدعو الناس في الانتخابات اللاحقة الى عدم انتخاب من ثبت فشله واصدار فتوى تلزم الذين ثبت فشلهم بعد الترشيح للانتخابات البرلمانية ولاانتخابات مجالس المحافظات لان ترشيحهم وانتخابهم حرام شرعا لانه مخالف لمصلحة الشعب التي هي فوق كل الاعتبارات خاصة وانها اي مصلحة الشعب تتوافق تماما مع ما تريده الشريعة فالبناء الاقتصادي السليم وحسن توزيع الثروات وتوفير فرص العمل والعدالة في الحقوق وتمكين الناس من التعبير عن الراي وحل المشكلات الاجتماعية وخاصة في مجالات السكن والصحة وتقديم احسن الخدمت للمواطنين هو مما يريده الاسلام ولكن الحكومات ابتعدت عنه ولم توفر ولو جزء بسيط منه للشعب المسكين وهذا مما يفترض ان يدفع المرجعيات الى اصدار الفتاوى بحرمة ترشيح الفاسدين وحرمة قبول تسجيلهم في سجلات الانتخابات وحرمة انتخابهم فتكون بذلك قد كافأت الشعب الذي اطاعها بالتصويت على الدستور وانتخاب القوائم المدعومة منها بان تتخذ موقفا الى جانبه وضد الفاسدين من الحكوميين والبرلمانيين … ولكن شيئا من هذا لم يحصل فبقي الشعب في واد والمرجعية في واد …
فهل نحن امام حالة مرجعيات الحكومة ؟!
وهل يجب علينا ان نبحث عن مرجعيات الشعب ؟!
اما المرجعيات السنية في العراق فان دورها كان سلبيا منذ سقوط النظام فقد شعرت بضياع ارث ديني تاريخي يمتد الى مئات السنين وفر لها منزلة معنوية ومادية كبيرة فاتخذت نتيجة لذلك مواقف اضرت باهل السنة قبل غيرهم من مكونات الشعب العراقي فقد منع السنة بفتاوى دينية من الانخراط في صفوف الشرطة والجيش ولم يحصل السياسيون السنة على فتاوى تدعمهم للمشاركة بالعملية السياسية بل على العكس كانت الفتاوى السنية بالضد من مواقفهم ومشاركتهم واستمرت تلك الحال لسنوات الا ان صحوة المواطنين السنة في هذا الاتجاه جاءت بالضد من فتاوى رجال الدين وان كانت متاخرة فبدت الاصوات تتعالى في المناطق التي سيطرت عليها فتاوى التحريم السنية بان تاخذ حقها وحصتها من المناصب في التشكيلات العسكرية وظهر التنافس الشديد في الحصول على مقاعد برلمانية وفي مجالس المحافظات واظهر البعض من القادة السنة تاثيرا وحضورا كبيا في وسطهم الاجتماعي وبرز منهم من اثبت وجوده في مجال بناء محافظته من خلال منصب المحافظ او مجلس المحافظة وظهر لهم خطأ فتاوى التحريم والمنع وعادوا وبكل قوة للمشاركة في العملية السياسية والبناء الحكومي.
ومما يلاحظه المتتبع للاحداث ان تاثير الفتاوى التحريضية ورجال الدين المؤججين للفتنة مازال اقوى في المناطق السنية يقابله تراجع في تاثير المرجعيات الشيعية على الوسط الشيعي وقدرة هذا الوسط على التحرر من المرجعية بشكل اكبر من قدرة الوسط السني على ذلك.
وارجو ان يكون واضحا للجميع بان هنالك مرجعيات معتدلة مارست دورا على قدر امكانياتها الا انه غير مؤثر كما ان المرجعيات المؤثرة مارست ايضا دورا معتدلا في الكثير من الاحيان ولكنني ركزت في ما كتبته على المحاور الرئيسية التي كان المواطن العراقي ينتظر منها مواقف معينة بقيت حبيسة الصدور .
مع كل اعتذاري للقراء الكرام على استخدام الاسماء المذهبية فاني على هذا مكره من باب الواقعية في تناول الموضوع والا فاني لاارى لهذه الاسماء اي ارجحية او احقية شرعية ولا عقلية على الاسلام الصافي ولا على الوطنية الخالصة وارجو قبول اعتذاري فان العفو من شيم الكرام .
الجزء اللاحق من الدراسة : لهذه الأسباب لن تتكرر الثورة الشعبية المصرية في العراق/4- دور المعارضة السياسية
https://www.facebook.com/abdulsattar.alkaabi

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب