في 31 ديسمبر 2022 اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارآ يدعو المحكمة الدولية الى ابداء رأيها في العواقب القانونية للإحتلال الصهيوني غير القانوني للأراضي الفلسطينية , وصوّت الكيان الصهيوني وامريكا و 24 دولة ضد القرار بما في ذلك المانيا وبريطانيا , بينما كانت فرنسا من بين 53 دولة امتنعت عن التصويت .
وفي اعقاب هذا القرار , اصدر قائد الشرطة الصهيونية ليلة امس الثامن من كانون الثاني 2022 وأمام الملأ امرآ بإزالة جميع الأعلام الفلسطينية من المؤسسات والأماكن التي تقع ضمن سيطرتها العسكرية .
بهذا القرار الأخير تأكد ان العدو ومنذ فترة سبقت حادثة اغتيال الصحفية شيرين ابو عاقلة , كان عازمآ على تحسين احتلاله للأراضي الفلسطينية التي تشجّع بقائها بيد الفلسطينيين على فكرة حل الدولتين المقترح من المجتمع الدولي لكي لاتحث بعد الآن الى تبني هذه الفكرة , لذلك فهو يعد العدة على اجراءات مقبلة تجعله لايرى بعد الآن او يسمع اي دعوة تبحث في ذلك .
وفي هذا القرار الذي يعد مقدمة لتلك الإجراءات , يؤكد ان عذره كان ومايزال العمل على انهاء اي انتفاضة او اي عمل تقوم به قوى المقاومة من شأنه تهديد كيانه .
وعلى هذا النمط هي سياسة امريكا الداعمة للكيان من خلال امتناعها عن التصويت لقرار استحصال رأي المحكمة الدولية بخصوص احتلالها للأراضي الفلسطينية , والسياسة المضللة للآخرين لا لسبب الا لأن السياسة العربية قد صممت بفضلها على الضعف والخنوع والانحياز بشكل كبير الى حالة الجمود المغلق المؤدي الى بلوغ القضية الفلسطينية الى حالة النسيان , وهذا يشجع على سياسة الدعم للكيان الصهيوني بكل الوسائل المتاحة .
وامريكا تعرف جيدآ ان سياستها التي فرضتها في المنطقة العربية منذ ان تسلمت عهدة الشرق الاوسط من بريطانيا وفرنسا , هي التي صنعت ذلك الجمود المغلق الذي يمنع العرب من البحث عن الإمكانيات والفرص المتاحة التي تغيّر من نمطية التفكير في ايجاد حل للقضية الفلسطينية , بل انها حرّضت على زيادة عجز العرب من خلال اتفاقات السلام الزائف على الرغم من تعارضه مع القيم الإسلامية والعربية .
لذلك فإن امريكا الشديدة الولع بالكذب الذي يكرّس حالة الجمود المغلق , كلما ترى رغبة سياسية عربية تقترن بقوة عسكرية هنا او هناك تأمرها بتغيير على الأرض فإنها تهرول الى دعوتها الكاذبة الى فكرة حل الدولتين , وفي نفس الوقت تعمل على قمع تلك الرغبة والقوة من وراء الكواليس بأسلوبها المعروف بالإبتزاز السياسي , فهي ترى بأسلوبها هذا ان العرب لن يقدروا على تحقيق حلم تحرير القدس طالما الذي يخالف سياستها سيكون عرضة لتهمة الإرهاب البديلة المهيأة لهم والتي تشعل الحرب التي تطيح بعروشهم .
وعلى الرغم من هذا الخيار الذي تركته امريكا للسياسيين العرب وهو الخيار الأكثر امانآ للكيان الصهيوني , إلا ان علاقاتها السيئة والفاشلة مع الشعوب العربية مازالت متدهورة بسبب ماتحمله الشعوب من قيم ومعتقدات عميقة لاتتفق مع سياستها ومعها الكيان الصهيوني مهما طال الزمان ,
لذلك لاتستبعد امريكا ان حالة الجمود لها حدود وتنتهي بعد سنوات عندما تظل الشعوب العربية متمسكة بها ويكون القدر قد تغيّر ولا منفذ لتحرير القدس وتحقيق الحلم سوى الحرب الشاملة التي تمسح بها الخطايا السياسية القديمة .
والذي سيطل من هذه الإطلالة ويركب مركب التحرير هو الشعب الفلسطيني نفسه الذي تعوّد على اكاذيب امريكا وسياسات الخديعة التي تتبعها مع الكيان الغاصب طيلة سنين , وليس غيره من يبحث عن كُوّة يخرج بها من اسوار تلك السياسات القديمة الى الحرية , وتكون الغلبة لأهل الحق ,
ولابد يتذكرون من خطبة الخليفة ابو بكر الصديق (رض) اثناء ردة العرب واجماعهم وهم ينصحوه على عدم قتال اهل الردة بسبب وفاة الرسول (ص) وانقطاع الوحي والملائكة في القتال مع المسلمين فقال : أإن كَثر اعداؤكم , وقل عددكم , ركب الشيطان منكم هذا المركب ؟!
وحاشا الشعب الفلسطيني ان يركب هذا المركب بسبب قصر اليد وذلّة القادة العرب جراء التطبيع , وهم اهل خبرة وتجارب رغم سيل الحقد والعنف وتجديد الإحتلال وتوسيعه بالقوة العسكرية الجاثمة على صدورهم , فبئس الكيان الصهيوني وكل مايقوم به من احتلال مرتكز على دعم امريكا واوربا العنصرية وبئست امريكا بأكاذيبها في فكرة حل الدولتين , وإن يوم التحرير آت لا محالة .