22 ديسمبر، 2024 1:28 م

دور المجتمع الدولي في تدمير العراق

دور المجتمع الدولي في تدمير العراق

لم نشك ولو بقيد شعرة ، أن ما يسمّى المجتمع الدولي ومنظماته الأممية ، مجتمع منافق حتى النخاع ، يكيل قراراته بمكيالين ، ولكن الصورة إكتملت ونحن نعيش أسوأ عصر من الممكن أن يعيشه بلد ، بلا بنية تحتية ، بلا زراعة وبلا صناعة وبلا تعليم ، فالتعليم صار يعني المال والمال فقط ، وصلنا لحد أنك لا يمكنك تسجيل أولادك في الجامعات والمدارس الحكومية لأنها غير مؤتَمَنة على أبنائنا ، تعليما وتربيةً ، ووصل القسط الواحد الشهري لطالب في بعض المدارس الإبتدائية الأهلية إلى 350 دولار ! ، والجامعات ما يصل القسط الشهري إلى مليون دينار ! ، ماذا يعني إستفحال أزمة الكهرباء ، وتردّي الواقع الصحّي والإتصالات والتلوّث البيئي والتصحر والجفاف ، إقتصاد مهترئ لا هو بالرأسمالي ولا هو بالإشتراكي ، بل نسخة عراقية فريدة من نوعها معوّقة ومشوّهة بإمتياز ! ، فقدنا ثقتنا بأجهزتها الأمنية تماما ، لكون الجهات الأمنية لا تستطيع العناية بنفسها ، خصوصا وقوع ضحايا إغتيال لعناصر من أخطر الأجهزة ، وإلا ماذا نفسّر إختطاف مدير أمن المطار لمدة يومين ، دون المزيد من التفاصيل ! ، ماذا نفسّر وجود عناصر متورطة في الإغتصاب والقتل (لطفل وإمرأة) ، وإغتيال لناشطين ؟! ، كيف سنركن لهذه الأجهزة وإبداء الثقة فيها وهي مختَرقة للنخاع ؟! .

 

قامت أمريكا عند الإنسحاب ، في أيام المقبور (أوباما) ، بتحويل البلد إلى فتات تكالبت عليها دول الجوار ، زمنها تسليم البلد على صفيحة من (تَنَك) إلى إيران ، تفعل به ما تشاء وصارت كلمتها هي العليا ، حتى تدمّر الإقتصاد ، ووصل البلد لحالة من اليأس الشديد ، بحيث لم تعد تنفع معه لا مظاهرات لأنها قُمِعَت بشدة لا نظير لها ، ولا إنتخابات محكوم عليها مسبقا بالتزوير ، صار من الضروري (تدويل) القضية العراقية من قبل المنظمات الأممية بسبب الظلم الذي لا مثيل له ، لولا :

1. منذ بداية الحرب العراقية الإيرانية ، أعطت الجهات “الأممية” لصخب الحرب وأنهار الدم أذن من طين وأذن من عجين حتى سُمّيت بالحرب المنسية ، كيف لا وتجارة الأسلحة كانت في أوج إزدهارها ، حتى وصلت النيران للفرقاطة الأمريكية (ستارك) ، فقرر هذا المجتمع إيقاف الحرب بسبب سقوط بضعة قتلى من الأمريكان !.

2. علينا أن لا ننسى الحصار المجرم الذي سبب لنا المجاعة والأمراض وشظف العيش وهدر الكرامة ، وموت مئات آلاف الأطفال ، ونحن نجترّ خبزا معجونا بالتبن لعقد من الزمان ، تغيّرت فيها أخلاق الناس (وهذا أخطر ما في الموضوع) ، وعلى رأي إبن خلدون: (الشعوب المقهورة تسوء أخلاقُها) ، في الوقت الذي زاد من (تفرعن) النظام آنذاك ! ، ولم تصبه من قرار الحصار الإجرامي ، ولو شظية صغيرة ، وهم –المسؤولون عن إقرار الحصار- يعلمون ذلك جيدا ، إنما كان قرارٌ لمعاقبة شعب مغلوب على أمره ، لا لمعاقبة حاكمه الظالم .

3. عندما بدأت عمليات (عاصفة الصحراء) السيئة الصيت ، كانت البنى التحتية ، أول ما تعرض للقصف الشديد والمتواصل والتدمير الشامل ، ولم تقم لها قائمة لحد الآن بسبب الطبقة السياسية الفاسدة .

4. عند إحتلال العراق ، جائت أمريكا (مقنّعة بالشرعية الدولية) بأسوأ الشخصيات التي لا يمكنك تصورها لقيادة البلد ، من الخونة والمجرمين والعملاء والإمّعات والمنافقين وقطّاع الطرق ، وما كنا لنعرف (شكولاتهم) لولا الإحتلال البغيض ، وأشخاص كهؤلاء ، لا يمكن أن تكون لديهم مَلَكة سياسية –إدارية إلى جانب عقلية الإجرام والسرقة ، فعمّ الفشل والخراب كل مفاصل الحياة ، ثم جعلت من هؤلاء الأقزام ، مبررا للإحتلال بعد ثبوت عدم صحة مبرراتها لشن الحرب ، وكأن هذه الدولة العظمى (امريكا) ، لم تأخذ بتقارير أجهزة إستخباراتها التي لا تُعَد ولا تحصى ، والتي تكلف دولتها المليارات من الدولارات سنويا ، بتكنولوجيا خرافية ، بل أخذ (بوش الأب والإبن ، وبلير ورامسفيلد وتشيني) وغيرهم من السّفلة ، بنصيحة مجرد آباء رغال .

5. تتويجا للسياسة المالية الحمقاء والكارثية ، الخاصة برفع سعر صرف الدولار ، وفي الوقت الذي تعالت فيه أصوات آهات الألم من المواطنين بسبب هذا القرار – الجريمة ، يأتي صوت المديح الوحيد من قبل قبل صندوق النقد الدولي ! ، من إن تصرف السياسة المالية العراقية ، خطوة في الإتجاه الصحيح لتخفيض التضخم ، وصار للبنك المركزي فائضا ماليا ! ، لكنه لم ينعكس إيجابيا ولو قيد شعرة على تخفيف معاناة المواطن ، رغم إرتفاع سعر برميل النفط إلى ما يزيد على 90 دولار ! ، تصوروا أن الحكومة التي تتحدّث عن السيادة والإستقلالية ، صار كل همّها كسب ود (شايلوك العصر هذا) ، ولتذهب الملايين المحرومة إلى الجحيم !.

6. الغريب جدا ، وفي الوقت الذي صارت لغة الصواريخ والمُسيّرات هي الدارجة ، بحيث لم ينجُ منها حتى رئيس الوزراء ورئيس البرلمان ، يصدر قرار أممي من “الأمم المتحدة” ، بشطب العراق من قائمة الدول الأشد خطرا !!.

 

7. أخيرا وليس آخرا ، لا يشك أحد ، بأن الإنتخابات الأخيرة مزوّرة (على الأقل من ناحية تهويل نسبة المشاركين) ، والتي لا تتعدّى 15% ، كيف صارت 43% ؟! ، الله يعلم ، ورغم ذلك سارعت (بلاسخارت) ، وأمريكا والأمم المتحدة ومختلف دول الإتحاد الأوربي ، بمباركة الإنتخابات ، ووصفها بالشفافة والنزيهة ! ، وسط ذهول السواد الأعظم من المواطنين .

 

إنا لله ، وإنا إليه راجعون ..