23 ديسمبر، 2024 1:13 م

دور الشباب في عملية التغيير المجتمعي و تحقيق التنمية

دور الشباب في عملية التغيير المجتمعي و تحقيق التنمية

كلنا يعلم أن حق المشاركة بكافة أشكالها ومجالاتها حق من حقوق الإنسان الأساسية كما جاء في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وهو أداة للتنمية الفعالة وأسلوباً للممارسة السياسية والمسؤولية الاجتماعية والتربوية لأفراد المجتمع، وهي تعطي الإنسان الحق في اخضاع كافة القضايا التي تؤثر عليه وعلى جماعته، للمناقشة وإبداء الرأي.

وحتى يتسنى للمرء أن يعبر عن قناعاته بوضوح وجرأة من موقع الاختلاف مع النظام السياسي القائم، يفترض وجود الديمقراطية التي من خلالها يمكن الحديث عن مشاركة جادة لكل قوى المجتمع بمن فيهم الشباب؛ تحقيقاً لرغباتهم وقناعاتهم وتعبيراً عن الشعور بالانتماء للمجتمع الذي يعيشون فيه.

والأهمية السياسية للشباب تكمن في أن للسن دور كبير في تحديد درجة الاهتمام السياسي، وضمن هذا المفهوم، فالشباب هم القوة السياسية المتحررة والمنفتحة والأكثر راديكالية، والمجتمع الذي يحوز على ثقتهم ويمتلك عقولهم وسواعدهم، فإنه يتقدم بثبات لتحقيق أهدافه سواء أكانت وطنية تحررية أم ديمقراطية اجتماعية.

أن أهم ما يميز الشباب كقوة تغيير مجتمعية:

 -1الشباب هم الأكثر طموحاً في المجتمع، وهذا يعني أن عملية التغيير والتقدم لديهم لا تقف عند حدود، والحزب السياسي أو المنظمة الشبابية أو أية مجموعة اجتماعية تسعى للتغيير السياسي أو الاجتماعي يجب أن تضع في سلم أولوياتها استقطاب طاقات الشباب وتوظيف هذه الطاقات باتجاه أهدافها المحددة.

 -2الشباب الأكثر تقبلاً للتغيير، هذه الحقيقة تعتبر ميزة رئيسية في عالم السياسة الذي هو عالم متحرك ومتغير ويحمل دائماً الجديد، والفكر المحافظ لا يقوى على مسايرة الجديد بل يتعامل معه وفق منظوره المحافظ وبما يعني الفشل المحتوم. بينما الشباب وبحكم هذه الخاصية، فإن استعدادهم الموضوعي نحو التغيير وتقبل الجديد والتعامل معه بروح خلاقة ومبدعة، سيضمن المواكبة الحثيثة للمتغيرات والتكيف معها بشكل سلس دونما إرباك.

-3 التمتع بالحماس والحيوية فكراً وحركة، وبما يشكل طاقة جبارة نحو التقدم، فالشباب المتقد حماسة وحيوية في تفاعله مع معطيات السياسية ومتغيراتها ومع معطيات المجتمع ومتطلباته، هو الضمانة للتقدم بثبات، فيما الحركات السياسية التي لا تحظى بهذه الطاقة الخلاقة، فإنها مهددة بالانهيار والموت أو على أقل تقدير التقوقع والمراوحة في ذات المكان.

 -4العطاء دون حدود حين يكون مقتنعاً وواعياً لما يقوم به، وهنا تبدو المعادلة بسيطة لمن يريد أن يدرك معطياتها، حيث لا تعمل إلا وفق اشتراطين رئيسيين:

الاشتراط الأول، الاقتناع بمعنى احترام العقل والتعامل مع الشباب بمفهوم كياني وليس مجرد أدوات تنفيذ.

الاشتراط الثاني، الإدراك لما يقوم به الشباب، أي الإلمام بالأهداف والاقتناع بالوسائل والطرق الموصلة إلى تحقيق الهدف.

 وفي حال تحقق هذين الاشتراطين الضروريين، فإن عطاء الشباب سيكون بدون حدود، وسيدفع بمسارات العمل بكل إخلاص وتفاني.

  -5الشباب قوة اجتماعية هامة بصفته قطاعاً اجتماعياً رئيسياً في المجتمع، وكسب هذا القطاع من قبل صانعي القرار والسياسيين يعني كسب معركة التغيير.

6- الشباب قوة اقتصادية جبارة، فالعمال الشباب هم الذين ينتجون بسواعدهم والشباب المتعلم بجهدهم الذهني ينتجون ما يحتاجه المجتمع وهم الذين يبنون صرح الوطن ويضمنون منعته وقوته الاقتصادية، ودور الشباب في التنمية الشاملة، دور أساسي ومحوري. وبديهي الافتراض أن التقدم الاقتصادي مستحيل دون تقدم علمي، وعقول الشباب النيرة والمستنيرة هي التي توفر القاعدة العلمية  التي تضمن النجاح والتقدم في الجهد الاقتصادي وفي الجهد التنموي أيضاً.

 -7الشباب عنوان للقوة والفتوة، هاتان الميزتان هما من المتطلبات الرئيسية للعمل السياسي. فالحزب الذي لا يضم في صفوفه الشباب، ولا يجدد عضويته بعناصر شابة ودماء جديدة، سيتحول مع الوقت إلى حزب مترهل وضعيف كمعلم من معالم الشيخوخة، فيما الحزب المتجدد بدماء الشباب في كل هيئاته ومستوياته القيادية والكادرية، سيحافظ على شبابه المتجدد.

ولمعرفة استعدادات الشباب وانخراطهم في العمل المجتمعي سواء أكان نشاطاً اجتماعياً أو سياسياً أو تنموياً، فإن المطلوب معرفة الاحتياجات الأساسية للشباب والعمل على تلبيتها أو أخذها بعين الاعتبار لدى صياغة الخطط والبرامج؛ باعتبارها متطلبات ضرورية يجب إدراكها من قبل المعنيين. مع الإشارة إلى أن مفهوم الحاجات مفهوم نسبي يختلف من مجتمع إلى آخر تبعاً لطبيعة وخصوصيات المجتمع المدني، ومستوى التطور الاجتماعي والاقتصادي. ويتفق المتخصصون في العمل مع الشباب على الحاجات التالية باعتبارها حاجات عامة تنطبق على جميع فئات الشباب وهي:

 -1 الحاجة إلى تقبل الشباب ونموه العقلي والجسمي، حيث يسعى لإدراك ما يدور حوله.

 -2الحاجة إلى توزيع طاقاته في نشاط يميل إليه، وخصوصاً أن الشباب لديه طاقات هائلة وعدم تفريغها في أنشطة بناءة يزيد من حالة الاضطراب والملل والتوتر لديه.

 -3الحاجة إلى تحقيق الذات، بما يعنيه من اختيار حر وواعٍ لدوره ومشاركته المجتمعية وشعوره بالانتماء لفكره، أو مجموعة اجتماعية لها أهداف عامة.

-4 الحاجة إلى الرعاية الصحية والنفسية الأولية، والتي من شأنها أن تجعل من نموه نمواً متوازناً وإلى عطائه ثقافة صحية عامة تمكنه من فهم التغيرات الجسدية في مرحلة المراهقة كمرحلة حرجة.

-5 الحاجة إلى المعرفة والتعليم، لما لهما من دور مفتاحي وأساسي في حياة الفرد، ولكونها توسع الآفاق والمدارك العقلية. وهو حق مكتسب وضروري مثل الماء الهواء في عصر ليس فيه مكان للجهلاء.

-6 تلبية الحاجات الاقتصادية الأساسية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، والتي بدونها سيصبح مشرداً أو متسولاً.

-7 الحاجة إلى الترفيه والترويح؛ فحياة الشباب ليست كلها عمل ونشاط جدي، بل يحتاج الشباب إلى توفير أماكن للترويح ومراكز ترفيهية ثقافية (دور سينما، مسرح، منتزهات، معسكرات شبابية).

 -8الحاجة إلى بناء الشخصية القيادية الشابة من خلال تنمية القدرات القيادية وصقلها للمواهب الواعدة، وهذه العملية لا تتم بقرار إجرائي بقدر ما تحتاج إلى سياسات تربوية مدروسة مقرونة بخبرة عمل ميداني تعزز ثقة الشباب القياديين بقدراتهم وتضعهم أمام الاختيار الجدي.